التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أبريل 18, 2024

“حماس” ترحب بمبادرة الرئيس الجزائريّ.. ما الذي يجعل السلطة الفلسطينيّة عقبة في وجه المصالحة؟ 

عقب زيارة الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس للجزائر ولقائه مع نظريه الجزائري، عبد المجيد تبون، وإطلاعه على ممارسات الاحتلال الإسرائيليّ الغاشم، وآخر التطورات السياسية، وتأكيد الرئيس الجزائريّ أنّ بلاده لديها موافقة من رئيس السلطة الفلسطينيّة على عقد مؤتمر للفصائل الفلسطينيّة، رحّبت حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” بهذا الطرح، وتحدثت على لسان عضو المكتب السياسيّ في الحركة، موسى أبو مرزوق، أنّها ترحّب بمبادرة الرئيس تبون، وأنّها لم ترفض أيّ دعوة للمصالحة، وخاصة أنّ الفصائل الفلسطينيّة بالفعل دعت مراراً وتكراراً لتغليب ملف المصالحة الفلسطينية على كل الملفات الأخرى، وشدّدت أيضاً في أكثر من مناسبة على عدم الرهان على عودة العلاقات مع الكيان الصهيونيّ في إشارة إلى قيام حركة “فتح” برئاسة عباس بالتنسيق الأمنيّ مع تل أبيب.

ترحيب شديد

لم تألُ الفصائل الفلسطينيّة جهداً في التأكيد على ضرورة توحيد الصف الفلسطينيّ من أجل تحدي الاحتلال الغاصب ومقاومة التهويد والضم والاستيطان المستمر، وإنّ ترحيب حركة “حماس” بمبادرة عبد المجيد تبون، ينبع من إيمانها بضرورة إعادة ترتيب الصفوف، إضافة إلى أنّ ما يدور في المنطقة يستهدف وجود الفلسطينيين بأكملهم وقضيتهم، والدليل ما ذكره أبو مرزوق، حول أنّ المبادرات التي يتحدّث عنها الرئيس الجزائري هي موضع ترحيب من حماس والفصائل الفلسطينية، قائلاً إنّ “الجزائر تقف دائماً إلى جانب القضية الفلسطينية”.

وبالاستناد إلى أنّ الفلسطينيين لا يمكن أن يواجهوا التحديات والمخاطر التي تواجه فلسطين، والمتمثلة بـ “صفعة القرن” الرامية إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، والتطبيع الذي شكل طعنة في ظهر هذا البلد، ناهيك عن مخططات الاستيطان والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الشعب الفلسطينيّ وتاريخه، إلا بوحدة وشراكة حقيقية من خلال الاتفاق على استراتيجيّة وطنيّة يعيدون فيها بناء مؤسساتهم، ويطلقون يد المقاومة ليدفع الاحتلال الصهيونيّ، لهذا تشدّد حماس على أنّ موقفها ثابت ومؤيّد لأيّ دعوة إلى المصالحة من أي جهةٍ كانت، وتستشهد بأنّها استجابت في السابق لدعوة السعودية، ولدعوة رئيس السنغال عندما كان رئيساً للقمة الإسلامية، ولدعوات من الرئيس اليمنيّ السابق علي عبد الله صالح، ولدعوات الرئيس السوداني.

“سنستجيب لأيّ دعوة توحِّد الفلسطينيين”، رسالة حماس واضحة، بوضوح مطالبها من الكيان الغاصب، حيث إنّها تشير بشكل دائم إلى رفضها التنازل عن حقها المشروع في المقاومة بصورة أساسيّة، وتعلن أنّها ضد التسوية السياسية، وضد الاعتراف بالعدو الصهيونيّ القاتل، وضد التنسيق الأمنيّ بين فتح والعدو، والذي يشكل ضربة لأيّ شراكة عمل وطنيّ في عمقه ويناقض التفاهمات الداخليّة، انطلاقاً من أنّ الأمة تُسلب إرادتها وتنهب ثرواتها ليصبح الكيان الصهيونيّ سيداً في المنطقة، والدليل أنّ تل أبيب مستمرة في غيها وتغول كيانها من خلال منهجها العدوانيّ في أكثر من ملف.

نقاط خلافيّة

في الوقت الذي أصبحت فيه العلاقات بين السلطة الفلسطينيّة والعدو الصهيونيّ الباغي، عقبة في وجه حالة الإجماع الوطنيّ الرافضة للتسوية والمفاوضات، تحاول تل أبيب بكل ما أوتيت من قوّة خلق أمر واقع على الأرض لإقامة الدولة العنصريّة المزعومة على أراضي الفلسطينيين، بيد أنّ الفصائل وحماس يؤكّدون باستمرار وضوح منهجهم التفاوضيّ في أيّ مباحثات، ويرتكزون في ذلك على مصلحةَ الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة، لإنهاء الانقسام والاتفاق على استراتيجية وطنية ناظمة للعلاقات الفلسطينية – الفلسطينية، ولطبيعة المواجهة مع سالبي الأرض وسارقي التاريخ وقاتلي الأبرياء.

ووجهت حماس سؤالاً جوهريّاً إلى فتح بقولها: “العدو خرج من اتفاقيات أوسلو، فلماذا تتمسك السلطة بها؟”، مع وصول القضية الفلسطينية إلى مكانٍ لا تُحسَد عليه، نتيجة خذلان السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عباس الشعب الفلسطينيّ، وإعادتها غرز خنجر الخيانة العربيّة في ظهر قضيّته، ورغم الاجماع الكبير من الفصائل الفلسطينية على اختيار طريق المقاومة تُصر السلطة على استخدام منهج خنوعها الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة أمام العدو الصهيونيّ، وأسقطها من قلوب الفلسطينيين وجعلها أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته.

إضافة إلى ذلك، استمرت رام الله بعلاقاتها مع الصهاينة وعصاباتهم فتحت كل أبواب التعاون مع تل أبيب، فيما استخدمت جميع الأساليب الإجراميّة ضد شعبها لأنّها تعتبر مقاومته أمراً خاطئاً، مقابل وقوفها في وجه توحيد الصف الفلسطينيّ لمنع تحدي الاحتلال الغاصب وعرقلة مقاومة التطبيع والتهويد والضم والاستيطان المتصاعد، رغم التعامل معها بإذلال من قبل “إسرائيل”.

وبعد أن أثبتت الوقائع أنّ الخطاب الديمقراطيّ الأمريكيّ لا يحمل بشائر الخير بالنسبة للعرب بشكل عام والفلسطينيين على وجه الخصوص، مع استمرار السياسة الأمريكيّة المعهودة المتعلقة بتسليح الكيان الصهيونيّ المجرم والدفاع عن مصالحه، ودعم الاحتلال والكراهية الراسخة والدائمة في المنطقة، على حساب الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ والعربيّ، تدعو حماس السلطة الفلسطينيّة إلى ترك الرهان على التسوية وعلى الرئيس الأمريكي الجديد، وأن تراهن على الشعب الفلسطينيّ وما يستطيع أن يفعله بصموده وكفاحه وليس على الإدارات الأمريكية والاحتلال، إضافة إلى وضع خطة تنمويّة لتعزيز صمود المواطن الفلسطيني وتحقيق العدالة الاجتماعيّة ودعم القدس وأهلها.

وبما أنّ إدارة بايدن أثبتت النظرية التي تقول إنّ “واشنطن لا يمكن أن تغير سياساتها العدائيّة تجاه العرب وبالأخص الفلسطينيين”، بالاعتماد على الوقائع والتعلم من التاريخ، فعندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية والكيان الصهيونيّ الإرهابيّ، لا يمكن للولايات المتحدة بغض النظر عمن يدير بيتها الأبيض، أن تتخلى عن طفلها المُدلل في المنطقة، باعتبار أنّ الكيان الصهيونيّ المعتدي يمثل المعسكر الغربيّ والأمريكيّ في المنطقة، والحامي لمصالحه في الشرق الأوسط، وإنّ ما قالته حماس عن عدم نزاهة أميركا في التعامل مع القضية الفلسطينية، يعود إلى نشأة الكيان الصهيونيّ في 14 أيار 1948 بعد انتهاء الانتداب البريطانيّ على فلسطين، وما من أحد يجهل حجم الدعم العسكريّ والسياسيّ والاقتصاديّ الذي يتلقاه العدو المُستبد من الإدارات الأمريكيّة المتعاقبة.

وفيما يخص الانتخابات التي وقف العدو الصهيونيّ المجرم حجر عثرة أمام إجرائها رغم مطالبات دول كثيرة ومنظمات دوليّة، بعد ضغوط أمريكية وعربية شديدة لاعتقادهم بأن نتائج الانتخابات لن تكون لمصلحة حركة “فتح” في مواجهة حركة “حماس” التي دخلت بقوة في النظام السياسيّ الفلسطيني وذلك من خلال الانتخابات البلديّة والتشريعيّة، تشير حماس إلى أنّها مستعدة للسير في هذا الاتجاه إذا كانت هناك نيّة حقيقية في إجرائها، أمّا إذا رفضوا أن تُجرى الانتخابات في الأماكن الفلسطينية، بما فيها العاصمة الفلسطينية القدس (المحتلة)، فحماس قدّمت مقاربات أخرى، فيما يتعلق بالتوافق على قيادة فلسطينيّة ومشاركة حقيقيّة في منظمة التحرير، من أجل الاتفاق على المشروع السياسيّ ومشروع النضال الفلسطينيّ.

في الختام، تُصر حماس على مبدئها في عدم التنازل عن الحقوق الفلسطينيّة وتمسكها الشديد بها، وهذا بالضبط ما تتمناه من حركة فتح أو السلطة الفلسطينيّة التي يجب أن تتخذ المواقفُ الشعبية منطلقاً لسياستها، وخاصة أنّ العدو الصهيونيّ كلما تمكن من شق الصف الداخليّ للفلسطينيين و تفريق الفصائل الفلسطينية، كلما نجح في إضعاف القضية الفلسطينيّة وتقليص مدة وتكاليف خططه لتنفيذ تلك المحاولات، والحل الأمثل اليوم هو أن تتحرك الفصائل الفلسطينية بسرعة وجديّة نحو الوحدة والتضامن وتشكيل جبهة موحدة، لإفشال مشاريع المحتل الغاشم، بالتزامن مع اتفاقات العار في المنطقة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق