التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, يونيو 2, 2024

تضارب الآراء والمواقف حول تحرير الموصل… من هو مرجع القرار؟ 

تضاربت آراء ومواقف القادة العراقيين والأمريكيين حول تحرير المناطق المحتلة على يد تنظيم داعش الإرهابي في العراق وتظهر خلافات کبيرة في أقوالهم؛ حيث أعلن المتحدث باسم التحالف الأمريكي ضد داعش العقيد “ستيف فارن” أنه “طرد داعش من الفلوجة لا يشكل اولوية عسكرية في الوضع الراهن، بل يتصدر قائمة الأولويات إخراج داعش من الموصل ولايوجد أي تبرير عسكري لإيلاء الإهتمام إلى تحرير الفلوجة قبل الموصل”.

وتأتي هذه التصريحات بينما يتحدث رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” عن “قرب إنطلاق العملية العسكرية الكبيرة وتحرير الفلوجة” والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل تضارب المواقف بين الحكومة العراقية والأمريكيين حول الموعد الزمني وطريقة تحرير المناطق المحتلة بيد داعش، أنه من هو مرجع القرار في العراق ومن يقول كلمة الفصل؟ ومن جهة أخرى، تشير هذه الأقوال المتباينة والمغايرة إلى حد ما، إلى الأهداف المستقبلية المتباينة التي ترسمها الأطراف المؤثرة في المجال السياسي والأمني العراقي في محاولة واضحة لتغيير معالم الأفق المستقبلي لصالحهم عبر تعزيز دورهم في عمليات تحرير المناطق والسيطرة عليها.

إنجازات الأطراف العاملة في العراق وأهدافها:

يمكن تفصيل الأطراف التي تخوض معركة تحرير المناطق المحتلة على يد داعش في العراق كالآتي:

الحكومة العراقية والشيعة (المدعومين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية)
أمريكا
أهل السنة (المدعومين من تركيا)
حزب الديمقراطي الكوردستاني
الإتحاد الوطني الكوردستاني
ب. ك. ك
ويجدر القول إن الفصائل الكردية تربطهم علاقات مختلفة مع الأطراف العاملة الأخرى في العراق بسبب إختلاف الأهداف والنوايا فضلا عن القوى الصغيرة من الأقليات المسيحية، والإيزدية والتركمان والتي تتبع الأطراف الرئيسية.

الحكومة العراقية والشيعة (المدعومين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية)
تتحمل الحكومة العراقية المسؤولية الرئيسية والقانونية والرسمية لتوفير الأمن في البلاد وتضم القوات الأمنية المختلفة من الجيش (وزارة الدفاع)، والشرطة (وزارة الداخلية)، وقوات مكافحة الإرهاب ومقاتلين من العشائر السنية فضلا عن “الحشد الشعبي” الذي يتسم بطبيعته العقائدية والدينية.

وقد أعلنت الحكومة العراقية عزمها على تحرير الموصل، لكنها ليست مرجع القرار الأخير في هذا المجال، بل تحتاج إلى الدعم وتعاون الأطراف الأخرى وخاصة أمريكا. ورغم أن القوات العراقية تشكل النواة الصلبة للقوات البرية المشاركة في هذه الحرب، وتأخذ القوات الأمريكية مسؤولية الدعم الجوي لهذه القوات، لكن التأييد الأمريكي يعتبر شرطا ضروريا لأي عملية عسكرية. ولذلك يمكن القول إن مرجع القرار الرئيسي في العراق هو أمريكا. ومن جهة أخرى تنتاب شكوك كثيرة حول قدرات وإستعدادات قوات الجيش العراقي وقوات الوزارة الداخلية ويحتاج الأمر تعزيز الإستعداد النفسي والعقائدي وتحليتهم بقوة الدفع والإستعداد للتضحية علما أن قوات الحشد الشعبي يتفوقون إستراتيجيا على الأطراف الأخرى العاملة في هذا المجال، غير أن أمريكا والقوات السنية تعارضان مشاركتهم في المعركة.

أمريكا
أعلن وزير الدفاع الأمريكي “أشتون كارتر” أن القضاء على داعش في العراق وسوريا (الموصل والرقة) هو الهدف الرئيسي للقوات المسلحة الأمريكية وتقضي اليوم الإستراتيجية العسكرية الأمريكية الكف عن إرسال القوات البرية للقتال في العراق، رغم أن الواقع الميداني دفع واشنطن إلى إرسال القوات الخاصة إلى هذا البلد حيث بلغ عدد قواتها 4076 جنديا وضابطا، كما تتواجد القوات الجوية الأمريكية في العراق وتتحمل مسؤولية الدعم والإسناد الجوي عن القوات العراقية.

وقد قال مدير المخابرات الأمريكية “جيمز كلاير” إنه “بإمكان أمريكا إستعادة الموصل، لكنها تتطلب القيام بعملية معقدة وبعيدة المدى ومن المستبعد أن تشهد الفترة المتبقية من عهد الرئيس اوباما تطورا كهذا ولاتقدر أمريكا حل المشكلة”.

ويدل جعل تحرير الموصل أولوية، بينما تبقى الفلوجة القريبة من بغداد تحت إحتلال تنظيم داعش الإرهابي، فضلا عن التفجيرات الإرهابية يوم 11/5/2016 والتي أشارت مرة أخرى إلى أن العراق لم يزل يتعرض لهجمات داعش، يدل على الأهداف السياسية التي تتبعها أمريكا من قراراتها العسكرية. وتهدف هذه التحركات الأمريكية إلى الحفاظ على التهديدات ضد بغداد وإنشغال عدد كبير من القوات الشيعية إلى الدفاع عنها وعدم قدرتها على التواجد في المناطق التي تنشط فيها القوات السنية.

أهل السنة (المدعومين من تركيا):
لاتريد القوى السياسية والإجتماعية لأهل السنة في العراق، سيطرة الحكومة العراقية الكاملة على المناطق المحررة، بل يعملون على كسب رضا الأطراف الإقليمية (تركيا والسعودية) والأطراف الدولية (أمريكا) بينما تختلف المسيرة التي إختارتها تركيا عن المسيرة الأمريكية؛ حيث أن أنقرة تعمل على الإتصال مع أهل السنة بعيدا عن الحكومة بهدف إنشاء القوة السياسية والعسكرية المعارضة للحكومة المركزية والسيطرة على جزء من الأراضي العراقية في محاولة منها لإنشاء واقع مشابه لما يجري في سوريا والتدخل في الشؤون العراقية عبر إنشاء منطقة تابعة لها كما في شمال القبرص. لكن الحقيقة التي تتجاهلها تركيا أن الواقع العراقي يختلف عن سوريا ولايسمح الوضع بتحقيق النوايا التركية.

القوات الكردية (الحزب الديمقراطي، والإتحاد الوطني، وحزب العمال الكردستاني (ب. ك. ك))
انتفع إقليم كردستان العراقي من ظهور تنظيم داعش الارهابي وسيطرته على عدد من المحافظات العراقية؛ حيث ازدادت مساحة أراضيه 40 في المئة فضلا عن سيطرته على كركوك. وتتركز أهداف الأكراد على مناطق سيطرتهم وليس عندهم إستعداد للقتال في المناطق الأخرى وتحمل الخسائر الناتجة عنها. ومن جهة أخرى يرى الأكراد في عدم سيطرة الحكومة المركزية على المناطق التي تسيطر عليها اهل السنة، قضية تخدمهم.

ورغم تقاطع المصالح عند الإتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي، لكنه يرغب في التعاون مع إيران والحكومة المركزية العراقية ضمن المنافسة الجيوسياسية في المنطقة.

وأخيرا يجب القول إن أطرافا داخلية وخارجية عديدة تخوض معركة الموصل ويحمل كل منها أهدافا سياسية مختلفة فيما تمثل استعادة السيطرة على المناطق التي تخضع لسيطرة الجماعات الإرهابية، بينها الموصل والفلوجة، أهم الأمور التي تشغل المسؤولين العراقيين وفي مقدمتهم العبادي. وتلعب قوات الحشد الشعبي دورا مهما في مساندة القوات العراقية لتحرير المدينتين. وتعد الفلوجة والموصل، ثاني أكبر مدن العراق، آخر المدن الرئيسية التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي.

ومن الواضح أنه ليس بامكان قوات الحكومة العراقية ولا القوات الأمريكية أن يفرضوا مطالبهم على الطرف الآخر، فيبدو أنه من المطلوب أن تعمل الحكومة العراقية على فرض المطالب التالية على الطرف الأمريكي:

مشاركة الحشد الشعبي في عملية التحرير.
اتباع قوات الحشد الشعبي التي تعمل تحت أمرة “أثيل النجيفي” للحكومة العراقية.
عدم التدخل التركي في عملية التحرير وخروج قواتها من العراق.
عمل العشائر السنية تحت إشراف الحكومة العراقية والتنسيق مع مسؤولي المحافظات من أهل السنة.
تخدم المشاركة الأكثر لقوات الإتحاد الوطني وب. ك. ك الحكومة العراقية.
يعتبر ب. ك. ك منافسا للحزب الديمقراطي في السيطرة على المناطق الكردية، كما يعد العائق الرئيسي أمام تحقيق أهداف تركيا في العراق وسوريا.
وقد شارك ب. ك. ك في عملية تحرير سنجار ويقوم اليوم بتشكيل قوة تضم 5 آلاف من القوات الإيزدية تسمى “YBS” وتعني توسيع المناطق التي تقع تحت سيطرتها في العراق، إضعاف للحزب الديموقراطي وحد من السيطرة التركية في هذا البلد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق