جبهة النصرة والبحث عن الرضا الأمريكي 

ان تغيير اسم جبهة النصرة وانفصالها عن القاعدة كان الهدف منه فقط التأثير على السياسة الامريكية فالهدف من هذه المسرحية هو القضاء على احتمال التعاون العسكري الروسي الامريكي ضد الجماعات المتطرفة، كما تحاول جبهة النصرة من وراء هذا الانفصال القيام بلعب دور اكبر في سوريا.

لكن من يراقب التطورات على الساحة السورية يعلم جيدا ان صدور رخصة انفصال النصرة عن القاعدة من قبل الظواهري هو فقط جزء من خطة سياسية، ويقول المحلل البريطاني للشؤون السورية تشارلز ليسر ان القيادة المركزية للقاعدة لها دور سياسي كبير في نجاح جبهة النصرة في الحرب على بشار الاسد فهي تولي اهتماما بالغا لجبهة النصرة تماما مثلما تهتم بفرع القاعدة في الجزيرة العربية.

ولم تكن هذه هي المرة الاولى التي يتم طرح موضوع انفصال النصرة عن القاعدة في الحرب السورية ففي العام الماضي راود القلق تركيا وقطر والسعودية من احتمال قيام ادارة اوباما بالوقوف بقوة امام استراتيجيتهم لدعم جبهة النصرة.

لقد قابل مسؤولو المخابرات القطرية الجولاني عدة مرات ووعدوه بانهم سيقدمون مساعدات كبيرة للنصرة في حال الانفصال عن القاعدة.

ان ولاء الجولاني يعتبر هاما بالنسبة للقاعدة فنجاح النصرة في شمال غرب سوريا وخاصة في محافظة ادلب منح القاعدة الفرصة الاولى لانشاء دولة مستقلة، ان الأمل الذي كانت القاعدة تعقده على جبهة النصرة كان كبيرا الى درجة اقدمت جبهة النصرة في العام الماضي على تهيئة مستلزمات اعلان “امارة” لنفسها في سوريا.

ان طموحات القاعدة بشأن فرعها في سوريا تفسر لنا سبب قيام بعض قادة هذا التنظيم المتطرف بزيارة سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية فالدفاع عن مشروع امارة القاعدة في مواجهة اغراءات داعش للمسلحين المتطرفين يعتبر امرا ضروريا.

ان الاسم الجديد لجبهة النصرة هو جبهة فتح الشام، فإسم الشام يشير الى سوريا وفلسطين ولبنان والاردن، اما السبب الرئيسي لهذا التغيير في الاسم وانشاء منظمة مستقلة ظاهريا فهو ضرب الشراكة والتعاون بين روسيا وامريكا لاستهداف جبهة النصرة.

قبل بدء المفاوضات بين ممثلي القاعدة وجبهة النصرة لايجاد هذا التغيير كانت جبهة النصرة تستعد لاعلان امارتها في ادلب لكن التغيير في السياسات الامريكية وشن الغارات على جبهة النصرة كان بمثابة كارثة لهذه المنظمة الارهابية، ان ادارة اوباما كانت تعتبر منذ البداية جبهة النصرة منظمة ارهابية لكن وقف اطلاق النار اوجد نوعا من الحصانة للنصرة رغم انها لم تكن في الاساس جزءا من وقف اطلاق النار لكن التفاهم بين جون كيري وسيرغي لافروف كان يقضي بأن تستثني القاذفات الروسية مواقع النصرة من القصف ما دامت جماعات المعارضة المدعومة امريكيا لم تنفصل بعد عن النصرة.

ان انفصال المعارضة التي تعتبرها امريكا مشروعة عن جبهة النصرة لم تحدث ابدا وهذه الجماعات هي التي انهت وقف اطلاق النار فلذلك أتى الاتفاق الروسي الامريكي للتعاون عسكريا ضد جبهة النصرة ليشكل ضربة الى هذا التنظيم، ان هذا الاتفاق لم يصبح نهائيا بعد لكن قادة جبهة النصرة علموا من وسائل الاعلام بأن البنتاغون والسي اي ايه تعارضان بشدة التعاون الامريكي مع روسيا ولذلك قرر قادة النصرة خلق مسرحية الانفصال عن القاعدة لكي يرجحوا كفة القوى المعارضة للتعاون مع روسيا في داخل امريكا.
المصدر / الوقت