التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, يونيو 2, 2024

الكيان الإسرائيلي يتغلغل في القارة الإفريقية بدعمه للرئيس الانفصالي سعياً لتحقيق الدولة المزعومة “من الفرات إلى النيل” 

تجددت أعمال الإقتتال في جنوب السودان، وسط أنباء تفيد بضلوع الكيان الإسرائيلي في نشوب أعمال العنف في هذh البلد الهش، المنهمك في مشاغله التنموية ومشاكله الأمنية، فأصغر دولةٍ في إفريقيا الأن على حافة الهاوية مرة أُخرى بعد تجدد القتال بين حراس الرئيس ونائب الرئيس في جنوب السودان في 8 تموز من هذا العام.

وبعد يومين من نشوب الأعمال المسلحة قتل أكثر من 300 شخص، بينهم جنود ومدنيين وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، فقد لقي عددٌ من هذه القوات مصرعهم في العاصمة جوبا.

ويلقى اللوم في هذه الإشتباكات على الرئيس سلفا كير ونائبه رياك مشار، وهو زعيم سابق للمتمردين، حيث وبعد أيام من أعمال العنف أعلن الطرفان وقف الأعمال القتالية.

وقع الطرفان إتفاق سلام في العام الماضي لإنهاء الحرب الأهلية التي إشتعلت منذ عام 2013 وأدت لمقتل الألاف، هذا القتال الذي أسفر عن مقتل ما يقارب من 50000 شخص وتشريد 2000000 أخرين، انتهت هذه الحرب الأهلية رسمياً في العام الماضي مع توقيع مبدئي على إتفاق سلام من شأنه أن يشمل الطرفين في تشكيل حكومة جديدة.

زيارة نتنياهو للقارة الإفريقية وإشتعال الإقتتال بين أبناء جنوب السودان

يقول مراقبون إن الإقتتال في هذا البلد إندلع بعد أيام فقط من لقاء رئيس جنوب السودان مع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا المجاورة خلال الجولة التي قام بها نتنياهو لأربع دول من دول حوض النيل في شرق أفريقيا، حيث يتساءل مراقبون هل سبب زيارة نتنياهو إلى القارة الإفريقية هو السعي نحو تحقيق الحلم الماسوني المزعوم بإقامة دولة لقيطة من الفرات إلى النيل.

فعادت أعمال العنف في هذا البلد الذي انفصل عن السودان وبعد ست سنوات من الحكم الذاتي وعقود من الحرب الأهلية التي استمرت من أواخر 1950 إلى 1972، ثم مرة أخرى بين عامي 1983 و 2005، حيث أدت حينها إلى مقتل الملايين.

فعلى مدى عدة عقود، قامت كلاً من أمريكا والكيان الإسرائيلي بوضع استراتيجية لبلقنة السودان، هذا البلد الإسلامي الذي يعتبر أكبر دولة في قارة أفريقيا، وبدعم من المتمردين والانفصاليين ففي نهاية المطاف انفصل جنوب السودان الأمر الذي اعتبره الكثير من المراقبين مشروعاً خاصاً للكيان الإسرائيلي في هذه القارة، فالهدف الرئيسي في السياسة الخارجية الصهيوأمريكية هو نشر الفوضى، ونشر الموت والدمار في العالمين الإسلامي والعربي.

فالسودان الشمالي الذي تسكنه أغلبية مسلمة، انضم إلى الجامعة العربية بعد الاستقلال مباشرةً، في عام 1956، وبدأ حينها الكيان الإسرائيلي بشن مشروعه الرامي إلى زعزعة الاستقرار في السودان منذ ذلك الحين، من خلال إشعال النزاع المفتعل بين المسلمين في الشمال والمسيحيين في الجنوب.

وفي هذا الصدد كان هدف الكيان الإسرائيلي هو تقسيم السودان في نهاية المطاف بغية كسب موطئ قدم في الجنوب للوصول إلى الموارد الاستراتيجية في البلاد بما في ذلك النفط والسيطرة أيضا علی الموارد المائية المهمة من نهر النيل الذي يمر عبر السودان، حيث سعى الكيان الإسرائيلي حينها إلى تقديم نفسه كبطل الجنوب للمسيحيين السودانيين.

وبناءً على هذه المطامع الإسرائيلية قام الكيان الإسرائيلي بعدة محاولات لجذب الشعب في جنوب السودان وحثهم على الإنفصال عن إخوتهم أبناء جلدتهم في الشمال عام 2011، فبعد عقودٍ من الحرب الأهلية، كانت الجماهير الساذجة تعقد آمالاً كبيرة على حياةٍ مزدهرةٍ فكانوا يجهلون حينها القوى التي دفعتهم نحو الإنفصال، فلم يعرف جنوب السودان أي معنى للسلم أو الأمن والإستقرار منذ الإنفصال عن الشمال.

فجنوب السودان غني بالنفط، وبالرغم من ذلك هو من بين أفقر الدول على وجه الأرض، فهو الأن يمثل بؤرةً إستيطانيةً إستعماريةً جديدة على خريطة الإمبراطورية لأمريكا والكيان الإسرائيلي، ففي الواقع تحول استقلال جنوب السودان إلى واحدة من أسوأ المآسي في عصرنا الحديث.

الكيان الإسرائيلي وتوريد الأسلحة إلى الرئيس الإنفصالي سلفاكير

يرى مراقبون أن أسباب النزاع السوداني الجنوبي الحالي هو قيام الكيان الإسرائيلي بتوريد الأسلحة ودعم إحدى الفصائل المتحاربة في جنوب السودان، فيقوم الكيان الإسرائيلي بمساندة الرئيس السوداني الجنوبي سلفا كير في الوقت الذي يلقي به الأخير اللوم على الحكومة السودانية المجاورة والرئيس عمر البشير بدعم منافسه رياك ماشار.

ففي شهر يونيو 2015، إعترفت وسائل الإعلام الصهيونية أن عدداً كبيراً من المتظاهرين قد تجمعوا أمام مبنى الدفاع الدولي والأمن الوطني منددين بقيام الكيان الإسرائيلي ببيع الأسلحة إلى جوبا حيث تستخدم هذه الأسلحة لارتكاب الفظائع بحق أبناء البلد المقسم، وحمل المتظاهرون حينها لافتات تحمل عبارة “أوقفوا تسليح جنوب السودان” كدليل على عدم رضاهم عن هذا الاتجاه.

تاريخ الدعم الإسرائيلي لجنوب السودان

إن الدعم الإسرائيلي لدولة جنوب السودان بدأ مبكراً قبل ولادة هذه الدولة، حينما تلاقت المصالح بين الحركة الانفصالية والكيان الإسرائيلي.

والسودان ومنذ أمد بعيد يعتبر بأنه محط أنظار الكيان الإسرائيلي، فهو الذي أوجد الحركة الانفصالية آنذاك والتي تمثلت بكونها المعبر المضمون للدخول للعمق الأفريقي.

فالكيان الإسرائيلي ينظر إلى دولة جنوب السودان بأبعاد ثلاثة، هي البعد الإستراتيجي الذي يشمل وضع موطئ قدم في أفريقيا، والبعد الديني ويتعلق بمعتقدات مزعومة تشير إلى وجود تابوت في منطقة البحيرات، و البعد الاقتصادي المرتبط بوجود المياه والنفط.

فقدم الكيان الإسرائيلي وعوداً لحركة التمرد بالدعم حتى تمكنهم من إقامة دولتهم الانفصالية، لذلك كانت إسرائيل هي أول زيارة يقوم بها رئيس جنوب السودان سلفاكير.

فها هو جنوب السودان اليوم يجني ما زرعه من علاقاته مع الكيان الإسرائيلي، فهو الأن يتصارع من أجل أن يكون دولة، فالعلاقة بين بعض الخونة في جنوب السودان والكيان الإسرائيلي هشة قائمة على المصالح التي تقوم على قاعدة “إذا انتهت ستنتهي العلاقة”.

وفي أغسطس من عام 2015، أشار تقرير صادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة بأن الحرب الأهلية في جنوب السودان تجري بسبب تدفق الأسلحة الإسرائيلية إلى داخل البلاد، فتظهر صوراً عرضها التقرير من ساحات القتال في البلاد الأسلحة الإسرائيلية المستخدمة هناك ووفقاً لتقرير أخر صادر عن لجنة مجلس الأمن الدولي الخاصة أظهرت صورٌ أيضاً وزراءً من جنوب السودان ورؤساء الأجهزة الأمنية هناك يحملون أسلحة إسرائيلية الصنع.

و ذكرت الصحف السودانية أيضا بأن الكيان الإسرائيلي قدم لحكومة جوبا صواريخ ومعدات عسكرية بالإضافة إلى مرتزقة أفريقية مدربة.

وكان المراسل العسكري لصحيفة هآرتس غيلي كوهين كشف بأن الكيان الإسرائيلي طلب فرض السرية على دعاوٍ قضائية ضد تصديره وسائل قتالية إلى دولة جنوب السودان، وأشار أيضاً إلى استمرار العلاقات بين إسرائيل وروندا بما قد يشمل تصدير أسلحة.

وأكد كوهين المراسل العسكري للصحيفة أن طلب فرض السرية جاء عقب شكوى رفعتها عضوة الكنيست “تمار زندبيرغ” إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لمعرفة طبيعة الأسلحة التي تصدرها إسرائيل إلى جنوب السودان بعد أن أصدرت الأمم المتحدة تقريراً ذكرت فيه أن قوات جنوب السودان طوّرت قدراتها الأمنية في ملاحقة معارضيها بفضل الإمكانيات التسليحية التي حصلت عليها مؤخراً من الكيان الإسرائيلي.

ويبقى في النهاية السؤال وعلامات الإستفهام قائمة حول هذا الكيان اللقيط المدعوم من أمريكيا ودول نفطية وكيفية لعبه هذا الدور في هذه القارة الكبيرة والأسلحة التي يشتريها بأموال عربية ملطخة بدماء أبناء البلاد العربية والإفريقية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق