التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

المقومات الرئيسية لاتحاد آل سعود و الوهابية 

تقوم العلاقة بين الدين والدولة في السعودية على عناصر رئيسية، وهي عناصر تلعب دورا رئيسيا في استمرار العلاقة المشار إليها، ويسلط كل من هذه العناصر الضوء على جانب من هذه العلاقة.

قامت المملكة السعودية مرتكزة على اتحاد قديم بين آل سعود (الزعماء السياسيين) و آل الشيخ (الزعماء الدينيين)، بحيث ظل هذا الاتحاد ركنا ركينا للحكومة السعودية على مدى تاريخها. فمنح الاتحاد المشار إليه آل سعود الامكانية لتعزيز نفوذهم وتوسيع رقعة المنطقة التي يسيطرون عليها، ومن ناحية أخرى وفر هذا الاتحاد لآل الشيخ امكانية توسيع نفوذهم الديني إلى جميع أرجاء المجتمع السعودية؛ مما منحهم حصة لافتة للنظر من السلطة.

وباتحاد أسرة آل سعود مع أسرة آل الشيخ، قامت الدولة الوهابية في بلاد الحجاز. وبتعزيز الحكومة الوهابية سلطتها على المنظومة الدينية بصورة تدريجية، ظهر الفكر الوهابي الحكومي، فتحولت البلاد الى دولة وهابية تستخدم الفكر الوهابي من اجل اضفاء الشرعية على وجودها، ومقابل ذلك كانت الوهابية الحكومية تحصل على منح مادية ومعنوية؛ وفي هذا الصدد تعد ظاهرة المؤسساتية في السعودية من ثمار تحول البلاد من الحكومة الوهابية الى الحكومة شبه الوهابية.

وقد أدى هذا الأمر الى صمود العلاقة بين الحكومة السعودية والمنظومة الدينية في البلاد وعدم تعرضها لتغييرات كبيرة على الرغم من الاختلافات الكبيرة التي تشقف صف الطرفين؛ في الحقيقة يمكن القول أن العلاقة بين الدين والسياسة في السعودية كانت ولا زالت تتأثر بعناصر رئيسية، وهي عناصر كان لها دور كبير في استمرار العلاقة التي أشير إليها، ويسلط كل منها الضوء على جانب من هذه العلاقة.

بصورة عامة يمكن القول أن العلاقة بين آل سعود والمنظومة الدينية الرسمية في تقوم على ثلاثة عناصر رئيسية هي:

1- اضفاء المشروعية: في هذا المجال يستخدم آل سعود أسرة آل الشيخ من أجل المحافظة على السلطة وتبرير ممارساتهم واضفاء المشروعية على استمرار سيطرتهم على السلطة. وبعبارة أخرى تقاسم السلطة بالطريقة التي يرغب بها آل سعود أي بما يضمن لهم استغلال نفوذهم ويضفي المشروعية على الخطاب الوهابي في المجتمع السعودي.

2- التنفع: في هذا المجال، غالبا ما تسخر أسرة آل الشيخ نفوذها في المجتمع السعودي لتحقيق الاهداف المنشودة ولصالح آل سعود، ومقابل هذا النوع من الخدمات يحصل آل الشيخ على حصة من السلطة بالإضافة الى امتيازات عديدة في المجتمع. ويسيطر آل الشيخ على الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وعدد من الوزارات (وزارة التعليم ووزارة الأوقاف)، كما تقدم هيئة كبار العلماء المشورة للملك، وتتمتع بنفوذ كبير في المستويات العليا للنظام السعودي. وبناء على ما مر ذكره، فإن آل الشيخ يضفون الشرعية على خطوات آل سعود وسياساتهم، فيما يحصلون على أرباح لافتة للنظر مقابل ذلك.

3- عنصر الاستئثار :ويعني ان السلطتين الدينية والسياسية المتحدتين والمتفقتين في السعودية تدعم احداهما مكانة الاخرى ونفوذها من أجل الاستئثار بمؤسسات الدولة والمؤسسة الدينية. أي أن أسرة آل الشيخ تستخدم الخطاب الوهابي الذي يؤمن به المجتمع السعودي، ليصفوا معارضة نظام آل سعود بأنها خروج عن طاعة ولي الامر، وبالنتجية فإنها كالكفر، وتنهى أسرة آل الشيخ المجتمع عن ارتكاب ذلك، مما يمنحها دورا رئيسيا في اضعاف الخصوم المحتملين لآل سعود والتخلص منهم.

وكذلك يستخدم آل سعود الادوات والامكانيات المتاحة لهم، الترغيبية والترهيبية للتخلص من أي خصم داخلي (وهابي) أو خارجي (غر وهابي) قد يتحدى شرعية الخطاب الوهابي في المجتمع السعودي. ويساعد هذا الأمر على استئثار اسرتي آل الشيخ وآل سعود بالسلطتين الدينية والسياسية.

في الحقيقة إن هذه الجوانب الثلاثة المشار إليها أعلاه، هي الأسس العامة للعلاقة بين المؤسسة الدينية السعودية والحكومة. لذلك على الرغم من التطورات الكبيرة التي مرت بها العلاقة بين الدين والسياسة في السعودية والازمات والانفراجات، إلا أن هذه العناصر الثلاثة كانت وما تزال تمنع انهيار العلاقة بين الطرفين كليا.ويعلم آل سعود وآل الشيخ جيدا أن في حال تخليهم عن التزاماتهم تجاه أحدهما الأخر فإنهما سيواجهان مشاكل جمة في مجال الاستئثار بالسلطة، وستكون هذه المشاكل مخاضا عسيرا يهدد مشروعية آل سعود والنفع الذي يعود على آل الشيخ من سلطتهم.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق