التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

“ناريندرا مودي” في ضيافة السعودية…كرم عربي أم رشوة سياسية؟ 

شهدت الرياض في الفترة الأخيرة وتحديدًا بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011 نوع من الجمود السياسي إذ توترت علاقاتها مع العديد من الدول العربية والإسلامية و دول المنطقة، وازداد الركود السياسي الذي يخيم على السعودية بعد بدء عدوانها على اليمن في أوائل 2015، ولم تكن العزلة السياسية التي دخلتها السعودية إلا نتيجة لسياساتها التي حاولت تطبيقها في العديد من الدول العربية والإسلامية.

لم تقف الرياض مكتوفة الأيدي تجاه معاناتها السياسية، إذ حولت بوصلتها إلى الدول الصغيرة والفقيرة محاولةً كسب هذه الدول إلى صفها، وهذا ما برز واضحًا عندما قطعت بعض الدول كالصومال وجيبوتي والسودان علاقاتهم مع طهران بعد أن أغلقت السعودية سفارتها في طهران إثر التوتر الذي افتعلته الرياض من خلال الإعتداء على الحجاج الإيرانيين وإعدام “الشيخ النمر” وإغلاق السفارة السعودية في طهران وما تلاها من أحداث.

تحاول السعودية استغلال أي حدث سياسي في المنطقة والدخول فيه سعيًا لإبصار النور والعودة إلى الساحة السياسية العالمية من جديد، ولهذا نجد أصحاب القرار في الساحة السعودية يحاولون استخدام زيارة رئيس الوزراء الهندي رئيس وزراء الهند “ناريندرا مودي” كوسيلة للعودة إلى الساحة السياسية الدولية ولإنقاذ ما بقي من مكانة سياسية للرياض في الملاعب الدولية، كما أن السعودية تعمل على توطيد علاقاتها مع أكبر عدد ممكن من دول المنطقة لإعطاء دعم ومشروعية للمخططات السياسية التي تعمل الرياض على تنفيذها في المنطقة.

يعتبر العدوان السعودي على اليمن من أهم الملفات التي تحاول فيها السعودية كسب التأييد الدولي، والهند تفي بالغرض فهي دولة لها وزن في الساحات الدولية وفي المنطقة، كما أنه بإمكان السعودية استغلال رابطتها مع الهند للضغط على باكستان التي ينقم عليها المسؤولون السعوديون نتيجة خذلانها لهم في ملف العدوان على اليمن، كما أن تقارب الرياض ونيودلهي يمكن أن يخدم مصالح السعودية وسياساتها الهادفة إلى فرض عزلة سياسية اقتصادية على طهران التي نجحت في إثبات سلمية برنامجها النووي وتمكنت من توقيع اتفاق يفضي إلى رفع العقوبات التي فرضت على إيران في الأونة الأخيرة.

هذا بالإضافة إلى أن الرياض تحاول إشراك أكبر عدد ممكن من الدول في العدوان على اليمن وذلك للتخفيف من خسائر الحرب ولكسب مشروعية دولية وقانونية لعدوانها، بالإضافة إلى أن أي علاقات للسعودية مع أي دولة يخدم السعودية في الوقت الراهن، فهو يعطي لآل سعود مشروعية تمثيل الشعب السعودي كما ويتيح لهم التنصل من تهم دعمهم وارتباطهم بالجماعات التكفيرية في المنطقة.

أما من الناحية الاقتصادية، فتعد العلاقات مع الهند صفقة مربحة للسعودية حيث بلغ إجمالي التبادل التجاري بين الطرفين نحو 40 مليار دولار خلال 2014-2015، كما أن خُمس واردات الهند من النفط يأتي من السعودية، ولهذا تحاول السعودية إيجاد علاقات اقتصادية تمكنها من تعويض الخسائر التي تكبدتها نتيجة تهاوي أسعار النط في العالم، ناهيك عن الحروب التي تدعمها وتمولها السعودية في المنطقة وخاصة في سورية واليمن والتي أنفقت عليها الرياض ميزانيات ضخمة.

الأهداف السعودية المتعددة من التقرب إلى الهند يجب أن لا تغري صناع القرار في نيودلهي ويجب الحذر وعدم الدخول في سياسات السعودية في المنطقة والغوص في وحلها، وعلى الهند أن تحذو حذو باكستان في عدم الموافقة على كل الرغبات السعودية، وإلا فإن نيودلهي ستجد نفسها وسط صراعات كبيرة وقضايا عالقة، وستتأثر سلبًا بهذه العلاقة التي ليست إلا رشوة سياسية خدمةً للمصالح السعودية ودعمًا لاستراتيجيتها الرامية إلى تفتيت دول المنطقة وإشعال الحروب فيها تحت غطاء دولي ومشروعية قانونية وهمية.

رغم أن السعودية تستطيع إغراء الهند وغيرها من الدول بالمال والعقود الاقتصادية النفطية المغرية بهدف تحقيق مصالحها وتبييض صفحتها، إلا أن كل هذا في الحقيقة لن ينفع الرياض في شطب اسمها المقرون بالإرهاب، كما أنه لن يخدمها على المدى البعيد، فالسياسات التي انتهجتها السعودية في السنوات الأخيرة تسببت بتجريد السعودية من عباءتها البيضاء المتخفية فيها، وانكشفت حقيقة السعودية كدولة داعمة للفتن وحامية للإرهاب والتيارات التكفيرية، الأمر الذي بات أصدقاء السعودية يدركونه قبل أعدائها، وباتت واشنطن ومن في خندقها يشعرون بأن السعودية أصبحت عبئًا عليهم، وهذا ما ينبئ أن العائلة الحاكمة في الرياض لن تبقى طويلا قبل أن تجري واشنطن عليها بعض التعديلات، وإن كانت هذه التعديلات شكلية، إلا أنها باتت ضرورية لحفظ ماء وجه واشنطن أمام منافسيها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق