التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

أزمة نداء تونس: أسبابها ومستقبلها على الساحة التونسية 

اثار خبر التقدم بالإستقالة من ٣١ نائباً تونسياً من كتلة حزب نداء تونس ضجة اعلامية کبیرة، وشغلت الصحف والتحليلات هذا الخبر عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلف أزمة نداء تونس، وعن تداعيات هذه الأزمة على الحكومة وتركيبتها.
حزب نداء تونس والذي جمع خليطاً من الأطياف السياسية من يساريين ونقابيين ورموزاً من النظام السابق بدأت الخلافات داخله بصامتة لتتحول إلى عراك وتبادل بالإتهامات خلال الأسبوعين الماضيين في اجتماع للمكتب التنفيذي للحزب في مدينة الحمامات، الخلاف الأخير رشح عنه التقدم بالإستقالة من قبل بعض اعضائه البارحة ما يهدد انشطار كتلة نداء تونس إلى حزبين وبالتالي فقدانها أغلبية مقاعد البرلمان والذي تمثل فيه ٨٦ مقعداً من أصل ٢١٧ مقعداً، وبالتالي قد يعطي الفرصة لحركة النهضة التي تأتي في المرتبة الثانية في عدد المقاعد حال استمر الخلاف على حاله ونقذت المهلة القانونية وأصبح طلب الإستقالة ساري المفعول.

أسباب الخلافات
أولاً: يعود السبب الرئيسي بحسب المعطيات والوقائع العملانية بغياب برنامج واضح للحزب وفقدانه القيادة الجامعة والثقافة السياسية، ويظهر تراشق الإتهامات داخل الحزب بإنشغال الأطراف بهمومهم الخاصة والزعاماتية وكسب المصالح والمنافع، فالحزب بنظر المستقيلين لا يتمتع بمرجعيات تضبط المسئوليات وتجعل الجميع يخضعون لهياكل حزبية.
ثانياً: انعدام الحوار داخل الحزب وغياب مسلك التفاعل الإيجابي بين أطرافه، حيث يظهر معسكران داخل الحزب الأول بقيادة السبسي نجل الرئيس التونسي والأخر بزعامة محسن المرزوق أمين عام الحزب، فالفريق الأول يتهم السبسي بأنه يسعى إلى وراثة رئاسة الحزب فيما ينظر إليه من قبل الطرف المقابل على أنه يفقد للكاريزما الرئاسية في مواجهة التحديات، فيما يتهم الأخير خصومه داخل الحزب بعدم المشروعية نيلهم قيادة الحزب. فيما يعبر خصوم المستقيلين بأنهم لن يذهبوا بعيداً لأن ذلك من شأنه أن يفقدهم الدعم المالي والقاعدة الشعبية التي أوصلتهم إلى البرلمان.
ثالثاً: يأتي السبب المباشر للتقدم بطلب الإستقالة احتجاجاً على عدم عقد الهيئة التنفيذية وهو الهيكل الشرعي الوحيد في الحزب الذي يعود له اتخاذ القرارات الحاسمة، فيما يمثل الطلب بالإستقالة بحسب قولهم أنه خطوة وموقف سياسي لا تأثير له على موقف المجموعة المساندة للحكومة ورئاسة الجمهورية من جهة والملتزم بالمشروع الذي تأسس عليه حزب نداء تونس من جهة أخرى.

تداعيات الأزمة
كثرت الأسئلة حول الإئتلاف الحكومي الحالي والوضع الدستوري للحكومة، فالإستقالة وعلى الرغم من أنها لم تدخل حيز التنفيذ بعد إلا بعد خمسة أيام من تقديمها بحسب الدستور التونسي إلا أن عمق الإختلافات قد يكون عائق في إصلاح الأمور، وقد تذهب الأمور إلى أن يكلف رئيس الجمهورية وبالإستناد إلى الفصل ٨٨ من الدستور مرشح الإئتلاف الإنتخابي الذي يتمتع بأكبر عدد من المقاعد (حزب النهضة الذي يأتي بالمرتبة الثانية) بمجلس النواب بتكوين حكومة خلال شهر حال غادر حزبي الوطني الحر وآفاق للإئتلاف مما يعمق الأزمة ويذهب بالأمور إلى تشكيل حكومة جديدة أو اجراء انتخابات مبكرة، هذا لإعتبار أن توفر الشروط التالية كفيلة بفقدان الحكومة الثقة.
تذهب بعض التحليلات إلى أن النهضة ليست بوارد التفكير جدياً بالإمساك من جديد بزمام السلطة في تونس، فهي من جهة ليست مستعدة هيكلياً ولا سياسياً لقيادة المرحلة، إلى استنفار جميع القوى السياسية ضدها في الداخل لو أقدمت من جهة أخرى على ذلك، ولهذا فمن المتوقع أن تعمل النهضة على المحافظة على التوازنات الراهنة في اتجاه التمسك بالعلاقة مع كل الأطراف لإعتبار المعطيات سابقة الذكر. يضاف إلى ذلك أن الحدیث عن تكليف من قبل رئيس الجمهورية للإئتلاف الأكبر عدداً في البرلمان لتشكيل حكومة يتعلق فقط بتشكيل الحكومة بعد الإنتخابات مباشرة ولا ينسحب ذلك على نظام الحكم بعد الإنقسام الحاصل. فيما تذهب تحليلات إلى أن حركة النهضة قد تستفيد من تصدرها لكتل البرلمان بشكل غير مباشر، إذا ما فكرنا في فرضية إسقاط الحكومة، وهذا مستبعد جداً لطبيعة علاقتها بحزب النداء، أو استقالتها، حيث تنزل الكتلة الأكبر بثقلها (١٠٩ نواب على الأقل) لتحديد الشخصية التي ستشكل الحكومة بعد أن يقترحها رئيس الجمهورية .
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق