التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مايو 3, 2024

نصرالله يبدد الاوهام الاسرائيلية السعودية المشتركة 

أجمل الأمين العام لحزب الله سماحة السيد نصر الله، التهديدات العسكرية المحدقة بلبنان، بمستويين: «الحرب أو ما هو أقل من الحرب». وهو ما يعني أن سيناريوات المواجهة العسكرية «من دون التطرق الى أنواع التهديدات الأخرى الامنية والاقتصادية..» غير محصورة – نظرياً – فقط بخيارين، إما حرب لا تبقي ولا تذر على جانبي الحدود، وإما الهدوء التام والدائم. وإنما هناك سيناريو ثالث يتمثل بامكانية نشوب مواجهة عسكرية قد تكون قاسية للطرفين وقد لا تكون، لكن تبقى دون الحرب التدميرية الواسعة.

يعود وجود احتمال سيناريو المواجهة العسكرية «ما دون الحرب»، الى أن العدو الاسرائيلي يحاول أن يتجنب الحرب بسبب ادراكه للاثمان التي سيدفعها، فضلا عن أن جدواها غير مضمونة بالنسبة لما يأملونه من أهداف. وعلى هذه الخلفية، هناك حرص في تل أبيب على السعي لتجنبها.
في المقابل، من الواضح أن حزب الله لا يريد هذه الحرب، ابتداء، ولا تنسجم مع استراتيجيته الدفاعية والردعية. ولكن من الواضح أيضا، أنه في حال فرضت عليه سيذهب بها حتى النهاية.
صحيح أن التطورات الإقليمية، «في سوريا والعراق» أدت الى استنفاذ العدو خياراته ورهاناته البديلة، وهو ما يقلص خياراته، ويدفعه نحو مسارين: إما الى التعايش القهري على قاعدة الردع المتبادل، واما المبادرة الى الخيار العسكري، لكن نفس هذه التطورات التي أدت الى استنفاذ خياراته البديلة، وتدفعه نحو أحد خيارين، أدت أيضا الى تعزيز قوة دفاع حزب الله وردعه ووسعت خياراته في الرد والهجوم الدفاعي. لذلك لفت السيد الى الاعتقاد (أنهم على ضوء كل التطورات الموجودة في المنطقة، ما جرى في لبنان وما جرى في سورية وما جرى في العراق، التطور الموجود في إيران، في المنطقة، هم يعرفون جيدا أن كل ما قلته في الخطابات السابقة وفي المناسبات السابقة عن الحرب وتقديرات الحرب وميادين الحرب وساحات الحرب هم يعرفون هذه الأمور بدقة ويعرفون أن هذه ليست حربا نفسية وإنما هذه وقائع تصنع، ومعادلات صنعت، والإسرائيلي يأخذها بعين الاعتبار).
وجود سيناريو ما دون الحرب، في وعي قادة العدو، هو الذي أدى الى تبلور ارضية تنطوي على امكانية أن يستدرج العدو نفسه، عبر تقديرات خاطئة، ظنا منه أنه بالامكان المبادرة الى اعتداءات مدروسة، ويضمن في الوقت نفسه عدم دفع أثمان قاسية.
من الواضح من كلام سماحته، أنه يرى أن ما قد يدفع العدو للمبادرة، هو الخطأ في الحسابات والتقدير… وبالتالي فإن حزب الله في الوقت الذي يستبعد امكانية نشوب حرب، يرى أن هناك ارضية ما، لإمكانية ولو منخفضة لأن يخطئ العدو في تقديراته ويبادر.
على هذا الأساس يأتي بقاء المقاومة على جهوزية واستعداد، بل وتتعامل معه على أنه قد يتحقق في أي وقت. «مع ملاحظة أن هذه الجهوزية الجدية والاستعداد للرد بما يتناسب، هما اللذان يساهمان في تقليص احتمالات تحققه. لكن بما أن من يتخذ القرارات بشر فهو قابل للخطأ في التقدير والحسابات». وثبت بالتجربة أن هذه الجهوزية والتوثب لدى حزب الله هو الذي حال حتى الان دون ارتكاب العدو أخطاء تؤدي الى انفجار الوضع.
صحيح أن هذا الاحتمال، يبقى نظرياً قائما في كل المراحل، لكن درجته ترتفع من مرحلة الى أخرى. ويبدو من خلال ما أوضحه سماحة السيد، أنه يرى أن المستجد السعودي والسياسة التي يعتمدها في مواجهة لبنان، قد توهم العدو بأن الارضية مناسبة لتوجيه ضربة ما للمقاومة في لبنان. وبالطبع هذا الخيار الابتدائي يبقى دون سقف الحرب.
في مواجهة هذا المستجد وما قد يترتب عليه من نتائج، كان للسيد موقفه الحاسم: «أحذرهم… من أي خطوة ناقصة، من أي محاولة لإستغلال الوضع. لا يظن الإسرائيلي أننا نحن الآن مربكون وخائفون وقلقون». وفي هذه اللحظة بالذات، كان لا بد من توضيح رؤية حزب الله وموقفه، الذي يبدد الأوهام الاسرائيلية السعودية المشتركة، وهي أن حزب الله لا يرى في هذه التطورات ما قد يردعه أو يمنعه عن الرد القاسي والمؤلم الذي يردع العدو ويجعله يندم على خياره، ويكتشف خطأ الرهانات والتقديرات التي استند اليها. وهو ما برز في كلام سماحته، (لا، لا على الإطلاق، على الإطلاق، ولو اطلعوا على تقييمنا الحقيقي لهذه الأخطاء التي ارتكبت حتى الآن لأيقنوا أننا اليوم أشد يقيناً وحضوراً وإحساساً بالقوة في مقابل أي تهديد).
وهكذا تتجلى مرة أخرى حاجة لبنان الى قوة المقاومة الدفاعية والردعية، في مواجهة أي متغيرات ومستجدات في هذا العالم المليء بالمتغيرات المتسارعة التي تنطوي على تهديدات متعاظمة. صحيح أن كل المجتمعات والدول تحتاج الى القوة من أجل الدفاع عن وجودها وأمنها واستقرارها، لكن الدول الصغيرة هي الاكثر حاجة من غيرها الى هذه القوة. فكيف اذا ما كانت هذه الدول الصغيرة محاطة بالتهديدات الوجودية، وكيف اذا ما كان أخطر تهديدين على وجه الكرة الارضية، المتربصين بهذا الوطن، الكيان الصهيوني، والتهديد التكفيري، الذي هو في طريقه الى الزوال..
بقلم / حيدر جهاد

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق