التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مايو 3, 2024

ماذا يحظى تحرير الرقّة بأهمية خاصة لأمريكا؟ 

مدينة الرقّة الواقعة شمال شرق سوريا هي مركز مقاطعة الرقّة وتبلغ مساحتها حوالي 1900 كيلومتر مربع، ويصل عدد نفوسها إلى نحو 220 ألف نسمة حسب التعداد العام للسكان لسنة 2011.

ووقعت هذه المدينة بيد تنظيم “داعش” الإرهابي في نيسان/أبريل عام 2013 وإتخذها هذا التنظيم كعاصمة ومعقل رئيسي له في سوريا منذ 29 حزيران/ يونيو 2014.

وبدأت عمليات تحرير الرقّة في 24 مايو / أيار الماضي بمشاركة نحو 30 ألف مقاتل من “قوات سوريا الديمقراطية”* بينهم 25 ألف من الأكراد و5 آلاف من العرب وحوالي 500 جندي أمريكي وبدعم جويّ من قبل طائرات “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب” الذي تقوده واشنطن.

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن يدور حول سبب مشاركة القوات الأمريكية في هذه العمليات بشكل مباشر والأهداف التي تتوخاها واشنطن من وراء هذه المشاركة، خصوصاً وإن هذه القوات لم تشارك قبل ذلك في الحرب ضد الجماعات الإرهابية ومن بينها “داعش” في الشرق الأوسط وتحديداً منذ إندلاع الأزمة السورية في آذار / مارس عام 2011 إلاّ في بعض الأوقات ومن خلال مشاركة عدد محدود من المستشارين العسكريين.

الإجابة عن هذا التساؤل تكمن بمعرفة التطورات العسكرية والسیاسية التي شهدتها المنطقة مؤخراً والتي يمكن تلخيصها بما يلي:

إعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال كلمته بمناسبة حلول العام الميلادي 2015 بأن واشنطن لم تكن تمتلك أيّ إستراتيجية محددة وواضحة في محاربة الجماعات الإرهابية وخصوصاً تنظيم “داعش”، وهذا الكلام قد أثار دهشة الكثير من المراقبين؛ إذ كيف يمكن لدولة تدّعي أنها عظمى أن لا تكون لها إستراتيجية محددة وواضحة في محاربة الإرهاب في وقت باتت فيه أغلب دول العالم إن لم نقل جميعها تفكر بهذا الموضوع وتعتقد بضرورة التعامل معه وفق أطر محددة وفاعلة للحد من مخاطره وآثاره الكارثية على المديين القريب والبعيد. ولكن أوباما لم ينطق بغير الحقيقة التي تؤكد بأن الإدارة الأمريكية لم تكن جادّة على الإطلاق في مواجة الإرهاب رغم تشكيلها ما يسمى “التحالف الدولي” الذي يضم أكثر من خمسين دولة من مختلف الدول بهدف محاربة الإرهاب قبل نحو سنتين.
بدأت وزارة الدفاع الأمريكية تفكر بجديّة في مواجهة الإرهاب بعد دخول روسيا بقوة على خط الأزمة السورية ومشاركتها بشكل فعّال ومؤثر في ضرب مقرات ومواقع الجماعات الإرهابية لاسيّما “داعش” في سبتمبر/أيلول 2015.
وظهرت مشاركة أمريكا في هذا المجال وبشكل محدود من خلال دعمها للقوات الكردية في سوريا التي تمكنت من تحرير الكثير من مناطقها من الجماعات الارهابية والتي بدأتها بتحرير مدينة عين العرب “كوباني” قبل نحو عام ونصف العام.

ولكن بعد أن رأت واشنطن بأن نفوذها خصوصاً العسكري بدأ يضعف في الشرق الأوسط ويميل ميزان القوى لصالح روسيا وإيران ومحور المقاومة في المنطقة أخذت تخطط للحد من هذ التراجع، ولهذا أقدمت مؤخراً على إشراك قواتها بشكل مباشر في عمليات تحرير الرقّة إلى جانب القوات الكردية السورية علّها تتمكن من إستعادة جزء من مكانتها التي تعرضت للإهتزاز بشكل كبير خصوصاً بعد خروج قواتها مضطرة من العراق في نهاية عام 2011.

وتكمن أهمية الرقّة بالنسبة لأمريكا كونها تعد قريبة نسبياً من مدينة الموصل معقل “داعش” في العراق، ولهذا فهي تسعى للهيمنة على هذه المدينة لتحقيق عدّة أهداف بينها أن تكون هي اللاعب الرئيسي والفاعل في رسم الخريطة المستقبلية للمنطقة، وأن تتمكن من تحويل المنطقتين الغربية من العراق والشرقية من سوريا التي تسكنها غالبية سنيّة إلى قاعدة لإكمال مشروعها الرامي إلى تشكيل حزام أمني لقواتها العسكرية في هاتين المنطقتين، وإضعاف دور إيران وروسيا العسكري في الشرق الأوسط متوهمة بأن موسكو وطهران ليستا غافلتين عن هذا المشروع، ولا يمكن أن تسمحا لواشنطن بتنفيذه على أرض الواقع.

وهناك أسباب أخرى لسعي واشنطن للسيطرة على الرقّة يمكن تلخيصها بما يلي:

– عدم وجود رغبة أمريكية في أن يتم إستعادة الرقّة على أيدي الجيش والقوات السورية والأطراف الحليفة لها لاسيّما إيران وروسيا وحزب الله.

– نيّة أمريكا المبيَتة لتقسيم سوريا من خلال منح الأكراد في هذا البلد حكماً ذاتياً أو تقسيم البلد إلى وحدات فيدرالية، مستفيدة في هذا المجال من الإقتراح الروسي كسبيل لتسوية الأزمة السورية.

– إجبار “داعش” على ترك الرقّة والتوجه إلى محافظات سوريّة أخرى بينها “دير الزور” لإشغال الجيش السوري والقوات الحليفة له لاسيّما حزب الله.

– حرمان سوريا وشعبها من الموارد النفطية الموجودة قرب الرقّة وعموم المناطق الشمالية الشرقية من هذا البلد.

– تحقيق نصر سياسي للحزب الديمقراطي الأمريكي الذي تخوض مرشحته “هيلاري كلينتون” سباقاً محتدماً مع المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” لكسب الإنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

– قلب المعادلات السياسية لصالح الجماعات المعارضة في سوريا خلال أيّ مفاوضات مقبلة بين هذه الجماعات والحكومة السورية.

– تهيئة الأرضية لإيجاد منطقة “حظر جويّ” في شمال وشمال شرق سوريا للتمهيد لتشكل إقليم كردي في هذا البلد على غرار إقليم كردستان العراق الموالي لواشنطن.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق