التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 5, 2024

مفاجأت أكراد سوريا وردود الفعل عليها 

فاجأ الأكراد في سوريا جميع الأطراف السياسية، وأعلنوا نظاماً اتحادياً في مناطق سيطرتهم. وهو ما لقي ردود فعلٍ محلية ودولية شاجبة. فيما يجري التساؤل اليوم، عن توقيت القرار والخلفيات، ومدى تأثيره على المحادثات الجارية في جنيف. فماذا في إعلان الأكراد وما هي ردود الفعل عليه محلياً ودولياً؟

إعلان الأكراد

أعلن الاكراد في سوريا، يوم الخميس وخلال اجتماع عقد في مدينة رميلان في محافظة الحسكة (شمال شرقي)، النظام الإتحادي في مناطق سيطرتهم شمال البلاد. ونقلت وكالة فرانس برس، عن مستشار الرئاسة المشتركة في حزب “الاتحاد الديموقراطي” سيهانوك ديبو، أنه “تم اقرار النظام الإتحادي في روج آفا – شمال سوريا”، مشيراً الى أنه “تم الإتفاق على تشكيل مجلس تأسيسي للنظام ونظام رئاسي مشترك”. وانتخب المجتمعون، في مدينة رميلان في محافظة الحسكة، 31 شخصاً من أعضاء المؤتمر، ليشكلوا ما سُمي بـ “الجنة التنظيمية” للمجلس، على أن يتناوب على رئاسة المجلس كلّ من هدية يوسف ومنصور السلوم. ودارت خلافات بين أعضاء المؤتمر حول اسم الإقليم الفيدرالي وماهيته، مما أدى إلى تأجيل الأعمال ليوم كامل، إضافةً إلى تقديم ضمانات بعدم وجود أي طموحات إنفصالية كردية، أو تغليب الصبغة القومية العرقية عليه. وتُعتبر المناطق المعنية في النظام الإتحادي هي المقاطعات الكردية الثلاث، عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي، وعفرين في ريف حلب الغربي، والجزيرة في الحسكة، بالإضافة الى تلك التي سيطرت عليها “قوات سوريا الديموقراطية” مؤخراً، خصوصا في محافظتي الحسكة وحلب.

فيما نقلت جريدة الأخبار اللبنانية، عن الرئيس المشترك للمؤتمر التأسيسي، منصور سلومي، أن “مشروع الأكراد في المنطقة هو المشروع الأمثل لحل الصراع في سوريا، وأن الفيدرالية لا تعني الإنفصال، فهم سوريون وعاصمتهم دمشق”، مشيراً إلى أنهم “سيكونون مشاركين في أي حكومة مركزية يتم الاتفاق عليها مستقبلاً”.

رد فعل الدولة السورية

من جهتها حذرت دمشق من المساس بوحدة الأراضي السورية، معتبرة أن الإعلان الكردي ليس له أي مفاعيل قانونية أو سياسية. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر في وزارة الخارجية السورية قوله، “إن أي إعلان في هذا الإتجاه لا قيمة قانونية له ولن يكون له أي أثر قانوني أو سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي، طالما أنه لا يُعبِّر عن إرادة كامل الشعب السوري بكل إتجاهاته السياسية، وشرائحه المتمسكين جميعا بوحدة بلادهم أرضا وشعبا”. كما حذّر من أن “أي طرف تسوّل له نفسه النيل من وحدة أرض وشعب سوريا، تحت أي عنوان كان، بمن في ذلك المجتمعون في مدينة الرميلان ــ محافظة الحسكة”، معتبراً أن “طرح موضوع الإتحاد أو الفيدرالية سيشكل مساساً بوحدة الأراضي السورية، الأمر الذي يتناقض مع الدستور والمفاهيم الوطنية والقرارات الدولية”. وأكد المصدر أن “المهمة الأساسية أمام شعبنا الآن هي مكافحة الإرهاب، وأي ابتعاد عن هذا الهدف يعتبر دعما للإرهاب، ولكل من يريد إضعاف سوريا والنيل من إرادة جيشها البطل في زحفه من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى كل ربوع الجمهورية العربية السورية”.

ردود الفعل الدولية

في موازاة ذلك، ردّت وزارة الخارجية الأمريكية على خطوة رميلان، مؤكّدة أنها لن تعترف بمناطق للحكم الذاتي داخل سوريا، وأنها تعمل من أجل دولة موحدة غير طائفية تحت قيادة مختلفة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي: “لا نؤيد قيام مناطق ذات حكم ذاتي أو شبه مستقلة داخل سوريا”. وتابع كيربي أنّ “ما نريده هو سوريا موحدة بكاملها، بها حكومة لا يقودها (الرئيس السوري) بشار الأسد، تستجيب (لتطلعات) الشّعب السّوري. سوريا كاملة موحدة غير طائفية.. هذا هو الهدف”. وأشار إلى أنّ دولاً أخرى تؤيّد أيضاً هذا الهدف، لكن وزير الدّفاع الأمريكي آشتون كارتر، أعاد التأكيد على أنّهم شركاء عسكريون يحظون بتقدير كبير من قبل أمريکا.

كذلك، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول تركي كبير قوله إن “أنقرة تعارض إقامة أي كيانات جديدة في سوريا”، رافضاً “اتخاذ خطوات منفردة على أسس عرقية”. وأضاف المسؤول أن “انسحاب روسيا الجزئي قد يلطف الأجواء هناك. ينبغي أن تظل سوريا واحدة من دون إضعافها، وينبغي أن يقرر الشعب السوري مستقبلها بالإتفاق وبموجب دستور. أي مبادرة منفردة ستضر بوحدة سوريا”.

أما موسكو، فقد أكّدت أن الشعب السوري وحده صاحب القرار في مسألة نظام الحكم المستقبلي في بلاده، معتبرةً أنه لا يحق لأكراد سوريا تقرير مسألة فدرلة البلاد بصورة أحادية. كما أكدت موسكو أن الشعب السوري وحده صاحب القرار في مسألة نظام الحكم المستقبلي في بلاده. وقال دميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي أمس الخميس إنه “يعد شكل النظام الداخلي للدولة السورية من الصلاحيات الحصرية للسوريين أنفسهم. ويجب اتخاذ القرارات بهذا الشأن في إطار عملية شاملة تشارك فيها كافة المجموعات الطائفية والإثنية التي تسكن في أراضي سوريا، ومنهم الأكراد والشيعة والسنة والعلويون والدروز وآخرون”، وتابع “يجب على السوريين أنفسهم أن يقرروا نظام الحكم المستقبلي لبلادهم، ويجب عليهم جميعا أن يشاركوا في إعداد مشروع دستور جديد للبلاد”. بدوره قال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أنه لا يحق للأكراد أن يقرروا بصورة أحادية مسائل فدرلة سوريا، ولاسيما خارج مفاوضات جنيف. وأكد على ضرورة أن يشارك في هذا الحوار ممثلو مختلف القوى السياسية والإجتماعية والمجموعات الطائفية والإثنية للسكان.

إذن يبدو أن الأمور تخضع للعديد من المفاجآت فيما يخص الملف السوري. لكن إعلان الأكراد، شكَّل مفاجأةً رفضها الداخل والخارج. فيما يجري التساؤل عن الدوافع والخلفيات، الى جانب المستقبل المُرتقب، في ظل وضعٍ سياسيٍ معقد، تتداخل فيه المصالح، والتي قد تجمع الخصوم، وتُفرِّق الحلفاء.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق