التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, مايو 2, 2024

خط سكّة حديد بين تل أبيب والرياض؛ الأبعاد والأهداف 

سعى الكيان الصهيوني طيلة السنوات الماضية لتطبيع العلاقات مع العديد من الدول العربية لاسيّما في مجلس التعاون وخصوصاً السعودية. ولم تقتصر هذه المساعي على اللقاءات السريّة وغير الرسمية بين الجانبين بل تعدتها لتصل إلى مرحلة العلن والإشارة إلى إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين.

ومن الخطوات التي اتخذتها إسرائيل من أجل ترجمة هذه المساعي على أرض الواقع التفكير بمد خطوط مواصلات بريّة بين فلسطين المحتلة والبلدان المجاورة وفي مقدمتها السعودية.

في هذا السياق أعلن وزير النقل الإسرائيلي “يسرائيل كاتس” عن خطة لربط شبكة السكك الحديدية الإسرائيلية بالشبكة الأردنية ومنها إلى السعودية ودول مجلس التعاون، وقال إنه عرض الخطة على الإدارة الأمريكية.

وذكر كاتس في مؤتمر صحفي أن هذه الخطوة تأتي في إطار ما سمّاه “خطة للسلام الإقليمي” وهي تنص على نقل البضائع والمسافرين من ميناء حيفا على البحر المتوسط عبر الأردن إلى ميناء الدمّام السعودي. وأضاف أنه عرض الفكرة على “جيسون غرينبلات” مبعوث الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” إلى الشرق الأوسط وقد تحمس لها.

ووفقاً للخطة، تبدأ السكّة الحديدية من حيفا مروراً بمدينة بيسان في الأغوار، ومنها عبر معبر الشيخ حسين إلى مدينة إربد الأردنية، وصولاً إلى السعودية ودول مجلس التعاون.

ما هي أهداف هذه الخطة؟

الخروج من العزلة الإقليمية

يعاني الكيان الإسرائيلي من عزلة إقليمية خانقة باعتباره كياناً غاصباً للأراضي الفلسطينية، ومرتكباً لجرائم شنيعة ضد الشعب الفلسطيني بشكل خاص وباقي دول وشعوب المنطقة بشكل عام، ومن الطبيعي أن مد سكك حديد بين هذا الكيان وبعض دول المنطقة، سيخرجه من هذه العزلة التي تضاعفت بعد هزيمته على يد حزب الله لبنان في تموز 2006 وفشل عدوانه المتكرر على قطاع غزة.

وبعد إعلان الرئيس الأمريكي القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي وقراره نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس زادت عزلة الكيان الإسرائيلي بسبب الاحتجاجات الواسعة التي شهدها العالم الإسلامي والمنطقة بشكل خاص ضد هذه القرارات.

ومن الأمور التي تعوّل عليها تل أبيب لتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية العزف على وتر “إيران فوبيا” خصوصاً وأن السعودية وحلفاءها في المنطقة يلعبون دوراً مهماً في تكريس حالة العداء ضد الجمهورية الإسلامية بسبب دعمها لمحور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الصهيوأمريكي الساعي لتمزيق الشرق الأوسط ونهب ثرواته والعبث بمقدراته.

ويأتي مشروع مد سكك حديد بين إسرائيل والسعودية عبر الأراضي الأردنية والذي يهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين هذه الأطراف لغرض التمهيد لتطبيع العلاقات في المجالات السياسية والدبلوماسية.

المزايا الاقتصادية لسكك الحديد بين تل أبيب والرياض

– الاستفادة من هذا الخط في نقل البضائع والمسافرين بين ميناء حيفا والدول العربية التي تعتزم تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وهذا الأمر في الحقيقة سيعود بالنفع الكبير على هذا الكيان من الناحية الاقتصادية، خصوصاً وأن ميناء حيفا سيتحول إلى خط ترانزيت استراتيجي بين دول مجلس التعاون والقارة الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط، وهو ما من شأنه أن يقلل من أهمية قناة السويس التي تربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر والتي تستفيد منها مصر بشكل كبير في تقوية اقتصادها في شتى المجالات.

– يعتقد المراقبون بأن خط سكك الحديد بين الكيان الإسرائيلي والسعودية عبر الأردن سيشكل عامل ضغط على الدول العربية الأخرى لاسيّما العراق باعتبار أن الأخير يعتمد في استيراد الكثير من البضائع عن طريق الأردن، وبالتالي فإن الخط المذكور الذي سيكون مفتاحه بيد تل أبيب سيهدد الأمن الاقتصادي للعديد من دول المنطقة.

العقبات والقيود

لابدّ من الإشارة هنا إلى أن خط سكك الحديد بين إسرائيل والسعودية يواجه عقبات متعددة بينها أن الدول العربية باستثناء مصر والأردن لا تعترف رسمياً بالكيان الصهيوني، وهذا الأمر من شأنه أن يعيق أو يؤخر توسيع هذا الخط باعتبار أن فتح قنوات اقتصادية بحاجة إلى إقامة علاقات سياسية ودبلوماسية، وهو ما لم يحصل حتى الآن.

– يخشى الكيان الإسرائيلي من تعرض خط سكك الحديد بينه وبين السعودية إلى هجمات مسلحة في المستقبل في ظل الظروف المعقدة التي يشهدها الشرق الأوسط والتي نجمت أساساً عن احتلال فلسطين من قبل الصهاينة وتشريد أهلها وتهديد الأمن والاستقرار في عموم المنطقة.

– معارضة شعوب المنطقة لإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وحتى في حال مد خط سكك حديد بين هذا الكيان والسعودية عبر الأردن، فإن هذه المعارضة ستحول دون إقامة علاقات اقتصادية وتجارية مع تل أبيب، ما يعني أن هذا المشروع سيولد ميّتاً ولن يكتب له النجاح في حال تنفيذه.

– من الممكن جداً أن تقوم الدول العربية بالضغط على الكيان الصهيوني من الناحية الاقتصادية في المستقبل من خلال الإحجام عن الاستفادة من خط سكك الحديد بين إسرائيل والسعودية، أي بمعنى آخر أن هذا الخط سيكون بمثابة سلاح ذي حدّين، وتوظيفه لمصلحة أحد الجانبين يعتمد على الظروف التي ستشهدها المنطقة في المستقبل وإمكانية كل طرف في الضغط على الطرف الآخر.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق