التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, يونيو 18, 2024

مؤتمر شرم الشيخ… فرصة لتجديد العهد بين العرب المطبِّعين والصهاينة 

بعد عقد ستة وعشرين جولة من الاجتماعات العالمية المتعلقة بالتغير المناخي، هذه المرة حضر ممثلو 200 دولة إلى شرم الشيخ، بمصر، لمناقشة مستقبل الكوكب الذي يتعرض لكوارث طبيعية واسعة النطاق.

يعدّ الاهتمام بالخسائر والأضرار التي تسببها التغيرات المناخية، والتي تهدد بشكل خاص الجزر الصغيرة على كوكب الأرض، أحد الموضوعات التي تمت مناقشتها في الاجتماع السابع والعشرين لمؤتمر “كوب 27”.

إن التعويض عن الخسائر المالية التي تكبدتها الدول الأكثر عرضةً للتأثر بتغير المناخ، تم إدراجه ولأول مرة على جدول الأعمال الرسمي لاجتماع المناخ في شرم الشيخ.

مؤتمر الأطراف (Conference of the Parties-COP) هو أعلى هيئة لصنع القرار في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، وجميع الدول والمشاركين حاضرون في هذه الاتفاقية ويعقدون اجتماعاً سنوياً في إحدى الدول الأعضاء، من أجل إيجاد حل للتعامل مع المشاكل البيئية في العالم.

بدأت هذه الاجتماعات العالمية منذ عام 1995، ولكن حتى الآن لم تحقق نتائج مهمة فحسب، بل إن هدفها الرئيسي، وهو مكافحة الاحتباس الحراري، جعل الأرض أكثر حرارةً يومًا بعد يوم.

ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة، من 2014 إلى 2022، كانت هناك ثماني سنوات حارة في تاريخ الأرض، وهذه القضية هي تحذير للمجتمع الدولي للتفكير في تدابير للتغلب على هذه الكارثة.

وفي هذا الصدد، حذر أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في خطابه في شرم الشيخ، من ظاهرة الاحتباس الحراري، وقال: إن “انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في تزايد مستمر، ودرجات الحرارة العالمية تستمر في الارتفاع، وکوکبنا يقترب بسرعة من نقطة التحول التي ستجعل الفوضى المناخية لا رجعة فيها، بما يبرهن على أننا نسير على طريقنا السريع نحو جحيم المناخ”.

لقد أثرت حرب روسيا ضد أوكرانيا، وأزمة الطاقة، وارتفاع التضخم، على العالم. وعلى الرغم من عقد اجتماعات متكررة حول الحد من غازات الاحتباس الحراري ومحاولة التعامل مع هذه الظاهرة، لم يتم اتخاذ خطوات فعالة في هذا المجال حتى الآن، وكانت الدول المتقدمة أكثر تقاعساً في هذا المجال.

لأن معظم إنتاج الغازات المسببة للاحتباس الحراري يعود إلى هذه الدول، وهم غير راغبين في اتخاذ خطوة لصالح البيئة بسبب المصالح الاقتصادية. وحتى رؤساء دول مثل الصين واليابان وكندا وأستراليا، وهي من بين أكبر منتجي غازات الاحتباس الحراري، لا يريدون حتى المشاركة في هذه الاجتماعات، للتهرب من عبء التزاماتهم.

ووفقًا للاتفاقيات السابقة، يجب على العالم خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 45٪ بحلول عام 2030، لجعل كوكب الأرض صالحًا للعيش. ويحذر العلماء من أن ارتفاع درجات الحرارة أکثر من هذا، يمكن أن يدفع الأرض إلى حالة دفيئة غير صالحة للعيش.

النظر في قضية حقوق الإنسان في مصر

على الرغم من أن اجتماع شرم الشيخ يهدف إلى التعامل مع تغير المناخ، إلا أن القضايا الجانبية له تهمش الهدف الرئيسي لهذا الاجتماع.

ورغم أن مصر تنوي تحسين صورتها في العالم من خلال عقد مثل هذا الاجتماع الدولي، إلا أن الوضع السياسي في هذا البلد لم يکن جيداً في السنوات الأخيرة، وبالتالي تتزايد موجة المعارضة لحكومة القاهرة.

لذلك، طالبت عدة مؤسسات ومنظمات مصرية ناشطة في مجال حقوق الإنسان، القادة الحاضرين في اجتماع شرم الشيخ بمعالجة قضية حقوق الإنسان في هذا البلد.

ويطالب قادة العالم في هذا البيان، بإلزام السلطات المصرية بوقف تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق النشطاء. وشددت هذه المنظمات على ضرورة الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، ووقف عملية الاعتقال التعسفي من قبل السلطات المصرية ضد المعارضة.

وتعتقد مؤسسات حقوق الإنسان أن مصر ليست مؤهلة لاستضافة مثل هذا الاجتماع الدولي المهم، بسبب أوضاع حقوق الإنسان والبيئة السياسية المغلقة.

ويأتي طلب هذه المنظمات الحقوقية في حين أنه منذ 2014 عندما تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة، تم تضييق الأجواء السياسية في البلاد بشدة، وأُعدم العديد من المعارضين، بمن فيهم قادة الإخوان المسلمين، أو حكم عليهم جميعًا بالسجن لفترات طويلة، وعمليًا تم إغلاق المجال لأي انتقاد لسياسات الحكومة.

لقاء القادة العرب مع القادة الصهاينة

رافق اجتماع شرم الشيخ العديد من الأحداث لوجود ممثلين من جميع دول العالم، ومثل هذه اللقاءات فرصة للقاءات ثنائية وتبادل الآراء بين الدول. لذلك، تسبب اجتماع المناخ في لقاء بعض مسؤولي الدول العربية مع المسؤولين الصهاينة الذين حضروا الاجتماع، ولو لفترة وجيزة.

وفي هذا الصدد، أثارت المحادثة الودية التي أجرتها رئيسة الوزراء التونسية مع إسحاق هرتسوغ، رئيس الکيان الصهيوني، أثناء التقاط الصورة الجماعية خلال مؤتمر تغير المناخ، غضب المستخدمين التونسيين والعرب، الذين أدانوا هذا الإجراء وطالبوا بمحاسبة الحكومة التونسية.

کما عقد العاهل الأردني لقاءً قصيراً مع هرتسوغ على هامش اجتماع شرم الشيخ، وأكد مرةً أخرى على ضرورة تكثيف الجهود لإقامة سلام عادل وشامل على أساس حل الدولتين.

کذلك، التقى إسحاق هرتسوغ مع حاكم الإمارات محمد بن زايد، وكتب عبر تغريدة عن هذا اللقاء: “سعدت برؤية صديقي الشيخ محمد بن زايد”.

في السنوات الأخيرة، اتخذت بعض الدول العربية خطوات نحو تطبيع العلاقات مع الکيان الإسرائيلي، وتعمل جاهدةً لتحقيق هذا الحلم. وتعتبر مثل هذه اللقاءات بين القادة العرب والقادة الصهاينة امتيازاً خاصاً لسلطات تل أبيب، وهم يعتبرون هذا العمل زيادةً في شرعيتهم بين العرب.

والثواني القليلة من حديث الرئيس الإسرائيلي المتعمد مع رئيسة الوزراء التونسية أمام الكاميرات، تم القيام به أيضًا على هذا الأساس لإظهار أن القادة العرب، على عكس الرأي العام الداخلي، حريصون على التفاعل مع الإسرائيليين.

ويأتي اجتماع المسؤولين العرب مع الصهاينة في مصر، فيما حضرت بعض هذه الدول العربية، وخاصةً السعودية، اجتماع جامعة الدول العربية، التي تعدّ أكبر تجمع للقادة العرب، على المستوى الوزاري، ورفض قادتهم المشاركة فيه بحجج واهية.

لأنه في اجتماع جامعة الدول العربية في الجزائر، كانت دراسة القضية الفلسطينية الموضوع الرئيسي، وبعض العرب الذين لم يرغبوا في تقديم تعهدات لدعم فلسطين بسبب تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، لم يشاركوا في اجتماع جامعة الدول العربية. لكن اجتماع شرم الشيخ وفَّر فرصةً جيدةً للقادة العرب للجلوس حول طاولة واحدة مع الصهاينة، وإيصال قطار التطبيع إلى وجهته بشكل أسرع.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم يشارك في اجتماع جامعة الدول العربية الذي عقد الأسبوع الماضي بسبب مشاكل طبية، لكنه حضر اجتماع شرم الشيخ دون أي عذر.

يشير غياب ابن سلمان عن اجتماع جامعة الدول العربية ومشاركته في اجتماع تغير المناخ، والذي تفصل بينهما أيام قليلة، إلى أنه لم يكن حاضراً في الجزائر بسبب القضية الفلسطينية، لأن توقيع ابن سلمان على أي بيان مناهض للصهيونية، سيجعل مسار التطبيع أكثر تعقيدًا.

لذلك، قد يستغل ابن سلمان، الذي تولى قيادة مشروع التطبيع، الفرصة التي سنحت في شرم الشيخ، ليدفع الدول العربية نحو توثيق العلاقات مع الکيان الإسرائيلي.

ينعقد اجتماع مصر بشأن تغير المناخ بعد الأزمة الأوكرانية التي قسمت العالم سياسياً، وسيكون لهذه القضية تأثير سلبي على قرارات القوى الكبرى لتنفيذ اتفاقيات المناخ، لأن الدول، بسبب الاعتبارات السياسية، تنظر في مصالحها الخاصة بدلاً من المصالح العالمية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق