التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, يونيو 2, 2024

عودة إيران للسوق النفطية: بين مصلحة أوبك وإحتكار الدول الخليجية 

شكَّل الإتفاق النووي للدول الست مع إيران، مرحلةً جديدةً في التوازنات العالمية لا سيما السياسية والإقتصادية. وهو الأمر الذي جعل الدول تُعيد حساباتها وبالتحديد فيما يتعلق بمصالحها. وبعيداً عن السياسة وتأثيرها غير المباشر، فإن المصالح الإقتصادية تعود لواجهة التحليل والنقاش، لا سيما بعد الإتفاق النووي وقرار إزالة العقوبات عن إيران. وهنا يجري الحديث عن أثر ذلك لا سيما على السوق النفطية، ومنظمة أوبك العالمية. فكيف يمكن توصيف الواقع الحقيقي الذي تعيشه أوبك؟ وماذا في دلالات وتحليل ما بعد الإتفاق النووي؟

 

تقرير حول أوبك وواقعها الحالي:

في حزيران من العام الحالي، قررت أوبك الإبقاء على سقف الإنتاج الجماعي للمنظمة عند حدود ٣٠ مليون برميل يومياً، كإستمرار للإستراتيجية التي تدعمها السعودية للحفاظ على حصة تلك الدول في السوق والتصدي للمنافسة التي تأتي من النفط الصخري الأمريكي. ويُعتبر السعر المتفق عليه، السقف نفسه منذ أربع سنواتٍ تقريباً، على الرغم من انهيار أسعار النفط في الفترة بين حزيران ٢٠١٤ وكانون الثاني ٢٠١٥ وهو ما أدى إلى انخفاض عائدات تلك الدول.

وتدرك منظمة أوبك أن دولها تضخ ما يقارب ثلث النفط العالمي. وهو الأمر الذي يُشير محللون إقتصاديون الى تبعاتٍ مستقبلية، تتعلق بعودة الطرف الإيراني لضخ كمية النفط السابقة، مما سيزيد من التخمة العالمية في الأسواق، أي العرض، وسيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط كنتيجة لذلك.

لكن الأمر الذي لا بد من الإشارة له يتعلق بأن هناك انقساماً بين دول المنظمة حول سياسة الحفاظ على حصص الدول في السوق. لذلك فالدول الأفقر في أوبك كأنغولا والجزائر وفنزويلا، والتي تعتمد ميزانياتها السنوية بشكلٍ أساسيٍ على عائدات النفط، تدعو الى خفض كمية الإنتاج لدعم الأسعار. فيما تدعو الدول الأغنى وتحديداً الخليجية والتي تقودها السعودية كونها أكبر منتج للنفط في أوبك، الى حماية حصة المنظمة في سوق النفط وإبعاد منتجي النفط الصخري الأمريكي، ذات التكلفة العالية من خلال الحفاظ على مستويات منخفضة للأسعار.

 

أوبك وسوق النفط قبل الإتفاق:

لا شك أن العقوبات التي فُرضت على إيران في عام ٢٠١٢، إنعكست بشكلٍ سلبيٍ على إنتاجها الذي كان يُصدَّر منه ٢.٥ مليون برميل يومياً، لينعكس ذلك على دول أوبك، التي اضطرت لتعويض النقص الحاصل، مما جعل السعودية والكويت والإمارات تزيد من حجم إنتاجها. لكن على الرغم من ذلك، فإن إنتاج المنظمة بشكلٍ عام، لم يرتفع بين العام ٢٠١٣ و٢٠١٤ بسبب الإضطرابات السياسية التي أثرت على الإنتاج في العديد من الدول بسبب الهزات الأمنية وحالة اللاإستقرار، لا سيما في ليبيا والعراق. وبالتالي فقد جاءت أغلب الزيادة لتعويض النقص في السوق العالمية من خارج دول المنظمة.

 

سوق النفط بعد الإتفاق:

إن توقيع الإتفاق النووي مع إيران سيؤدي بشكلٍ مباشر الى رفعٍ تدريجيٍ للعقوبات الإيرانية وهو ما سينعكس إيجاباً على سوق النفط. لذلك فإن عودة النفط الإيراني للأسواق سيصب في مصلحة أوبك، لأنه سيُعيد مُنتج أساسي، يمكنه إعادة ضخ مليون برميل خلال عامٍ تقريباً، مما سيؤدي الى استعادة أوبك قوتها في تغذية الأسواق. وهو ما سيسمح من الناحية الإقتصادية، بتخفيف الضغط عن الإنتاج في الدول الخليجية، والتي على الرغم من أنها هدفت في سياساتها الى تحييد الطرف الإيراني وتأثيره في السوق النفطية، تضررت سلباً من هذه السياسة. فقد رفعت طاقاتها الإنتاجية بعد تراجع التصدير الإيراني، مما أثر على حجم احتياطها من النفط، مع الإشارة الى أن هذه الدول تمتلك إحتياطاً نفطياً أقل من إيران.

 

على ماذا تراهن الدول الخليجية؟

على الرغم من أن لمنظمة أوبك مصلحة كبيرة في عودة الطرف الإيراني لها بقوة، إلا أن مندوبي الدول الخليجية لدى المنظمة، يحاولون الإيحاء بعكس ذلك. فقد أشار هؤلاء الى أنهم يتوقعون أن تُبقي المنظمة على إنتاجها النفطي دون تغيير وتدافع عن حصتها في السوق هذا العام، بعد توصل إيران لإتفاق نووي مع القوى الكبرى نظراً لأنه وبحسب رأيهم، فإن العودة الكاملة للخام الإيراني إلى السوق لن تأتي سريعاً. وهذا ما أشارت له صحيفة الرياض السعودية في قسمها الإقتصادي. إذ أن المسألة برأيهم، رهنٌ للوقت الذي سيستغرقه رفع العقوبات الى جانب الحاجة للتحقق من تنفيذ الإتفاق النووي. لكنهم على الرغم من ذلك، فقد أكدوا أن العام ٢٠١٦ سيكون عاماً صعباً على المنظمة، حيث من المتوقع أن يتم فيه تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على إيران بما يسمح لها بزيادة إنتاجها وصادراتها من النفط. فيما سيكون الرهان على ارتفاع الطلب في العام المقبل، وبالتحديد الطلب الصيني على النفط، مما قد يساعد السوق على امتصاص الكميات الإضافية.

لا شك أن الواقع الجديد بعد الإتفاق هو ما سيُحدد مستقبل المنطقة حتى على الصعيد الإقتصادي. وقد يكون منطقياً القول إن رفع العقوبات على إيران لن يتم بشكلٍ فوري، لكن الأمر يتعلق بالمستقبل والى أين ستؤول إليه الأمور. فيما من المؤكد أن إيران كدولةٍ تمتلك حجماً كبيراً من النفط، سيكون لعودتها تأثيرٌ بالغٌ وإيجابي، على المنظمة والسوق العالمية. فيما يبدو أن منظمة أوبك، تحتاج اليوم لسياسةٍ تُعطي الجميع حقوقهم، لا سيما في ظل إحتكارٍ سعوديٍ وسخطٍ من الدول الأخرى لا سيما تلك التي تُعتبر فقيرة، تجاه السياسة الخليجية في المنظمة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق