التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

سوريا … كثرةالأعبيين واستدامة الحرب 

تحولت الأزمة السورية الى اكثر أزمات الشرق الاوسط تعقيدا وقد حصدت حتى الان ارواح اكثر من 250 ألف شخص وتسببت بتشريد ملايين الاشخاص وتدمير البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية في سوريا وقد وصلت هذه الازمة السياسية العميقة الى مراحله الحساسة بعد المؤتمرات الدولية الاخيرة التي عقدت بشأنها.

وهناك لاعبين داخليين واقليميين ودوليين معنيين بالازمة السورية ولكل من هؤلاء اللاعبون اهدافهم ومصالحهم ويمكن القول ان هذه الازمة تسببت بحدوث اصطفافات على الساحة العالمية على غرار ايام الحرب الباردة فوضعت حلفاء قدماء وجها لوجه وقربت بين اعداء تقليديين.

ويمكن تقسيم اللاعبين الدوليين في سوريا الى قسمين اولهما اطراف تريد الحل السلمي والاصلاحات السياسية في سوريا دون اي تدخل عسكري خارجي وهذه الاطراف تضم روسيا والصين وايران وحزب الله، اما القسم الثاني فيضم دولا مثل امريكا والسعودية وتركيا واسرائيل وقطر ومعظم دول الجامعة العربية، ورغم تضارب المصالح بين هذه الدول فإنهم متفقون على تنحي بشار الاسد ويخافون تعاظم الدور الايراني في المنطقة.

وقد استطاعت تركيا والسعودية تغيير موازين القوى في سوريا لصالح اعداء الاسد لفترة من الزمن لكن دخول روسيا على الخط غيرت المعادلات واستطاع الجيش السوري الى جانب قوات المقاومة وبدعم من المستشارين الايرانيين تحقيق انتصارات عسكرية كبيرة واصبح مصير الجماعات الارهابية في خطر وهذا ما تسبب برد فعل اعداء الاسد وخاصة السعودية وتركيا اللتين تحدثتا مؤخرا عن امكانية المشاركة في عمليات برية في داخل سوريا بذريعة محاربة تنظيم داعش وقد رحب الامريكيون بسرعة بذلك.

وفي الحقيقة ان ما ازعج السعوديين والاتراك هو تقدم الملفت للجيش السوري في محافظة حلب والمناطق الاستراتيجية الاخرى، وتريد الرياض وانقرة الان تغيير موازين القوى لصالح الارهابيين ولذلك تطرحان موضوع التدخل البري في سوريا لكن المسؤولين الروس والايرانيين حذروا مرارا خلال الاسبوع الماضي الدول التي تريد ارسال قوات الى سوريا وخاصة السعودية، وقد اعتبر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف اي تدخل اجنبي وهجوم عسكري على سوريا هو بمثابة اندلاع الحرب العالمية الثالثة، كما حذر مساعد رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الايرانية العميد مسعود جزائري المسؤولين السعوديين والاتراك من مغبة ارسال قوات الى سوريا معتبرا هذه الخطوة حربا نفسية على الشعب السوري ومقاومته.

ان هذه المواجهة بين القوى الاقليمية والقوى الدولية المؤثرة في سوريا يمنع حصول اي حل سياسي وان اي تنازل لاي طرف يعتبر امتيازا للطرف المقابل وهذا سيطيل الازمة السورية ويزيد الخلافات بين اطراف الصراع السوري.

وفي الحقيقة فإن اي ازمة تكون الاطراف المتدخلة فيها اكثر من 3 اطراف فان حلها ستطول واذا حصلت الرغبة في حصول حل فيجب على جميع الجهات ان يرضوا بما هو اقل من سقف مطالبهم وسيؤدي في النهاية الى منع كل طرف للطرف الآخر من التاثير على الوضع الداخلي لسوريا وعلى السياسات الداخلية السورية.

وفيما يتعلق بآثار وتبعات الازمة السورية للمنطقة فيمكن القول ان الازمة السورية قد امتدت الى حدود العراق ولبنان وزادت حدة الصراعات في المنطقة وتسببت بتراجع الحوافز لدى الاطراف الاقليمية المؤثرة لحل ازمات المنطقة ومنها الازمة السورية وقد شهدت العلاقات الايرانية مع السعودية وتركيا وقطر برودة كما شهدت العلاقت بين العراق وتركيا توترا تماما مثل العلاقات بين روسيا وتركيا.

واذا اختار اي طرف من الاطراف الاقليمية والدولية المتدخلة في الازمة السورية الاصرار على مواقفه فإنه سيعرض مصالحه للخطر وسيتحمل اعباء كبيرة وسيعرض امن المنطقة واستقرارها للخطر ولذلك يمكن القول ان اتباع سياسات منطقية واعطاء الاولوية للحلول التوافقية التي تحفظ مصالح جميع الاطراف هو خيار يقلل من التوتر السائد ويفتح الطريق امام حل الازمة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق