التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, يونيو 2, 2024

اللاجئون السوريون في أوروبا، هدف انساني أم حاجة اقتصادية؟ 

الصورة تتحدث عن نفسها، أُنظروا إلى مدى قساوتها، إنّها للمهاجرين السوريين صوب دول الجوار، لبنان الأردن و تركيا، ثم أوروبا. قبل أكثر من نصف قرن كانت صور أُخرى تُشبهها، كانت لنازحين من “فلسطين” إلى دول الجوار جراء اعتداءات ارهابية صهيونية شبيهة بأيامنا هذه، بينما أوروبا كانت تفتح أبوابها لغُزاةٍ جاؤوا لاقتلاع البشر واحتلال الحجر ونهب شجر التين والزيتون في فلسطيننا الحبيبة. لا تُصدّقوا أنّ ثمّة إنسانيّة في العالم تريد للمهاجرين واللاجئين والنازحين السوريين الهاربين من جحيم الموت أو الحالمين بحياةٍ أفضل أن يجدوا أرضاً أجمل من أرضِهم ووطناً أكثر رحمة من وطنهم وتاريخاً أفضل من عراقة تاريخهم وحضارتهم في “سوريا” الصامدة الصابرة. ولو أنّ الدافِعَ إنسانيّ كما يدعون، فلماذا تركوا “الصومال” يتضوّر جوعاً و”اليمن” يتضوّر فقراً؟ و ما هي أسباب استقبال هذا العدد الكبير من اللاجئين؟

يعتقد المتابعون لتصريحات الأوروبيين و خصوصاً الألمانية و التركية منها، أن بلدانهم ستنهار اقتصادياً بعد أن وطأت أول قدم لاجئ سوري أراضيهم، حيث لا يكلّون و يملون عن ذكر الجانب السلبي من اللجوء، ويتجاهلون إيجابياته، فرغم كل ما تسوقه الحكومات الأوروبية والتركية عن مشاكل تدفق اللاجئين إلى أراضيها، إلا أنها الرابح الوحيد من هذه المعاناة. و ينقسم الربح الى قسمين، قسم اقتصادي تعيشه أوروبا حالياً، و قسم مستقبلي.

حالياً

ففي تركيا مثلاً، فقد قامت الحكومة التركية بالمساومة مع الأوروبيين و استغلتهم و أخذت منهم الأموال لمنع تدفق و اغراق بلادهم باللاجئين السوريين، عدا عن أخذ مبالغ طائلة من ضرائب مواطنيهم تحت عنوان اغلاق الباب الذي فتحته على نفسها، الاّ أن العالم بالوضع الاقتصادي التركي يعلم أن العديد من المهاجرين يعدّون من كبار المستثمرين السوريين و هم يساهمون من خلال فتح شركاتهم الخاصة بدعم اقتصادها، إضافة إلى قطاع العقارات الذي كان له النصيب الأكبر من أموال اللاجئين باستئجار الشقق، إضافة إلى توفر اليد العاملة السورية في هذا البلد بأجر زهيدة مقابل نظيره التركي. وبحسب مسؤولين اقتصاديين وحكوميين أتراك فإن اللاجئين أحد أول أسباب الارتفاع المفاجئ في النمو خلال الربع الثالث من 2015 مرجحين ازدهار معدلات نمو قوية في 2016.

أمّا في ألمانيا و التي كان لها النصيب الأكبر من اللاجئين السوريين لم يختلف الأمر كثيراً عن تركيا، ابتداء من الشركات الألمانية الخاصة والأجنبية التي تدير مراكز إيواء اللاجئين والتي تجني أرباحا طائلة رغم الفضائح التي هزت بعضها لسوء المعاملة، مروراً بوفرة الأيدي العاملة، والذي تعاني منها ألمانيا منذ عقود، وصولاً إلى قطاع العقارات الألماني.

أما بالنسبة لقطاع البناء والذي يشكل 4% من الناتج المحلي الإجمالي كما أنه قطاع توظيف كبير حيث يتجاوز عدد العاملين فيه 2.5 مليون شخص في أكثر من 300 ألف شركة، فقد اذهر بوصول اللاجئين وبدأ الطلب يتزايد في سوق العقارات على التوسع في المنازل منخفضة التكلفة التي تبنيها شركات مثل باوير هولزيستيما في نويكيرش.

وتظهر بيانات مكتب الإحصاء أنه من يناير كانون الثاني إلى سبتمبر أيلول 2015 غطت موافقات البناء الممنوحة نحو 223 ألف شقة حيث تعد الشقق نوع السكن الأساسي في المدن الألمانية.

ويمثل هذا زيادة بنسبة 5% عن الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي. ومن المتوقع أن يصل الرقم هذا العام إلى ما يقرب من 300 ألف شقة لكن هذا مازال غير كاف للتكيف مع حجم النمو الحضري.

مستقبلياً

ورغم ما تنفقه أوروبا “ألمانيا” على اللاجئين ومحاولات انخراطهم بسوق العمل إلا أن خبراءها الاقتصاديين يؤكدون أنها خطة محكمة لانعاش الاقتصاد، والذي ستظهر نتائجه على المدى الطويل، وهو ما سبق وأكده رئيس البنك المركزي الالماني في تصريح له مفاده أن الهجرة تشكل فرصة للتعويض عن نقص اليد العاملة في ألمانيا، مضيفاً أن “هذه الهجرة تؤمن أيضاً فرصاً أكبر إذا تمكنا من استيعاب هؤلاء الاشخاص في المجتمع وفي سوق العمل”.

استقبال اللاجئين بهذه الأعداد الكبيرة في ألمانيا لم يكن عبثياً و يعود الى الأسباب التالية:

1-المعروف أنّ شيخوخة السكّان في “ألمانيا” كبيرة ولاسيّما بعد عام 2025 سيكون عندهم مشكلة كبيرة من شيخوخة ديمغرافيتهم، و بحسب الاحصاءات الأخيرة يقدر عدد الأشخاص القادرين على العمل ب 46 مليون شخص، و هذا الرقم قد يتقلّص هذا العدد إلى النصف تقريباً بعد نحو ربع قرن.

2- حاجة ألمانيا للمِهن التخصصية ارتفعت من 391 ألفاً عام 2010 إلى 589 ألفاً في العام الماضي حيث تتوقّع المؤسسات الاقتصاديّة العالمية أن يتقلّص عدد العاملين في الاقتصاد الألماني عام 2020 أي بعد نحو أربع سنوات فقط، إلى أقلّ من 1.8 مليون شخص- ما يعادل تقريباً عدد الأشخاص السوريين الذين يدخلون الآن إلى “ألمانيا”- وفي العام 2040 قد يتقلّص العدد إلى أكثر من 3.9 ملايين شخص.

3- تتقدّم “ألمانيا” على اليابان في انخفاض مُعدّل الولادات. عدد سكانها البالِغ حالياً 80.8 مليون نسمة قد يتراجع إلى نحو 67 مليوناً عام 2020.

4- نسبة الأطفال الذين يدخلون إلى المدارِس انخفضت بنحو 10 في المئة خلال عشر سنوات.

من جانبه نشر المعهد الألماني للابحاث الاقتصادية تقديرات لعدد الواصلين الى سوق العمل بيّنت أنه من أصل 800 الف وصلوا بـ2015 سيكون 50 ألفاً متوفرين في سوق العمل خلال فترة وجيزة.

واستنادا الى عدد مماثل من طالبي اللجوء بـ2016، توصل المعهد الى نتيجة تفيد أن 160 الف من القوى الحية ستتوفر في سوق العمل في 2016، وأكد “فيشتنر” أن هذه الارقام يمكن لسوق العمل ان يمتصها بسهولة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق