التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

بموضوعية : كيف يتبرأ الامن القومي العربي من الرياض والدول الخليجية 

يجري الحديث اليوم عن ركائز أساسية في التاريخ العربي. ولعل أبرزها مسألة القومية العربية والأمن القومي العربي. من هنا تقوم الدول الخليجية وتحديدا السعودية، بتجريم من تريد، لا سيما عبر وصفهم بالإرهاب، أو الإدعاء بأنهم يُشكلون خطراً على الأمن القومي العربي. لذلك جاء اتهام دول مجلس التعاون لحزب الله بالإرهاب، وبأنه يُشكل خطراً على الأمن القومي العربي. فماذا في ادعاءات الرياض؟ وأين تكمن حقيقة الأمور؟

الأمن القومي العربي

عرَّف هنري كيسنجر الأمن القومي، بأنه أي تصرف يسعى المجتمع عن طريقه لتحقيق حقه في البقاء، أو بطريقة أخرى، يمكن القول بأنه القدرة على التخلص من تحدٍّ يُهدد حقوق الجماعة، وذلك من خلال استخدام جميع الوسائل. من هنا يمكن تعريف الأمن القومي العربي بأنه قدرة الدول العربية مجتمعةً (كأمة) على حماية كيانها ضد المخاطر الخارجية من أجل ضمان بقائها. وهو ما يحتاج الى وجود كيانات متحدة ومتضامنة ومتفقة على خطةٍ لحماية حدودها الجغرافية، بشكل مترافق مع قيادة قومية تؤمن بحقوق شعوب الوطن العربي ووحدته مما يساهم في امتلاك أسباب القوة القومية.

التهديدات التي تطال الأمة العربية اليوم

إذن يجب في البداية تحديد التهديدات الحقيقية، والتي تطال الأمة العربية اليوم. وهو ما قد يُساهم في تحديد من يُشكل خطراً حقيقياً على الأمن القومي العربي. وهنا نشير للتالي:

التهديد الأول والذي نُسي من قبل بعض الدول العربية هو الكيان الإسرائيلي والذي يشكل أكبر تهديد لكيان الأمة العربية وأمنها القومي، تاريخياً وجغرافياً. وهنا فإن الحديث يطول عن تهديد الکيان الإسرائيلي للأمة العربية ومصالح شعوبها. فيما يمكن القول بإختصار، إن قيام الصهاينة بإنشاء كيانهم على أرض عربية في فلسطين، له العديد من الأهداف الخطيرة على الأمة العربية. وهي التي تتنوع بين مخاطر جيوسياسية، وأخرى اقتصادية وإجتماعية. ناهيك عن الخطر العسكري الأمني. وقد لعب هذا الكيان دوراً هاماً في تهديد الأمن القومي العربي، حيث تبنّى في سياساته تجاه شعوب الدول العربية (الوطن العربي) العديد من الإستراتيجيات التي ساهمت في تمزيق الوحدة العربية، كسياسة “المحاصرة والتطويق” كمثال لذلك. وهو ما يدل على خطر وجود هذا الكيان على الأمن القومي العربي، وعلى وجود العرب وحقهم في العيش بسلام وأمان ضمن الحيِّز الجغرافي الطبيعي دون تدخلات خارجية .
والتهديد الثاني هو الإرهاب والجماعات الإرهابية التي تعتبر حالياً من أكبر التهديدات التي تترصد بكل الدول في العالم ومنها الدول والشعوب العربية. وهنا نأخذ تنظيم داعش الإرهابي كنموذجٍ لذلك. فمنذ عام 2013، هيمن تنظيم داعش الإرهابي بشكل فاعل على واجهة الأحداث في المنطقة، لا بل تحول وبسبب الترويج الإعلامي الخليجي تحديداً، إلى المادة الإعلامية الأولى التي كانت نتيجة ما سُمي بـ “الربيع العربي” على الرغم من أن تهديده كخطرٍ على الأمن القومي العربي بدأ منذ احتلال الأمريكيين للعراق. وهنا فإن سياسات التنظيم وتصرفاته، جعلت من التاريخ العربي الحديث، ساحةً لأبشع الجرائم التي ارتُكبت في تاريخ الإنسانية. كما أن التنظيم ساهم في ضرب مقومات الوحدة العربية، إن على الصعيد الإجتماعي أو السياسي تحديداً.
كيف ساهمت السعودية والدول الخليجية في ترسيخ المخاطر على الأمن القومي العربي؟

بعد تحديد التهديدات، يجب الوقوف عند سياسة الأطراف، من أجل تحديد من يُساهم فعلاً في تهديد الأمن القومي العربي. وهنا لا بد من ذكر التالي:

فيما يخص التهديد الإسرائيلي:

يجب القول بأن الدول الخليجية لم تكن يوماً في صف القضية العربية. بل بشكلٍ أوضح، لم تكن يوماً داعمةً للقضية الفلسطينية. وهو الأمر الذي يمكن أن يخبرنا به التاريخ ولسنا نُحلِّل في هذا المجال. فقد كانت الدول الخليجية وتحديداً الرياض، سبباً لطرد قيادات المقاومة والفصائل الفلسطينية ومحاصرتهم، مما جعلهم يلجأون الى سوريا. بالإضافة الى ذلك، فإن معاناة الشعب الفلسطيني التاريخية، لم تكن ضمن أولويات هذه الدول، وهو ما يعني بأنها ساهمت، في إبقائه ضمن المساحة والدور الذي حدده المُخطط الأمريكي.
أما اليوم فما يتداوله الشارع العربي والنُخب العربية، يمكن أن يكون أكثر تأثيراً. خصوصاً لجهة أن العلاقات الإسرائيلية الخليجية، خرجت من السر الى العلن. وهو ما يكفي لدعم ما نطرحه.
فيما يخص التنظيمات الإرهابية:

إن ربط الماضي بالحاضر، يجعلنا نصل لنفس النتيجة. فما سُمي بالربيع العربي وإسقاط الأنظمة، كان بمباركة خليجية ودعمٍ ماليٍ منها. وهو الحالة التي ساهمت في تمزيق الدول العربية، وجعلها رهينةً لحركاتٍ أصولية، صعدت كنتيجة لإسقاط الأنظمة. مما فعَّل دور هذه التنظيمات على الصعيد السياسي والإجتماعي.
أما على الصعيدين العسكري والأمني، فنجد بأن الدول الخليجية وفي مقدمتها الرياض، ساهمت في دعم هذه التنظيمات في سوريا وما تزال. ولعل دورها المشبوه حتى اليوم، هو الذي ساهم في تمزيق سوريا والعراق، الى جانب جعل هذا الخطر الإرهابي، واقعاً مفروضاً على الساحة العربية كافة.
كيف يُشكل حزب الله قوةً للأمن القومي العربي؟

إن الحديث عن حزب الله يطول، لا سيما لإنجازاته التي أصبحت ركيزة الشعور العربي بالإنتماء لقضايا الأمة، الى جانب أن التاريخ حافلٌ بما يعرفه أطفال العالم العربي اليوم حول حزب الله.

من هنا، فإننا من باب وضع الأمور في نصابها وليس المقارنة، نقول التالي:

لقد شكَّلت قوة حزب الله خطراً حقيقياً على الأمن القومي للكيان الإسرائيلي. وهو الأمر الذي يُشكل فارقاً كبيراً في مقاربة الأمور. وبالتالي، فإن مُجرد تسليط الضوء على الإنتصارات التي حققها حزب الله ضد الكيان الإسرائيلي، والتي كان منها انتصار العرب الأول عام 2000، يجعلنا نؤسس لحقيقة أن من شكَّل مدرسة ونموذجاً في المقاومة، لا يمكن أن يُشكِّل خطراً على الأمن القومي العربي. بل هو في الحقيقة قوةٌ ذاتية للأمة العربية.
كما أن قتال حزب الله لتنظيم داعش الإرهابي، وقلبه للمعادلات في سوريا، ساهم في تقليل الخطر الذي كان يُهدد الأمة العربية جمعاء. وكان الركيزة الأساسية التي دفعت بالروس، للدخول الى الميدان السوري.

خلاصة المقال

إن توضيح التهديدات، وجعلها معياراً للحكم، يجعلنا نصل الى نتيجةٍ مفادها أن الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية، تُشكِّل التهديد الأكبر على الأمن القومي العربي. فسياساتها الداعمة لكلٍ من الكيان الإسرائيلي والتنظيمات الإرهابية، تُثبت ذلك. وما هجومها اليوم على حزب الله، إلا دليلٌ يدعم فكرة أن حزب الله استطاع أن يُشكل تهديداً على سياستها التابعة لواشنطن وتل أبيب. وهي الحقيقة الخفية وراء هذه الحملة ضد حزب الله.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق