التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, يونيو 2, 2024

“أبرتهايد” للإسرائيليين: طريق “نهاية شارون” بات معبداً فاسلكوه 

شهدت القارة السوداء منذ عام ١٩٤٨ وحتى تسعينيات القرن الماضي تطبيق نظام “أبرتهايد”، هذا النظام يعتمد على الفصل العنصري، وهو ما حكمت من خلاله الأقلية في جنوب أفريقيا، ورغم إلغاء هذا النظام إلا أن جذوره باتت تُبرعِم مرةً أخرى في القرن الواحد والعشرين، قرن الديمقراطية، ولكنّ هذه المرة ظهرت براعم هذا النظام في فلسطين ليكون الشعب الفلسطيني هو الضحية، هذا الشعب الذي يشهد تفاقمَ معاناته وكثرة الشدائد التي يواجهها.

 

التمييز العنصري الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين ليس جديداً، فمنذ القدم يواجه الفلسطينيون أشكالاً متنوعة من التمييز العنصري والعرقي، إلا أن الأعوام الأخيرة شهدت تحول الفصل العنصري الإسرائيلي إلى شكلٍ جديد من أشكال العنصرية ليصبح أكثر قرباً إلى التطرف والإرهاب، ومن آثار هذا التحول ما شهده العام الفائت في يوليو/تموز إذ تعرض الطفل “أحمد أبو خضير” إلى الخطف والتعذيب على أيدي مستوطنين إسرائيليين أكملوا إجرامهم بحرق “أبو خضير” حياً، بالإضافة إلى أن هذا العام شهد إحراق منزل عائلة “الدوابشة” الأمر الذي تسبب باستشهاد الرضيع “علي دوابشة” حرقاً.  

 

الإعدام حرقاً للأطفال ليس حديثاً بشكل كامل، إذ شهد عام ٢٠٠٦ محاولةً فاشلة لإحراق مواطنٍ فلسطيني؛ وخلو الأعوام بين ٢٠٠٦ و٢٠٠١٤ من محاولات الحرق يعود إلى عدم اكتمال الأرضية المناسبة في حكومة الکيان الإسرائيلي لهكذا أعمال، ومع قدوم “نتنياهو” أصبحت الجماعات اليهودية المتطرفة والمتشددة أكثر حريةً، ولهذا نجد أن جرائم الإحراق تكررت في عامين متوالين دون أي إجراءات جدية من حكومة “نتنياهو”، ولا يمكن إيجاد أي مخرج لهذا الرجل من اتهامات العنصرية التي تلتصق به، فالكنيست نفسه اتهم حكومة “نتنياهو” بالتحريض وذلك في اجتماع لمناقشة حرق الطفل “دوابشة”. 

 

قضية تفشي الإرهاب العنصري يعود لسببين، السبب الأول يتمثل بالنزعة العنصرية عند حكومة “نتنياهو”، فحصول جريمة عام ٢٠١٤ في ظل حكومة نتنياهو الذي لم يتخذ أي إجراءات لمنع هكذا جرائم، بالإضافة إلى تكرر الحادثة بعد عام يعزز ما ذهب إليه الكنيست من اتهامه لـ”نتنياهو” بالتحريض، أما السبب الثاني فيعود لوجود الكثير من الإسرائيليين المتشددين الذين يوافقون ويؤيدون الميول الإجرامية لدى حكومتهم، وهذا يفسر إعادة انتخاب “نتنياهو” مجدداً لرئاسة حزب اللكود والحكومة عام ٢٠١٥، أي يمكن القول إن كلاً من الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين باتوا يميلون إلى التشدد واتباع وسائل إرهابية لتنفيذ عنصريتهم. 

 

وما يعزز النتيجة السابقة هي الأحداث التي شهدها الكيان الإسرائيلي بعد جريمة حرق “دوابشة”، فرغم هذه الجريمة لم تستمر التيارات الصهيونية المتشددة في دعواتها العنصرية فحسب، بل بات لها مؤتمرات رسمية وتصريحات خاصة تملأ الصحف ووسائل الإعلام دون أي رادع من حكومة “نتنياهو”، فبعد إحراق الطفل “دوابشة” دعا زعيم منظمة “لاهافا” اليهودية المتطرفة إلى حرق الكنائس والمساجد في أنحاء فلسطين المحتلة وحتى الكنائس الخاضعة للإدارة الإسرائيلية، ولم يتوقف الأمر هنا فرئيس الکيان الإسرائيلي “رؤوفين ريفلين” تعرض لانتقادٍ إسرائيلي شديد اللهجة نتيجة إبرازه التعاطف مع الطفل الفلسطيني، حيث علق صهاينة على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك بهذه الجملة “الخائن القذر ستكون نهايتك أسوأ من نهاية شارون”. 

 

تفشي التطرف داخل الكيان الإسرائيلي سيجلب عواقب وخيمة لهذا الكيان، فمن البديهي أن ردة الفعل الفلسطينية ستصبح أشد وأقوى مما كانت عليه من قبل، وستزداد عزيمة وإرادة الفلسطينيين في مواجهة القوات الإسرائيلية، كما أنه من الممكن أن يواجه قادة الكيان انتفاضة جديدة تتفجر نتيجة العنف المتصاعد، وعلى الصعيد الدولي فمن الملاحظ أن جرائم هذا الكيان باتت تلقى إدانات دولية متعددة وخاصة جريمة الطفل “دوابشة”، ناهيك عن أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حذر العام الفائت من “تحول إسرائيل لدولة أبرتهايد”، كما أن المنظمات الدولية أصبحت أكثر حساسيةً بالنسبة للسلوك الإسرائيلي، فلقد تعرضت ممارسات هذا الكيان تجاه الأطفال إلى أكثر من انتقاد وجهته منظمة “هيومن رايتس ووتش”.  

 

ممارسات الكيان الإسرائيلي المتطرفة والعنصرية التي لاقت رواجاً داخلياً ودعماً حكومياً ستفتح باب المآسي على هذا الكيان، فحتى الدول المتواطئة معه لن تستطيع التغطية على هذا النوع من الجرائم والانتهاكات، وهذا ما يشير إلى أن طريق “أبرتهايد” الذي اختاره “نتنياهو” سيوصل الكيان الإسرائيلي إلى عزلة مطبقة تكون لصالح الشعب الفلسطيني، وستفتح أمام هذا الكيان باب النهاية، ليست أي نهاية، بل نهاية “أسوأ من نهاية شارون”.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق