التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

كردستان العراق واحلام بارزاني الاستقلال 

يتوقع الكثيرون قيام اقليم كردستان العراق الذي يدار بنظام الحكم الذاتي باعلان استقلاله لكن ينبغي ان نعلم ان الظروف الراهنة ليست مؤاتية لذلك فالحرب مع داعش وهبوط اسعار النفط وضعف الحكومة المركزية والوصول الى حافة الافلاس بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية في كردستان خلال العقدين الماضيين كلها اثرت سلبا على اوضاع الاقليم.

لكن رغم هذا كله سعى رئيس الاقليم “مسعود بارزاني” الى اعلان الاستقلال خلال الأشهر الاخيرة واوعز الى حزبه (الحزب الديمقراطي الكردستاني) بأن يتعاون مع الاحزاب الاخرى لتهيئة ظروف اجراء استفتاء الاستقلال.

ويأتي هذا في وقت تجري اشتباكات عنيفة وشاملة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي فجر انابيب نقل النفط فيما تسببت عمليات الجيش التركي ايضا بوقوع خسائر كبيرة في الارواح، والمعلوم ان العلاقات بين “بارزاني” وحزب العمال الكردستاني ليست على ما يرام فيما يحاول “بارزاني” الاقتراب من تركيا قدر الامكان لكن رغم وجود هذا الامر يجب القول ان المسلحين الاكراد في تركيا لهم تأثير بالغ على المستقبل السياسي لكردستان العراق لأن اقتصاد كردستان العراق يتوقف على صادرات النفط والغاز عبر الاراضي التركية وعندما يستمر العنف في تركيا فإن أمن انابيب نقل النفط يصبح معرضا للخطر ولذلك من الافضل لبارزاني وحزبه ان يتركوا قضية الاستقلال ويركزوا على حل قضية حزب العمال الكردستاني والاصلاحات الاقتصادية واعادة ترتيب العلاقات مع بغداد.

وكان حزب “بارزاني” يحلم بين عامي 2007 و2010 بتصدير النفط بشكل مستقل وقبل ذلك كان يصدر النفط بالتعاون مع الحكومة المركزية في بغداد ويأخذ 17 بالمئة من الميزانية العامة في العراق لكن علاقات اربيل وبغداد تدهورت خلال السنوات الاخيرة وفي نهاية 2013 باشر حزب بارزاني بتصدير النفط بشكل مستقل واصبحت تركيا شريكة اقليم كردستان في بيع النفط والغاز وبموازاة ذلك توطدت العلاقات بين “بارزاني” و”اردوغان” واصبحت هناك مشتركات بينهما فيما يخص الازمة السورية فكلاهما كانا معارضين لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا والمنتمي لحزب العمال الكردستاني فاردوغان كان يرى في هذا الحزب امتدادا لحزب العمال الكردستاني فيما يخوض بارزاني صراعا مع هذا الحزب حول النفوذ السياسي في المناطق الكردية في العراق وسوريا.

ورغم وجود تركيا كحليف جدي لحزب “بارزاني” الا ان الاوضاع ليست جيدة لهذا الحزب في اقليم كردستان لأن اسعار النفط تهاوت واصبحت حكومة الاقليم مجبرة على اتباع سياسة التقشف الاقتصادي بينما تتفاقم المشاكل السياسية ايضا.

وقد انتهت فترة رئاسة “بارزاني” في شهر اغسطس الماضي لكنه بقي في منصبه بالاتفاق مع حزب طالباني (غريمه السياسي) رغم معارضة حزب غوران لذلك وقد اعتبر حزب غوران التمديد لبارزاني غير قانوني ورغم اعلان لجنة الانتخابات بأن التمهيد لانتخابات رئاسة الاقليم سيستغرق 6 أشهر يطالب حزب غوران المعارض بالانتخابات المبكرة.

وفي هذه الاوضاع المضطربة وغير المستقرة نرى ان بارزاني يطلب اجراء استفتاء من اجل الاستقلال وربما سيفرح الاكراد القوميون بالاستقلال لكن هناك تحديات جمة تواجههم فهناك الخلافات الحدودية والخلافات على الثروات الطبيعية وعملية نقل السلطة واعادة بناء العلاقات بين اربيل وبغداد التي ستكون على رأس التحديات الموجودة امام قادة اقليم كردستان.

وسيجرب اقليم كردستان انهيارا كبيرا في اسواقه الداخلية ويمكن ان ترضى بغداد واربيل بالافتراق بشكل سلمي لكن هذا سيؤثر سلبا على الناتج القومي الاجمالي في البلاد في وقت تراجع الناتج القومي الاجمالي في العراق اساسا وبشكل كبير بسبب هجوم تنظيم داعش الإرهابي والخلافات السياسية ولذلك سيصبح اقليم كردستان محتاجا بشكل اكبر للثروات الطبيعية والتجارة عبر الحدود مع تركيا من اجل تسديد الديون فيما نجد ان تركيا نفسها تعاني من مشاكل كبيرة مع حزب العمال الكردستاني ومشاكل اقتصادية.

ولهذا فمن الطبيعي طرح الاسئلة التالية “ماذا يعني ايجاد دولة مستقلة محصورة في البر ومعتمدة بشكل كبير على صادرات ثرواتها الطبيعية ؟ أليس من الافضل لبارزاني ان يسعى الى ايجاد مصالحة تاريخية بين تركيا وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) في سوريا بدلا من الجري بتهور خلف احلامه الاستقلالية؟”

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق