التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أبريل 20, 2024

على مدار عقدين من الزمن انتظر المصريون ثمار ما سمي بالإصلاح الاقتصادي، ولكنهم وجدوا في النهاية ارتفاعا في معدل البطالة 

 

الرأي / مصر / رباب سعيد

وصل لنحو 15 في المئة، كذلك ارتفاعا في معدل التضخم اقترب من18 في المئة.

والأمّر من ذلك خط الفقر الذي انضوى تحته نحو 25 في المئة منسكان

مصر. أما الفساد الذي ساد كل أرجاء الجهاز الإداري للدولة، فحدثولا حرج.

 

فقد وصل عدد قضايا الفساد بهذا الجهاز سنويا لنحو 70 ألف قضية.وتقدر

خسائر مصر بسبب الفساد بحوالي6 مليارات دولار سنويا. بينما قدر

البعض حجم اقتصاديات الفساد في مصر بنحو 25 في المئة منالناتج

المحلي الإجمالي، ولا يخفى على أحد أن الفساد هو أحد أبرز أسبابالثورة.

ولا يغيب عن أحد ممارسات رجال الأعمال في تسقيع الأراضي

والمضاربة عليها مما بدد ثروات كبيرة. وبعد أن حصل رجال الأعمال

 

على جميع المزايا من ضرائب وجمارك وأسعار شديدة الانخفاض

 

لأراضي ومرافق الدولة، اتجهوا للتجارة وأهملوا الصناعة، مما جعلمن

مصر مجرد سوق للمنتجات الأجنبية وعلى رأسها السلع الصينية.

وانعكس هذا كله عبر مؤشرات اقتصادية مضللة تم العبث بها لإيهام

 

المواطنين بأن هناك ثمة إصلاحات اقتصادية.

 

الملامح العامة للاقتصاد المصري

يعاني الاقتصاد المصري منذ فترة طويلة من حزمة من المشكلاتالمزمنة،

أبرزها ما يلي:

وصل إلى أكثر من 900 مليار جنيه مصري في شقه المحلي، ونحو 32

 

مليار دولار في شقه الخارجي.

 

 

 

2- تأتي البطالة لتمثل واحدة من معضلات الاقتصاد المصري،وتختلف

 

التقديرات حولها، حسب المنظور وطريقة الحساب، حيث تراوح بين

 

10 في المئة و15 في المئة، ويرجع الجزء الأكبر منها لنظم التعليم التيلا

 

تربطها بسوق العمل أي سياسات، فيجد صانع السياسة الاقتصاديةأنه

 

مطالب سنويا بما بين 700 ألف و750 ألف وظيفة سنويا.

3- توصف الموازنة المصرية بأنها موازنة استهلاكية تصرف معظمبنودها

 

على النفقات الجارية، وتقل فيها الاستثمارات العامة، بسبب التوجه

 

الحكومي بعدم الدخول في استثمارات عامة جديدة، باستثناء بعض

 

المخصصات للمرافق العامة.

4- تمثل الإيرادات الضريبية عدم عدالة السياسة الضريبية المتبعةخلال

 

الفترة الماضية، حيث يدفع الموظفون نحو 9.5 مليارات دولار، والنشاط

 

التجاري والصناعي قرابة 4.5 مليارات.

بلغ الناتج المحلي الإجمالي لمصر في العام المالي 2009/2010 نحو1.2

4-069

الف مليار جنيه، ووصل معدل النمو الاقتصادي لنفس العام 5.1 فيالمئة.

 

ضربة الاقتصاد

لا يستطيع اي متابع  للاحداث السياسية التي تمر بها مصر فى الايام

 

 

 

5الاخيرة إلا ويدرك حجم الاثار والتداعيات الاقتصادية على مصر

والمنطقة العربية والشرق الاوسط بل لا ابالغ لو قلت على العالم بأسره.

فموقع مصر وثقلها الاقتصادي والسياسي جعلها مؤثرة بدرجة مافي

المشهد الاقتصادي الإقليمي والدولي.

ففي الايام الاولى من الحركة الاحتجاجية، هوى مؤشر البورصةالمصرية

بنسبة 7 في المئة خلال أربعة أيام، وهبط الجنيه المصري ليسجل أقل

مستوى في ستة أعوام. ما أضطر السلطات المصرية إلى اغلاقالبورصة

–وهي من أكبر البورصات في المنطقة- كما تم تعليق نشاط المصارف

خوفا من أعمال النهب التي حدثت عقب موجة المظاهرات الأولى.

وقال محافظ البنك المركزي المصري إن نمو الناتج المحلي الإجمالي

لمصر الذي كان من المتوقع أن يصل إلى6 في المئة هذا العامسيتضرر

بسب الأزمة السياسية، وإن تدفق الأموال إلى الخارج قد يصل إلى

8 مليارات دولار، ولكن البلاد قد تعالج ذلك لأنها تعاملت مع تدفقاتأكبر

الى الخارج في الماضي، مثلما حدث عام 2008 خلال الأزمة الماليةالعالمية.

وقدر خبراء اقتصاديون حجم الخسائر الاقتصادية التيتكبدتها مصر خلال

فترة الاحتجاجات ما بين 55 و 100 مليار جنيه (9,24 مليارات- 16,8 مليار دولار).

كما توقعوا انخفاض عائدات قناة السويس خلال الفترة المقبلةخصوصاً مع

تراجع أعداد الرحلات العابرة.

أما الخسائر الناجمة عن أعمال العنف والشغب والتخريب، فقدرتبنحو

100 مليار جنيه في أسبوع واحد.

وافاد مراقبون أن تلك الخسائر قد تتضاعف، خصوصاً مع توقفالعديد من

القطاعات الحيوية ،السياحية منها والخدمات والمالية، مؤكدين أنالتحدى

الأكبر حالياً هو استعادة الثقة في الاقتصاد المصري من جديد ومعاحتمال

خروج بعض الاستثمارات الاجنبية من السوق.

 

خسائر بالجملة

قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الخسائر بلغت نحو 90مليون

دولار في قطاع الانترنت خلال الأيام الخمسة التي تم فيها قطعخدمات

الإنترنت في مصر، وتوقعت أن يكون هناك أثر أكبر على الاقتصاد

المصري على المدى الطويل. مشيرة في بيان لها إلى أن الخدماتالمعطلة

للاتصالات والإنترنت تمثل 3 في المئة إلى 4 في المئة من إجماليالناتج

المحلي، أي ما يمثل خسارة تقارب 18 مليون دولار يومياً.

وكشف تقرير اقتصادي أن حصيلة خسائر قطاعات النقل المصريةارتفعت

إلى 15 مليون جنيه يومياً، وان الخسائر اليومية لمترو الأنفاق تبلغمليون

جنيه، أما خسائر السكك الحديدية المصرية فتبلغ 4 ملايين جنيه يوميا،

فيما تبلغ خسائر الموانئ المصرية 10 ملايين جنيه يوميا.

أما القطاع السياحي فشهد خروج عدد كبير من السياح بلغ نحومليون

سائح، إلى جانب إلغاء الرحلات وانخفاض اشغالات الفنادق والقرى

السياحية. وهو ما دفع القطاع لفقدان مايزيد على 1,5 مليار جنيه. كماأن

قطاع الطيران المدني مني ايضا بالخسائر بعد الغاء العديد منالرحلات

بسبب حظر التجوال المفروض. أما المشهد السياحي فحزين، حيثترى

اهرامات الجيزة خالية من روادها، وعشرات الخيول تصطف إلىجوار

أحد الجدران تأكل التبن بهدوء واسترخاء، والجمال الصغيرة تتمرغفي

التراب دون اكتراث بما يحيط بها.

اما المتاجر والمقاهي فقليلة العدد التي مازالت مفتوحة، يطارد عمالها

الذباب بعد أن اختفى الزبائن في محاولة من جانبهم لقتل الوقت.

 

تأثيرات عالمية

وقد امتد تأثير الوضع في مصر إلى بورصات المنطقة التي سجلتفي

الأيام القليلة الماضية هبوطا كبيرا، وبدرجة أقل في البورصاتالأوروبية

والآسيوية والأميركية. ففي الساعات الأولى من التداول بالبورصة

الأميركية انخفضت المؤشرات الثلاثة انخفاضا طفيفا، وعزا محللون

أسبابه إلى ما يجري في مصر.

وقد هون دومينيك ستراوس مدير صندوق النقد الدولي من أثرالأحداث

الجارية بمصر، قائلا إنه لن يكون لها تأثير بعيد المدى على الاقتصاد

العالمي. مشيرا إلى أن مصر ليست من الدول النفطية الكبيرة ،وانكان

فى سياق كلامه لم ينف الاثر السلبى على المدى القصير.

ناهيك عن الجانب الاهم وهو استثمارات دول المنطقة فى مصر، والاثار

المباشرة السلبية لهذه الاستثمارات. وتحديداً الاستثمارات السعودية

والكويتية والاماراتية. فلهذه الدول العديد من الاستثمارات المباشرةوغير

المباشرة، مثل بعض الشركات كصافولا واعمار والخرافى وغيرها

الكثير، مما سيؤدى الى وضوح الاثر فى الاجلين القصير والطويل …وقد

اتضح جزء من هذه الاثار فى هبوط معظم اسعار اسهم هذهالشركات

بمجرد بداية الاحداث فى مصر وتأثيرها على اسعار الشركاتالمدرجة

بأسواق الاسهم فى هذه الدول وغيرها …

 

الرؤية الإصلاحية

مع نجاح ثورة 25 يناير/كانون الثاني، تتطلع مصر إلى أداء اقتصادي

مختلف، يجعل منها دولة قوية اقتصاديا. واقع يحقق آمال الشباب،الذي لا

ينحصر فقط في تلبية مطالبهم في الحصول على العمل والخروج مندائرة

الفقر، ولكن واقعًا جديدًا يجعل للأداء الاقتصادي لمصر وجها جديدا،

يكرس مبدأ تقديم أهل الخبرة على أهل الثقة ويكبح الفساد، ويصنعإرادة

سياسية واقتصادية، تستغني بها مصر عن المعونات ولا تخضعللتبعية أو

وجود شبهة تأثير على قرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.ولكي

 

تتحقق هذه الأهداف لا بد من مجموعة من المحاور التي تصلح لبلورة

رؤية إصلاحية ينطلق منها الاقتصاد المصري، وهي:

– سيادة دولة القانون

لقد نُحي القانون جانبا في حياة المصريين خلال العقود الماضية،ووجدت

الآلاف من الأحكام القضائية التي لا يستطيع أصحابها تنفيذهاللحصول

على حقوقهم، مما أوجد نوعا من فقدان الثقة في النشاط الاقتصادي

ومجتمع الأعمال.

– المؤسسات المالية

تضم المؤسسات المالية في مصر الجهاز المصرفي، وسوق الأوراق

المالية، وشركات التأمين… إلخ، وينبغي أن يعاد النظر في دور كافةهذه

المؤسسات في ضوء إستراتيجية تنموية جديدة.

فالجهاز المصرفي الذي يضم ودائع تبلغ أكثر من 900 مليار جنيه،

ويبحث عن مصادر لتوظيف نحو 48 في المئة منها ولا يجد، عليه أن

يتجه لتمويل مشروعات إنتاجية مدروسة بشكل صحيح، وأن يقلل من

سياسته الحالية المعتمدة على التجزئة المصرفية. وكذلك الابتعاد عن

الائتمان السياسي واسترداد قروض رجال الأعمال الذين حرصواعلى

عدم السداد، أو السداد من خلال تدوير القروض، وتهريب أموالهمللخارج

.

كما يتطلب الأمر عملية تمويل حقيقية للمشروعات المتوسطة والصغيرة.

وفيما يخص سوق الأوراق المالية، التي يبلغ رأسمالها السوقي فيآخر أيام

التداول قبل إيقافها نحو 445 مليار جنيه مصري،  فهناك مجموعة من

الإجراءات والسياسات التي تعمل على تحويل البورصة المصرية إلى

بورصة للاستثمار وليس للمضاربة، فيكبر فيها سوق الإصدارويتضاءل

سوق التداول، ويتم التوجه نحو الشفافية في التعاملات لجميعالمتعاملين

على حد سواء، وأن تلغي بعض التعاملات مثل البيع في نفس الساعةأو

اليوم، وكذلك إلغاء بيوع المشتقات وأن تكون هناك ضرائب تصاعديةعلى

أرباح المتعاملين بالبورصة وإن كانت بمعدلات صغيرة.

 

ختاماً لا شك إن أي تحول ديمقراطي في مصر يساهم في الإسراعفي

تعويض التداعيات الاقتصادية السلبية لهذه الانتفاضة فيعزز أداءالاقتصاد الكلي للدولة ويجذب الاستثمارات.

 

أما الأهم فيتمثل في إمكانية أن يؤدي إرساء دعائم فجر ديمقراطيجديد في

مصر إلى تأسيس منظومة اقتصادية اجتماعية أكثر عدلاً على الأرجحبدلا

من المنظومة الراهنة التي كرست وفق كثيرين أوضاعا شبيهة بماكانت

عليه البلاد أيام عهد إقطاع ما قبل ثورة يوليو عندما كان يستحوذنصف

الواحد في المئة من السكان على حوالي 50 في المئة من ثروات البلاد

.

كما نأمل أن تنخفض مستويات البطالة فيه كما الفساد، وطبعاًالفقرالذي

يعتبر العامل الأقوى وراء تفجر هذه الثورة ، فأكثر من 50 في المئة من

المصريين يعيشون بدولار او دولارين في اليوم، وهذا يعني نصفالشعب

المصري ليس لديه القدرة على الوفاء بالاحتياجات الأساسية الممثلة في

المأكل والمشرب والمسكن.

في الحقيقة لا توجد عصا سحرية في الاقتصاد تجعل المواطن يشعر

بسرعة بمكتسبات هذه الثورة, ولكن على المدى البعيد يمكن أنتتحسن

الأوضاع الاقتصادية بصورة كبيرة، ويمكن ان يتحقق ذلك خلالالسنوات

 

 

 

 

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق