التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, يونيو 18, 2024

لاتزال الدعوة للحوار مطلوبة 

ثقافة ـ الرأي ـ

وأنا أتابع أخبار بلدي والمذابح فيه وهذه الشراسات بالغة الرداءة والقتل والحرق من غير ما تفكير ولا تمييز، أجد في الجانب الآخر، وفيما تنقل الأخبار من العالم، مساعي نبيلة وناساً أخياراً امتلكوا المعرفة والحكمة، يفكرون في وضع حد للعنف والكراهات على الأرض ويجهدون ويجتهدون لتيسير السبل إلى سعادة الإنسان وأمنه وضمان عيشه بعيداً عن الاستغلال وبعيداً عن البدائية والموت

 

عصرنا الحالي يتسم بانفتاح واسع عبر كل الحدود وبتلاق بين البشر المختلفين أعرافاً وثقافات. عصرنا يفخر بهذي المساعي مؤتمرات، جمعيات وتآليف، تعمل كلها على تنقية الإنسان من شرورٍ حملها معه من ظلمات ووحشية الأزمنة. إن هذا العصر الذي نحن فيه مليء بالوعود والآمال ويقدم لجميع الجنس البشري فرصاً كثيرة للتعايش السلمي لم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري. ولكن، كما في بلدنا وافريقيا وفي بلدان كانت آمنة، انبعثت اصطدامات مسلحة وانتفاضات أثارها وتثيرها وتحيي رداءات الماضي فيها نوايا السياسة الدولية ليقتسموا الثروات أو يقتسموا البلاد والنفوذ

 

أين تقف الثقافة ونخبُها؟ هم واقعاً أما فاعلون ضمن دعوات الخير للبشر، تلك التي تحدثنا عنها، وأما ضمن مرتكبي المذابح والحرائق يغذّونهم بالشّر، أو هم – والعطف على هؤلاء- ممتحنون بوجودهم في مناطق يحكم فيها الشّر، عزّلاً لا يستطيعون فعل شيء.

 

أحياناً تتعقد المشكلة حين نرى علامات تشجع على سوء الظن في بعض من دعوات الإصلاح، التي هي عند التحليل منحازة إما إلى دينٍ أو مذهب أو إلى ستراتيج سياسي قابع في مكان، يتخذ من هذه الدعوات للحوار وللتسامح ممهّدات لسبيل حركته وتقدمه في الأراضي التي تريد السياسة الوصول اليها. كل الحركات والدعوات لا تخلو من شوائب ومن نوايا يكشفها طريقُ النضال البشري للحياة.

 

كما نجد أصحاب حق لم يتمكنوا وحدهم من الوقوف بوجه المغتصب أو المتحكم فيهم، فاستمالتهم العصابات ومسلحو المنظمات مزدوجة الأهداف ويلوثونهم بالشر الذي يحملون.

 

اشتباكات نوايا وأفعال كهذه، لا تحول بيننا وبين أن نستمر في العمل لضمان احترام الإنسان وضمان حقوقه وأمنه وأن يجد فرصته الآمنة في العيش والتفكير. ولا تمنع تلك الاشتباكات من الانضمام إلى دعوات الإصلاح والحوار ويكون لنا دورنا الثقافي التنويري في مناصرة الإنسان على ما يدمر حياته وبلده والإنسانية حوله.

 

إن ارتباطنا بالإنسانية العامة وبالمطلق الكوني وبالحكمة وسلام الأرض، يمنحنا نظافة وصفاء نيّة ومحبّة نقترب بها روحاً وتفهّماً للإنسان معنا والمختلف عنا والإنسان في الوطن والناس في الأوطان البعيدة والقارات لنكون ضمن العائلة الإنسانية الكبيرة على الأرض. ليست هذه رومانسية ولا هي بداية تصوّف هي المطلب الذي ينتجه النضج الفكري والسلامة الأخلاقية وما يتفق مع العصر والحضارة..

 

ان الإنسان كائن اجتماعي ولا يمكن أن يحقق ذاته إلا داخل الحياة الاجتماعية، إلا في الحياة! ولايتحقق هذا إلا بالأُلْفة وإلا بأن يكون محاوراً لطيف الروح، مهذّباً، يريد أن يصل وصاحبه إلى مستراح آمن يتصلان فيه مع الله والطبيعة والإنسان، الإنسان الآخر الذي هو أنا وأنت في بعض منه.

 

لا بد من إيقاف الشر عند حدّه ليظل طريق الخير سالكاً. نحن مهما تأخرنا، سائرون في الطريق إلى مجتمع إنساني واحد مادمنا نزداد ثقافة ووعياً ومادمنا نعيش جميعاً على هذا الكوكب!

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق