التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, يونيو 17, 2024

أزمة الشرق الاوسط والفرص والتحديات أمام امريكا 

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ظن الكثيرون ان امريكا هي القوة الوحيدة المهيمنة في العالم، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي تعززت هذه الفكرة، لكن الاحداث التي جرت في بداية القرن الحادي والعشرين كانت تجري في سياق آخر.

ان هجمات 11 سبتمر برهنت ان هناك خطراً جديداً هو الاصولية والتطرف قد عبر البحار وطعن الامريكيين في عقر دارهم ومن ثم تطورت الامور في الشرق الاوسط وبتنا نرى الآن تنظيم داعش الإرهابي والتهديد الذي يشكله لدول المنطقة والعالم.

ان ايديولوجية الرأسمالية التي تقودها امريكا والتي تحتاج الى عدو من اجل بقائها اختارت الشرق الاوسط لتواجدها العسكري فحدثت حربا افغانستان والعراق لكن ما كان الامريكيون يعتبرونه فرصة لهم تحول في بعض الاحيان الى تحدٍ بالنسبة اليهم.

التحديات التي تواجه امريكا في أزمة الشرق الاوسط

ان ادارة الامريكيين السيئة للأزمة في الشرق الاوسط تعرض الهيمنة الامريكية للخطر فحلفاء امريكا في المنطقة مثل الكيان الاسرائيلي يتوقعون بأن تكون نتيجة التدخلات الامريكية في الشرق الاوسط لصالحهم مئة بالمئة لكن عدم نجاح الامريكيين وعجزهم عن اسقاط الرئيس السوري بشار الاسد دفع حلفاء واشنطن الى القيام باعمال من تلقاء انفسهم كما حصل في اسقاط تركيا للقاذفة الروسية ودخول القوات التركية الى شمال العراق.

ان محاربة التكفيريين لنظام الاسد قد زاد من شرعية هذا النظام امام الرأي العام ووضع الامريكيين الى جانب التكفيريين واذا اراد الامريكيون محاربة التكفيريين فانهم سيدعمون الاسد رغما عن ارادتهم.

ويشكل الدخول الروسي الى الحرب ايضا نوعا من الانتقام من الغربيين الذين فرضوا عقوبات على موسكو على خلفية الازمة الاوكرانية وقد زادت دول محور المقاومة وهي ايران والعراق وسوريا وحزب الله بالاضافة الى روسيا عملياتها ضد الارهابيين وهذا لايروق للغرب.

وقد بات اي كلام عن الحل السياسي واجراء مفاوضات حول مستقبل سوريا يستلزم مشاركة دول محور المقاومة وهذا يعني القبول بقوة ودور هذه الدول في المنطقة.

ان حل القضية النووية الايرانية قد اثار غضب الدول العربية العميلة والكيان الاسرائيلي وهناك تحدٍ يواجه امريكا الان وهو الحفاظ على اصدقائها التقليديين وخفض التوترات مع ايران في آن معا.

وقد تسبب غزو العراق وافغانستان بعدم رضا الراي العام الامريكي وان اي قرار بتدخل عسكري اوسع في سوريا يؤدي الى اوضاع صعبة في داخل امريكا ومن جهة اخرى يطالب الاوروبيون امريكا بتدخل اكبر ضد داعش واذا لم يقم الامريكيون بهذا الامر فانهم سيزعجون حلفائهم التقليديين.

الفرص التي وفرتها الأزمة لأمريكا

ان سوريا تعتبر حلقة الوصل الاهم بين ايران ولبنان وفلسطين وان الحرب فيها اثرت سلبا على خط الربط هذا وخلقت مشاكل للايرانيين، واذا نجح الامريكيون وحلفاؤهم في اسقاط الاسد فانهم سيرضون الكيان الاسرائيلي والسعودية وتركيا في تضييق الخناق على ايران كما ان مجيء موالين للغرب الى الحكم في سوريا سيزيد النفوذ الامريكي في المنطقة ويحد من نفوذ روسيا وايران وحتى الاتحاد الاوروبي.

ولا يشكل تقسيم سوريا والحكم الذاتي فيها او اي نموذج آخر للحكم فيها خطرا يذكر على الامريكيين وستكون يد الامريكيين مفتوحة في هذه الحالة للتعامل مع الازمات والتحديات الاخرى في المنطقة كما ان نجاح مفاوضات السلام في سوريا كما يريده الامريكيون يزيد من الهيمنة الامريكية في المنطقة والعالم.

ان القوى الاقليمية المتورطة في النزاع السوري قد استنزفت قدراتها دون ان يلحق ذلك ضررا بالقوى الدولية الكبرى كما ان الازمة قد زادت من مبيعات السلاح الامريكي في المنطقة بشكل كبير.

وتهدد تبعات ازمة الشرق الاوسط الاوروبيين، فهناك الهجمات الارهابية ومشكلة اللاجئين كما ان روسيا مهددة بامتداد النزاع الى فنائها الخلفي وهكذا تبقى امريكا في أفضل وضع بين منافسيها.

وتستطيع امريكا ادارة الحرب وايصال الجماعات الارهابية الى القوقاز وآسيا الوسطى وهذا سيهدد امن الروس في عقر دارهم ويضعفهم لأنهم لايزالون يتعرضون لضغط قوي آخر بسبب الأزمة الاوكرانية.

ان الازمة في الشرق الاوسط اوجدت تحديات وخلقت فرصاً امام الامريكيين لكن كيفية تعامل الامريكيين مع هذه التحديات والفرص هي التي تؤثر على نجاح او فشل الحسابات الامريكية في هذه المنطقة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق