التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مايو 24, 2024

المنطقة وحاجتها للمزيد من التعاون ؛ لماذا تسعى السعودية لتأجيج الخلافات ؟ 

إن لم نقل جميع الدول العربية فان معظمها لا ترغب بان تكون لها علاقات سيئة مع إيران. وفي هذا الصدد فان مجمل الدول العربية ليس فقط لم ترغب باي توترات مع إيران بل أنها تطمح بان تكون لها علاقات علی أسس الود والإحترام المتبادل مع إيران. لكن هذه الطموحات من قبل الدول العربية، علی مايبدو فانها لا تروغ للنظام السعودي، وطالما سعت الرياض الی توتير الأجواء الودية بين الدول العربية ومن بينها قطر وسلطنة عمان مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، للاصطياد في المیاه العكرة. وفي خضم الاحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة والعالم، هنالك من يری أن الدول العربية وبعد توقيع الإتفاق النووي في الآونة الأخيرة، بدت تدرك أكثر من أي وقت مضی، أهمية أن تكون لها علاقات ودية مع إيران، طالما إنتهت العقوبات الإقتصادية علیها وأصبحت دولة أكثر نشاطا وحيوية في المجتمع الدولي. فما هي حاجتنا نحن كشعوب لهذه المنطقة؟ هل نحن بحاجة الی بدء صفحة جديدة من التعاون البناء، أم يجب علينا أن نزيد من خلافاتنا المذهبية والطائفية والسياسية؟!.

وفي سياق المساعي السعودية لتوتير الأجواء بين إيران والدول العربية، فان الرياض كثيرا ما تحاول إخافة دول العربية المجاورة من إيران وتتهم طهران بانها تحاول النفوذ والتغلغل في الدول العربية، لكن الوقائع علی أرض الواقع لا تتطابق مع مثل هذه الإتهامات. حيث أن إيران وبالرغم من قدراتها العسكرية الهائلة، فانها لم تکن في يوم من الايام مصدر تهديد لدول الجوار، ولم ترسل أي قوات الی الیمن والبحرين وذلك علی عكس مافعلته السعودية في هذه الدول. وإذا ما نظرنا الی التعاون العسكري من قبل إيران مع سوريا والعراق، فان ذلك يأتي في سياق طلب رسمي من قبل قيادات تلك الدول، وذلك لمحاربة الإرهاب وليس لقمع الشعوب علی غرار ما تفعله الرياض في المدن والقری الیمنية والبحرينية.

وللتغطية علی جريمة إعدام الشيخ “محمد باقر النمر”، سعت السعودية توظيف هذه الجريمة اعلاميا وسياسيا، لتوتير العلاقات بين طهران والعواصم العربية، فقد طالبت الرياض بعض الدول العربية مثل السودان أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران وكذلك فعلت هذه الدول! طمعا بتلقي شیء من البترودولارات من قبل الرياض خاصة أنها دول تعاني من أزمات إقتصادية. لكن علی العكس من ذلك فقد حافظت دول عربية كثيرة ومن بينها قطر علی علاقاتها المتميزة مع إيران، رغم استدعاء سفيرها للتشاور معه، اثر الهجوم الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، الشهر الماضي (كانون الثاني)، علی خلفية إعدام الشهيد النمر. وعلی عکس تصرف السودان والتي باتت تدور هذه الايام في فلک السياسات السعودية، حيث سارعت الی قطع علاقاتها مع طهران، بذريعة الهجوم علی السفارة السعودية، فقد حافظت العديد من الدول العربیة ومن بینها الكويت، علی علاقاتها مع إيران وذلك رغم الضغوط الشديدة التي مارستها السعودية علی تلک الدول.

ورغم جميع محاولات الرياض لإبعاد قطر عن إيران، فقد نمت العلاقات الثنائية بين طهران والدوحة خلال حقبة الملك “حمد بن خليفة” (2013ـ1995). فقد ادی هذا التقارب بين طهران والدوحة الی إزعاج السعودية بشكل كبير. وبالرغم من صغر حجمها فان سياسات وتطلعات قطر، خاصة سياساتها الاقليمية كانت ولاتزال تشكل علی الدوام مصدر إزعاجا بالنسبة للسعوديين، ولهذا فلم ترغب الرياض بان تكون للدوحة علاقات ودية مع إيران. وبالاضافة الی العلاقات السياسية هنالك تعاون إقتصادي واعد بين طهران والدوحة، أبرزه يتمثل في مجال الغاز. حيث تتقاسم كلا من قطر و إيران حقل غاز “بارس الجنوبي / او حقل غاز الشمال” باعتباره أكبر حقول الغاز الطبيعي التي تم اكتشافها في العالم حتی الآن.

كما نعلم أن هنالك اقلية من اتباع المذهب الشيعي تقطن في قطر لكن هذه القضية لم تشكل هاجسا بالنسبة للقطريين لعدم تنمية علاقاتهم مع جارتهم إيران. وهذا ما يمكن الإستفادة منه لتبديد الدعاية السعودية التي تزعم بان إيران تحاول وبالتعاون مع شيعة الدول العربية، زعزعة الأمن والاستقرار في هذه الدول والتغلغل من خلالهم في شؤونها الداخلية!. وعرفت قطر جيدا أن إيران لم تسعی الی استغلال الاقلية الشيعية في هذه الدولة علی عكس ماتروج له الرياض. وكل ما تطالب به إيران هو منح أتباع المذهب الشيعي في الدول العربية سواء كانوا في البحرين او السعودية او دول اخری، حقوقهم وفق القانون الدولي وليس السعي من أجل استغلالهم لبلوغ أهداف بعينها.

إذن فان إيران ما بعد عام 1979، تختلف نهائيا عن حقبة ماقبل هذا التاريخ، فبعد ما كانت شرطيا من قبل الدول العظمی علی دول مجلس التعاون، ها هي أصبحت بعد الثورة الإسلامية معادية لأمريكا وللكيان الإسرائيلي وحليفة لشعوب المنطقة ومناصرة بكل ما اوتيت من قوة للشعب الفلسطيني والشعوب العربية کافة، امتثالا للتعاليم الإسلامية التي تدعو الی التكاتف والتلاحم بين الأمة الإسلامية ونبذ الخلافات والفرقة. لذا صار ما تأمله إيران في علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية، هو العمل علی مزيدا من التعاون البناء، للوصول الی علاقات يسودها الود والإحترام المتبادل والتعاون المشترك، لضمان مصالح شعوب منطقتنا وإنهاء أزماتها. وهذا ما تتمناه شعوب منطقتنا بالتحديد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق