التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

البرلمان المصري الجديد… بين التحديات الكبيرة والمسؤوليات الملقاة على عاتقه 

تعيش مصر منذ ما يزيد عن خمس سنوات مخاض ثورتها على الفساد. ثورة لم تتمكن إلى اليوم من تحقيق الكثير رغم التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب المصري إلى اليوم. وفي خضم التحولات الكبيرة التي تشهدها الساحة المصرية أتى استئناف البرلمان المصري أعماله مجددا بعد ما يقارب الخمس سنوات من التعطيل الشبه الكامل. هذا وقد بلغ عدد أعضاء المجلس الجديد 596 نائبا، وهو التمثيل النيابي الأكبر بين البرلمانات السابقة، تنافس 448 نائبا منهم على المقاعد الفردية و120 من القوائم و28 نائبا تم تعيينهم من قبل السيسي مؤخرًا.

حيث عقدت البارحة الأحد الجلسة الأولى لمجلس النواب المصري الجديد. وذلك بعد ثلاث سنوات من حل البرلمان السابق عام 2012م، وقد عقدت الجلسة الأولى برئاسة “بهاء أبو شقة” رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الوفد باعتباره أكبر الأعضاء سنا. وكانت الجلسة الأولى إجرائية حيث تمت تلاوة قرارات الرئيس المصري “السيسي” واللجنة القضائية المشرفة على الاستحقاق التشريعي، أعقبها أداء النواب اليمين الدستورية ومن ثم إنتخاب رئيس للمجلس الجديد. حيث تم إنتخاب “علي عبد العال” الشخصية الغير حزبية وأستاذ القانون الدستوري والاداري في جامعة عين شمس.

هذا وقد تزامنت هذه الجلسة مع رسالة وجهها الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” إلى الشعب المصري ومجلس النواب الجديد هنأهم فيها على الانطلاقة الجديدة متمنيا التوفيق للمجلس الجديد ليلعب الدور الفعال المنوط به في الحياة السياسية المصرية.

دور البرلمان الجديد في مواجهة التحديات التي تواجه مصر

تأتي هذه الخطوة الايجابية في وقت تواجه مصر مجموعة كبيرة من التحديات التي يجب على البرلمان الجديد أن يسعى لمواجهتها والمتمثلة في مخلفات وتراكمات السنوات الماضية من قوانين تستوجب إعادة النظر فيها بالاضافة الى تحديات إقتصادية ترهق كاهل المواطن وتحديات أمنية أنهكت الجيش والمؤسسات الأمنية.

حيث يلعب البرلمان المصري كأمثاله من برلمانات دول العالم الدور الأساسي والأهم في تصويب دفة الحكم في أي بلد. وبيده سلطة الرقابة والتشريع التي تشمل كافة الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية بالاضافة إلى الأجتماعية والثقافية. فسياسيا وبعودة السلطة التشريعية إلى الحياة السياسية المصرية فهذا يؤدي بحد ذاته إلى تقديم دفعة إلى الأمام للواقع المصري الذي فقد الكثير من مكانته السياسية في المنطقة والعالم و أصبح تابعا لسياسة بعض الدول الطارئة على المنطقة. وهنا يمكن للبرلمان المصري الجديد أن يعمل لإعادة العلاقات المصرية الدولية إلى سابق عهدها من التأثير القوي على ملفات المنطقة والعالم. بما في ذلك الملف الأكثر الحاحا اليوم وهو وحدة الكلمة في مواجهة الفتن والحروب الدائرة في منطقتنا.

أما إقتصاديا، وفي ظل الواقع الاقتصادي المتدهور الذي تعيشه مصر منذ سنوات والذي أثقل كاهل الشعب المصري فزادت نسبة الفقر بشكل مضطرد وغير مسبوق. لا بد للبرلمان الجديد من إعادة النظر في القوانين الاقتصادية الحاكمة والتي سلمت زمام الأقتصاد لمجموعة من التجار المحتكرين. وتبديل هذا الواقع إلى آخر يعتمد استراتيجية الإقتصاد التكافلي، الذي يؤمن للشرائح الشعبية المختلفة أهم مقومات الصمود والذي بدوره يساعد على تقوية البنية الاقتصادية والاجتماعية لهذا البلد.

أمنيا، الوضع ليس أفضل فبعد 5 أعوام من إسقاط نظام حكم “مبارك”. الحديث الأهم أمنيا هو عن الامارات الداعشية التي أخذت بالظهور في بعض المناطق المصرية والتفجيرات المتلاحقة التي أنهكت الأجهزة الأمنية المصرية. فمن خلال إستعادة السلطة التشريعية لموقعها يمكن لها تفعيل دور السلطة القضائية في مكافحة الارهاب من خلال القوانين التي تقرها في مواجهته.

ويبقى الملف الأهم والأخطر هو الملف الاجتماعي والثقافي. الذي يشترك مع كافة الملفات الأخرى فيقويها أو يضعفها. حيث على البرلمان المصري الجديد إيجاد الأطر الثقافية والاجتماعية الكفيلة باعادة الأمن الاجتماعي في مصر المفقود منذ سنوات. والذي أضعف السلطات المصرية الثلاث. فمصر التي عرفت بأدبائها ومثقفيها قديما لابد أن تستعيد هذا المجد من خلال تفعيل دور الجامعات والمدارس والمؤسسات الثقافية الأصيلة في مواجهة الفكر المتطرف والمنحرف الذي يغزو بلادنا من كافة الأقطار. وذلك لتربية جيل جديد من المثقفين الشباب الواعين للمخاطر التي تتهدد الأمة المصرية والعربية والإسلامية.

ختاما ورغم تشكيك الكثيرين بقدرة هذا البرلمان على إيجاد تغييرات ولعب أدوار كبيرة على الساحة المصرية. إلا أن الأمل يبقى كبيرا في أن يتمكن المولود الجديد من المساعدة في إعادة مصر إلى واقعها وتاريخها العظيم أمام محاولات حثيثة لدول طارئة على المنطقة لسلب مصر من دورها الریادي و إخضاعها لهيمنة البترودولار الخليجي .
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق