التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, يونيو 17, 2024

السياسة الخارجية لملك السعودية .. الركائز والأدوات 

کان منظرو العلاقات السياسية قبل القرن العشرين يعتقدون بأن السياسة الخارجية للدول لا علاقة لها بالسياسة الداخلية لكن ومع مرور الزمن تغيرت هذه النظرة واصبح الجميع يعتقد عكس ذلك، وليست السعودية بعيدة عن هذه النظرية حيث نرى بأن السياسات الخارجية للرياض باتت في خدمة تثبيت حكم الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز. 

ولم تتغير السياسة الخارجية للسعودية بل انها اصبحت نشطة واصبح الجناح الامني في السلك الدبلوماسي السعودي والذي هو مقرب من امريكا في موقع افضل من السابق ولذلك اصبحت الشؤون الامنية معيارا للعلاقات مع اليمن وايران وتنظيم داعش الارهابي.  

وعانت السعودية في فترة حكم الملك عبدالله من تراجع مكانتها العالمية بسبب دعمها للجماعات الارهابية وتزايد قوة ايران الاقليمية والخلافات مع امريکا لکن الجماعات الارهابية ظلت احدى الأدوات التي تستخدمها السياسة الخارجية السعودية حيث من المتوقع ان تشهد علاقات الرياض مع هذه الجماعات بعض التغيير فقط خلال المرحلة المقبلة.   

ولن يستطيع الملك سلمان ان لايهتم بالجماعات الارهابية بسبب نفوذ جماعات الضغط والجناح المتطرف والشيوخ الوهابيين في البلاط السعودي وقد رأينا كيف قام الملك السعودي الجديد بتعيين الشيخ الشثري الذي كان استبعد من عضوية مجلس المفتين كمستشار للديوان الملكي وهذا يعتبر رسالة تطمين للجماعات المتطرفة.  

وقد يعتمد الملك السعودي سياسة الحد من النفوذ الايراني بالاستفادة من المؤسسات غير الرسمية وما يسمى بالجمعيات الخيرية ولذلك من المتوقع ان نشهد خلال المرحلة القادمة ازدياد نشاط هذه الجمعيات التي تنفذ سياسات الرياض في العراق وسوريا.

وتناسب هذه السياسات السعودية السياسات الامريكية لأن امريكا تتطلع الآن الى قيام جهة ما في الشرق الاوسط بتنفيذ سياسات معادية لايران ومحور المقاومة والممانعة لكي تتفرغ امريكا لمنطقة شرق آسيا التي تريد واشنطن زيادة نشاطها فيها واحتواء النفوذ الصيني هناك.

وقد رسمت امريكا مخططا للشرق الاوسط بعد خروجها منها تتمثل في ايجاد نظام متعدد الاقطاب في هذه المنطقة حيث هناك ايران وتركيا والسعودية كاقطاب بالمنطقة بالاضافة الى التواجد الامريكي الى جانب الكيان الاسرائيلي كقطب رابع، وفي هذا السياق يمكن وضع الهجوم الخاطف الذي شنته السعودية على اليمن حيث اطلق الامريكيون يد الرياض في المنطقة. 

ويجب الاشارة ايضا الى التغييرات التي حصلت في اعلى المناصب في السعودية خدمة للحرب التي تشن على اليمن حيث يقول الخبير في مؤسسة بروكينز للأبحاث “بروس ريدل” ان وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان الذي يبلغ من العمر ٢٩ عاما يقامر بمستقبله ومستقبل بلاده ويريد تسجيل انتصار في الحرب على اليمن لكن اذا تم وقف اطلاق النار في اليمن وبقي حلفاء ايران مسيطرين على صنعاء فان هذا الانتصار لن يسجل لصالح السعودية.  

اما العلاقات مع ايران ايضا فتعتبر من الملفات الهامة في زمن الملك سلمان ولايمكن التفاؤل حيال هذا الأمر لأن هناك عدم ارتياح ايراني ازاء وصول المغامرين الى سدة الحكم في السعودية كما ان طهران تعلم بان الجيل الجديد في السعودية هم امريكيون اكثر من الجيل الذي سبقهم ولا يعتقدون كثيرا بالتعاون الاقليمي.  

وبما ان السياسات الخارجية السعودية نابعة من السياسات الداخلية فمن الطبيعي ان نجد بأن الرياض تسعى حاليا الى تشكيل محور سني جديد يضم تركيا ومصر والاردن والسودان والامارات لكن يجب الانتباه ان الرياض تسعى ايضا إلى تذليل الخلافات مع الاخوان المسلمين على العكس من مصر والاردن والامارات. 

وفي مجمل الاحوال فإن ركائز وادوات السياسة الخارجية للملك السعودي هي ركائز وادوات كان الملك السعودي السابق ايضا يستند اليها ويستخدمها لكن الملك سلمان قد زاد من حدة السياسات السعودية المتطرفة وربما يظن بأن اشاعة الفوضى في المنطقة العربية والاسلامية ستكون سياسة مجدية للنيل من محور المقاومة والممانعة في المنطقة لكن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه الملك سلمان في شن العدوان على اليمن قد ادخل السعودية في مستنقع يصعب الخروج منه ويمكن اعتبار هذا الخطأ الاستراتيجي بداية لسلسلة اخطاء ومستنقعات ستدخل السعودية فيها في المرحلة المقبلة نظرا لزيادة حدة التطرف الوهابي الداخلي في السعودية والذي يؤثر مباشرة على السياسات الخارجية لهذا البلد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق