التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

حقائق سوريا برأي ” ستيفين كينزر “حلقة مخجلة جداً في تاريخ الاعلام الامريكي 

“هي حلقة مخجلة جداً في تاريخ الإعلام الأميركي”، هكذا قال “ستيفن كينزر”، في حديثه عن حجم التضليل الذي تعتمده الإدارة الأمريكية في الإعلام، حول ما يخص الأزمة السورية لا سيما حلب مؤخراً. مؤكداً بأن هذا لا ينسجم مع رواية واشنطن وبالتالي فإن جزءاً كبيراً من الصحافة الأمريكية يذكر عكس ما يحدث فعلياً في سورية، إذ تشير العديد من التقارير الإخبارية كذباً وتضليلاً إلى أن “حلب كانت منطقة محررة” لمدة ثلاث سنوات، بينما تتم إعادتها الآن إلى البؤس! فماذا في فضيحة الإعلام الأمريكي؟ وما هي دلالاتها؟

بماذا فضح “كينزر” الإعلام الأمريكي؟

نشرت صحيفة “بوسطن غلوب” و “واشنطن بوست”، مقالاً للصحافي والأكاديمي الأميريكي “ستيفن كينزر”، ينتقد فيه بشدّة أداء الإعلام الأميركي وتغطيته للحرب في سوريا. وقال الصحفي، إن معظم الإعلام الأميركي يصوّر حلب على أنها “كانت منطقة محررة، وهي الآن تغرق بالمآسي… متجاهلين أنه خلال ثلاث سنوات من حكم المتمردين قام هؤلاء بتهديد من يرسل أولاده الى المدرسة كما دمّروا المصانع وسرقوا الآلات منها و باعوها في تركيا كي لا يبقى للعمّال مصادر دخل”. وأضاف كينزر “إن أهالي حلب رأوا أخيراً بارقة أمل عندما بدأ الجيش العربي السوري وحلفاؤه بإخراج الإرهابيين من أجزاء أخرى من المدينة في الأسبوع الماضي واستعادوا محطة توليد الكهرباء الرئيسة وقد تتم استعادة التيار الكهربائي النظامي قريباً وربما تكون سيطرة الإرهابيين على المدينة قد وصلت إلى نهايتها بعد أن قامت هذه التنظيمات الإرهابية بإمطار حلب بالصواريخ غير الموجّهة وأسطوانات الغاز”.

كما وجّه الكاتب انتقاداً إلى الصحفيين المقيمين في واشنطن والذين يروّجون لتنظيم “جبهة النصرة” على أنه يتكون من “ثوار” أو “معتدلين” وليس فرعاً لتنظيم القاعدة في سورية وتصوير السعودية على أنها تساعد “المقاتلين من أجل الحرية”، بينما هي الراعي الرئيس لتنطيم داعش الإرهابي. وفي حديثه عن تركيا أشار الكاتب الى أن أنقرة، أدارت منذ سنوات عملية إدخال الإرهابيين الأجانب الراغبين بالإنضمام إلى التنظيمات الإرهابية في سورية، لكن لأن واشنطن تريد المحافظة على علاقاتها الجيدة بتركيا فهي لا تريد رؤية ذلك، نادراً ما نسمع بذلك.

وقد أشار “كينزر” الى أن الإعلام الذي يرزح تحت ضغوط مالية ضخمة اضطر الى تقليص عدد مراسليه الخارجيين الميدانيين، لذا اكتفى صحافيو واشنطن بتأكيد أخبارهم من مصادر في “الخارجية والدفاع والبيت الأبيض ومتخصصين”، وظنّوا أنهم يقدمون تغطية متكاملة بهذه الطريقة، بينما هم بعيدون كل البعد عن أرض الواقع. وقال الكاتب “يمكن فهم دوافع السياسيين على تشويههم لأفعالهم السابقة، كما يمكن أن نُبرر للحكومات ترويج الرواية التي تعتقد أنها الأفضل بالنسبة لها، أما الصحافة فيفترض أن تبقى بعيدة عن نخب السلطة ونزعتها المتأصلة للكذب”.

وختم الكاتب “إن جهل ما يجري في سورية أكثر خطورة من جهل باقي الشعوب لأن الولايات المتحدة تتصرف على أنها قوة دولية تمكنها من الحكم بالموت على الدول ويمكنها فعل ذلك بدعم شعبي لأن العديد من الأمريكيين- والعديد من الصحفيين ـ يكتفون بالرواية الرسمية، والرواية الرسمية فيما يتعلق بسورية هي: “قاتلوا الدولة السورية وروسيا وإيران! وانضموا إلى الأصدقاء الأتراك والسعوديين” وهذا بعيد بشكل مرعب عن الواقع، كما من المحتمل أن يؤدي هذا إلى إطالة أمد الحرب وأن يحكم على مزيد من السوريين بالمعاناة والموت”.

دلالاتٌ وتحليل:

يبدو واضحاً بأن واشنطن، تستخدم التضليل الإعلامي كأداةٍ لتبرير سياساتها أو سياسة من تعتبرهم حلفاءها. فيما لا بد من الحديث عن تراجع مصداقية واشنطن الإعلامية جرَّاء ذلك. وهنا لا بد من ذكر التالي:

لقد خرجت الفضيحة على لسان أحد أبرز الكتاب الأمريكيين، والمعروف بتاريخيه الصحفي. وهو ما يمكن أن يكون محطَّ تقدير واحترام لصحفيٍ يتميَّز بالمهنية. وهنا فإن الكاتب لم يذكر كل ما لديه، إذ من الواضح أنه استخدم حلب كنموذج للتضليل الإعلامي بحسب وصفه، مما يعني إمكانية وجود عددٍ من الفضائح الأخرى.
وبعيداً عن التكهنات، فإن الإعلام الأمريكي، حذا كالإعلام الخليجي وبعض العربي، لخدمة السياسة الأمريكية. وهو الأمر الذي يُعتبر طبيعياً. فيما يجب إظهار حجم الخداع الذي تمارسه السياسة الأمريكية، وعبر الإعلام، وهي التي تتغنى بدورها الريادي والشفاق. كما يجب الإشارة الى أن سعي الإعلام الأمريكي للتضليل، يدل على حجم تصاعد ونمو وعي الشعوب ومنها الأمريكية، وإلا فلماذا لم تُترك الأحداث على حقيقتها؟ وبالتالي يتم ترك الشعوب لتُقرِّر.
وهنا فإن نمو مفاعيل الإعلام المعادي للسياسة الأمريكية، أصبح بحدِّ ذاته تحدياً أمام الأبواق الإعلامية التابعة لواشنطن، لتُغيِّر من سياساتها، لكنها وجدت التضليل وسيلتها الأسهل لتحقيق هدفها. فالممارسات البشعة لأمريكا وحلفائها، لم تعد تجد مُبرراً لها. ومحاولات واشنطن وحلفاءها التنصُّل من دعم الإرهاب، هو من الأمور التي لم تعد تُجدي نفعاً.
إذن ليس جديداً استخدام التضليل الإعلامي لتغطية الأحداث. لكنها سياسة “ما بعد الفشل الأمريكي”. في حين يُسجَّل في التاريخ السياسي الأمريكي، فضيحةٌ بحجم فضيحة كينزر. لكنها تأتي ضمن مسلسل الفضائح والتضليل والتي يمكن أن يكون الإعلام الأمريكي جزء منها فيما شاهدنا حجم تضليل الإعلام الخليجي أيضاً للأحداث. لنقول أن ما يجري مخططٌ واضح المعالم. أكمل مشهده التضليل الإعلام الأمريكي اليوم. فيما يدل كلام الكاتب الأمريكي “ستيفن كينزر”، على نموذجٍ أمريكي يعي أهمية المصداقية الإعلامية، ويلحظ خطر التشويه الذي أصبح يعتري الإعلام الأمريكي. وهنا فإن “كينزر” أعاد وضع الأمور في نصابها. ليتحدث عن حقائق سوريا برأيه، والتي اعتبرها حلقة مخجلة جداً في تاريخ الإعلام الأميركي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق