التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أبريل 27, 2024

رغبة الإمارات في نزع فتيل التوتر مع إيران… الأسباب والدوافع 

بعد فترة عاصفة من المنافسات الإقليمية بين قوى غرب آسيا وشمال إفريقيا، هدأت موجات الصراع الصاخبة للتحوُّل إلى التهدئة والدبلوماسية؛ في غضون ذلك، وفي خطوة تتناسب مع هذه الأجواء، أعلنت الإمارات عن قرارها تهدئة التوترات وتحسين العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية.

وفي هذا الصدد، قال المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، الثلاثاء، إن هذه الدولة تتخذ خطوات لتهدئة التوترات مع إيران كسياسة تتجه إلی الدبلوماسية والابتعاد عن أي مواجهة.

وعقب موقف المسؤول الإماراتي، كشفت “رويترز” أيضاً عن زيارة مسؤول أمني رفيع المستوى إلى طهران للمضي قدماً بالموضوع، وربما سماع مواقف الجانب الإيراني والأسس اللازمة للمفاوضات المستقبلية، وأعلنت وسائل الإعلام لاحقًا أن المسؤول الإماراتي هو مستشار الأمن القومي لأبوظبي.

من ناحية أخرى، أفادت مصادر رسمية إماراتية مؤخرًا عن اتصال هاتفي بين وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية، حسين أمير عبد اللهيان، ونظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان.

أسباب رغبة أبوظبي في التهدئة

ما هو مهم في البداية حول ميل أبوظبي إلى تهدئة التوترات مع جمهورية إيران الإسلامية ورسم رؤية لهذه القضية، هو تحديد الدوافع والأسباب لتبني هذا النهج.

العامل الأول وربما الأكثر تأثيرًا والذي له أهمية استراتيجية في مستقبل علاقات إيران، ليس فقط مع الإمارات ولكن أيضًا مع دول مجلس التعاون، هو الانسحاب المحتمل للقوات الأمريكية، أو بشكل أدق، الانسحاب العسكري الأمريكي من المنطقة، وخاصةً من مياه الخليج الفارسي.

على مدى عقود، حددت الحكومة الأمريكية وجودها العسكري في مياه الخليج الفارسي وفي دول مجلس التعاون، في إطار مهمة الدفاع عن أمن مشيخات الخليج الفارسي، وبموجب التعريف المشترك للمصالح الأمنية مع هذه الدول، كانت هناك مستويات مختلفة من التعاون العسكري والسياسي والأمني.

في غضون ذلك، ومع بدء الانسحاب العسكري الأمريكي من المنطقة، نتيجة فشل الاستراتيجية العسكرية لواشنطن ضد محور المقاومة، والذي يتم تبريره الآن بحجة التركيز أكثر على شرق آسيا والصين، فإن المعضلة الأمنية في الخليج الفارسي تزيد من الشعور بالضعف بين أعضاء مجلس التعاون في مواجهة القوة الإقليمية لإيران.

وعلى الرغم من أنه لا يمكن إنكار دور الخلافات السياسية والجيوسياسية وأحيانًا الخلافات الحدودية في هذا الشعور بالتهديد، إلا أن العامل الأكثر أهميةً هو عدم وجود آليات أمنية مشتركة مثل معاهدة الأمن الجماعي(التي دعت إليها إيران مرارًا وتكرارًا)، إلى جانب عدم استقلالية السياسة الخارجية وتبعية مشيخات مثل الإمارات للسياسات التخريبية والانقسامية للولايات المتحدة.

وفي مثل هذه الظروف، كان الميل إلى تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، على أساس إنشاء حماية أمنية في ظل إستراتيجية الولايات المتحدة طويلة الأمد لتشكيل تحالف إقليمي ضد إيران، عاملاً آخر في رغبة أبو ظبي في نزع فتيل التوترات مع طهران.

في الأساس، بالإضافة إلى المعارضة العامة لتطبيع العلاقات بين الدول الإسلامية والکيان الصهيوني كخطوة نحو تقويض الوحدة الإسلامية ومصالح الفلسطينيين، فإن طهران ترى في تحرك الإمارات لجر الصهاينة إلى مياه الخليج الفارسي تهديدًا أمنيًا كبيرًا لمصالحها الوطنية.

وفي عدة حوادث في مياه الإمارات، والتي أثارت مخاوف سلطات أبو ظبي، تمت الإشارة مباشرةً إلى قضية وجود الصهاينة، للدلالة على حقيقة أن وجود الصهاينة يمكن أن يعرض أمن الإمارات للخطر أيضًا. وفي مثل هذه الحالة، من المرجح أن تستخدم السلطات الإماراتية تهدئة التوترات كوسيلة لإزالة مخاوف إيران بشأن عمليات التطبيع.

من ناحية أخرى، فإن قضية الحرب اليمنية، ومأزق العدوان المستمر منذ 6 سنوات على هذا البلد، هي القضية الأخری التي أجبرت الإمارات على عدم التخلف عن السعوديين في عملية التهدئة.

وعلى الرغم من أن أهداف الإمارات والسعودية في الحرب في اليمن تبتعد عن بعضها البعض، وأبو ظبي، بإعلانها انسحابًا مباشرًا من الحرب، قد فوضت جزءًا مهمًا من خططها للقوات بالوكالة في جنوب اليمن(المجلس الانتقالي الجنوبي)، إلا أن المخاوف بشأن التحديات الأمنية ومستقبل علاقات صنعاء مع المجلس الانتقالي، هي قضايا تريد الإمارات التحدث مع طهران بشأنها.

آفاق خفض التصعيد في ضوء التکهنات

على الرغم من أن الرغبة في خفض التصعيد يمكن أن تكون خطوةً مهمةً في تقليل الخلافات بين البلدين، إلا أن التقدم في خفض التصعيد يتطلب بالتأكيد حدًا أدنى من التمهيد للأرضيات المطلوبة.

لا شك أن الرغبة في الحفاظ على التعاون الاقتصادي وتوسيعه، من أهم أولويات البلدين للتوجه إلى الدبلوماسية لتقليل الخلافات. فلا ينبغي أن ننسى أنه على الرغم من الخلافات السياسية حول القضايا الإقليمية، والتي ليست بالقليلة، لا تزال طهران وأبو ظبي شريكين تجاريين مهمين لبعضهما البعض.

من ناحية أخرى، فإن التغيير في مواقف دول مجلس التعاون تجاه الحلفاء الإقليميين للجمهورية الإسلامية الإيرانية في محور المقاومة، بما في ذلك الحكومة السورية والشيعة العراقيون – على الرغم من ترافق ذلك حتى الآن مع دوافع تدخلية للتأثير على علاقاتهم مع إيران- لكن طهران ما زالت ترحب به.

لقد ساعدت الدولارات النفطية لمشيخات الخليج، مثل الإمارات العربية المتحدة، في نشر الإرهاب وعدم الاستقرار والحرب في هذه البلدان في السنوات الأخيرة، وينبغي إعادة النظر في مثل هذه السياسات.

لكن القضية الأهم والأساس في تحديد عملية خفض التصعيد تعود إلى قضية تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، والتي أعلن مسؤولو الجمهورية الإسلامية خطوطًا حمراء واضحة في هذا الصدد في العام الماضي، لا يُسمح بتجاوزها.

إن مدى تصرُّف المسؤولين الإماراتيين، وخاصةً محمد بن زايد، لصالح سياسات الصهاينة الانقسامية والخطيرة لأمن الخليج الفارسي وعلاقات الجوار بين إيران والإمارات، أو اتخاذهم لسلوك واقعي ومسؤول إدراكًا لمثل هذا الخطر، موضوعٌ يضع جدية أبو ظبي في التهدئة على المحك.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق