التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 5, 2024

سيناريوهات انتقال الحكم في السعودية 

يعاني “الملك سلمان” من مشاكل صحية عديدة بدءاً من الشيخوخة وعوارضها وصولاً إلى الزهايمر وهذا الأمر زاد التكهنات التي تقول بأن إنتقال الحكم في السعودية إلى الجيل الثالث من آل سعود بات قريباً جداً وقد توقعت وسائل الإعلام الأجنبية بأن يقوم ا”لملك سلمان بن عبد العزيز” بحركة مشابه لحركة كل من ملك الأردن السابق وأمير قطر الأب بالتنحي لصالح ولده “محمد بن سلمان” وتسليمه مقاليد الحكم بالسعودية؛ نظرية إذا تحققت من الممكن بأن تحمل معها رسائل ذات أهمية كبيرة سواءً للداخل أو لآل سعود جميعاً.

حسب السنة التي أرساها عبد العزيز المؤسس الأول للحكم في السعودية، يقتضي انتقال السلطة بشكل أفقي أي من أخ إلى الأخ الذي يليه وذلك حسب التسلسل في العمر ولهذا تعتبر السعودية المملكة الوحيدة في العالم التي تتبع النظام الأفقي منذ أكثر من نصف قرن وبعد وفاة المؤسس الأول لها.

إذا أراد الملك الحالي “سلمان” بأن يقوم بتغيير هذه السنة المتبعة في المملكة وبعد قيامه بتعيين “محمد بن نايف” و”محمد بن سلمان” بمناصب ولي العهد و ولي ولي العهد فيكون بذلك قد تجاهل إلى حد كبير السنة التي أرساها الملك عبد العزيز والتي سار عليها جميع إخوته السابقين، لذلك فهو بحاجة إلى أن يجد المبرر لعمل كهذا يستطيع أن يقنع عائلة آل سعود و يرضي أبناء العمومة والأمراء الذين ينتظرون بفارغ الصبر دورهم ليتوجو ملوكاً للسعودية.

أولاً: يعتقد “الملك سلمان” بأن أبناء كل الملوك الذين سبقوه من إخوته “إخوته الأشقاء وغير الأشقاء كسعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله” قد أصبحو مهمشين فعلاً ولايشغلون أي منصب مهم في المملكة كالوزارات والمناصب الحساسة الأخرى في المملكة، لذلك يفكر “الملك سلمان” بوضع إبنه “محمد بن سلمان” في منصب ولي العهد بدلاً من إبن عمه “محمد بن نايف”، بذلك يكون قد ضرب عصفورين بحجرٍ واحد؛ أي أنه بهذه الحركة يكون قد أزال القلق المتواجد لديه بالنسبة لمستقبل أولاده وأحفاده ويكون أيضاً قد حل مشكلة المملكة في نقل السلطة للجيل الثالث الشاب والتي تحولت إلى معضلة أساسية عانت السعودية منها خلال السنوات السابقة والتي يتم حلها بنقل الملك إلى الأمير الشاب “محمد بن سلمان”.

ثانياً: يعلم “سلمان” بأن ولي العهد الحالي “محمد بن نايف” بعد أن يصبح ملكاً سيصبح قادراً على عزل وتنصيب من يريد في منصب ولي العهد ولذلك سيقوم حتماً بعزل “محمد بن سلمان” من منصبه وعندها سينتهي أي أمل لدى ابنه “محمد بن سلمان” للوصول إلى العرش، فالحل الوحيد برأيه هو أن يقوم بعزل “محمد بن نايف” وتنصيب “محمد بن سلمان” في منصب ولي العهد لكي لايكون هناك عقبات أمام تولي ابنه الملك بعد موته.

ثالثاً: “محمد بن نايف” ليس لديه أبناء ذكور وفقط لديه ابنتان ومن المحتمل بأن يلعب “الملك سلمان” على هذا الوتر ليمهد الطريق أمام عزل الأمير “محمد بن نايف” من ولاية العهد، ونظراً لأهمية هذه المسألة لدى السعوديون يمكن بأن تكون حجة مقنعة يعمل عليها الملك سلمان لإقناع الأمراء الأخرين بقبول عزل الأمير “محمد بن نايف”.

رابعاً: يعمل آل سلمان والأمراء الآخرون المؤيدون لسلمان منذ عدة أشهر على إظهار الأمير “محمد بن نايف” بأنه ضعيف وغير جدير بقيادة البلاد، إلى جانب سيعيهم إلى تدعيم حكم عائلة سلمان ورفع مكانتهم لدى الإخوة وأبناء العمومة هذه العوامل يمكن بأن تؤدي في النهاية إلى صنع معجزة تنتهي بقبول الجميع بعزل “محمد بن نايف” و”تنصيب محمد بن سلمان” بدلاً منه في ولاية العهد.

البنود الأربعة التي ذُكرت هي من اختراع الملك سلمان وتعبر عن جزء من هاجسه وقلقه المستمر والتي يمكن بأن تقوم بتوفير الأرضية لنقل السلطة إلى ابنه محمد، ولكن السؤال الذي يبرز هنا هو أن نقل السلطة بهذا الشكل هل سيؤدي إلى خلق تنافس بين الأمراء وأبناء العمومة أم أنه سيخلق أزمة في البلاد؟

مع أن الجواب على السؤال السابق يمكن استبعاده ولكن نظراً لكون هذه التجربة جديدة على السعودية يمكن أن تؤدي إلى إيجاد حساسيات وسخط وتؤدي أيضاً إلى إيجاد شرخ داخل العائلة الحاكمة هناك، ولكن التنافس داخل العائلة الحاكمة في السعودية لايمكن بأن يتحول إلى صراع لعدة أسباب وهي:

الأول: كان نقل السلطة وانتقالها من جيل لآخر خلال العقود والسنوات الأخيرة الماضية يتم داخل عائلة آل سعود، وكانت الفروع الأخرى من العائلة الحاكمة تعلن التبعية والبيعة ودعمها الكامل للحاكم وذلك في إطار الوفاء بالتعهدات والالتزام بتوصيات المؤسس الأول للسعودية ولذلك كانت تحل كل الخلافات والمشاكل بين الإخوة وأبناء العمومة ضمن هذا الإطار.

الثاني: بعد وصول “الملك سلمان” إلى الحكم تم تقسيم المهام والمناصب السياسية والاقتصادية بين المحمدين بشكل عادل ومتساوي، وطبعاً إذا تم الاتفاق على تسليم الملك لمحمد بن سلمان تبقى التوازنات موجودة، مثلاً اذا توج “محمد بن سلمان” كملك للبلاد يتم تعين ابن عمه “محمد بن نايف” ولياً للعهد أو مستشاراً للملك، الأمر كله يتعلق بقدرة إقناع آل سلمان للأمير “محمد بن نايف” الخيار الأول بالنسبة للأمريكان وإخراج فكرة المُلك من عقله ومخيلته وإقناعه بالتنازل والتعاون مع عائلة سلمان.

الثالث: لن يشكل إخوة سلمان أي تهديد لحكم ابنه في حال تم تسليمه القيادة لأن أكثرهم يعاني من الشيخوخة والعديد من الأمراض ولذلك لن يكونوا قادرين على افتعال المشاكل والأزمات، حيث يشغل الكثير من أبنائهم أيضاً مناصب مرموقة في المملكة مما يخفف من المنافسة والسعي للحصول على مناصب أكبر أو عرقلة انتقال الحكم إلى الأمير “محمد بن سلمان”.

في النهاية يمكننا القول أن “الملك سلمان” يسعى لترجمة قلقه ومخاوفه من المتغييرات المحلية والاقليمية إلى التوجه لتسليم ابنه “محمد بن سلمان” دفة القيادة في السعودية، إما عن طريق التنازل له عن الحكم كما فعل كل من ملك الأردن السابق وأمير قطر أو عن طريق عزل الأمير “محمد بن نايف” من منصبه وتعيين “محمد بن سلمان” بدلاً منه؛ الأمر الذي سيحل معضلة نقل الحكم إلى الجيل الثالث والتي أرهقت السعودية وحكامها خلال السنوات القليلة الماضية. ولكن لابد هنا من الحصول على الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية للإطاحة بمحمد بن نايف الخيار الأول الذي تعول عليه أمريكا لحكم البلاد وأيضاً لابد من بذل الكثير من الجهود لإقناع عدد كبير من الأمراء بقبول المبايعة للأمير “محمد بن سلمان” وعدم الاعتراض على تنصيبه ملكاً للبلاد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق