التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

عُقدة المصالحة 

بين الحين والآخر تظهر على المشهد السياسي العراقي عبارة( المصالحة الوطنية)التي شكلت عنوانا عريضا للخلافات السياسية على مدى أكثر من عقد من الزمن دون أن نجد ثمة آفاق للحل أو حتى إيجاد تعريف متفق عليه مع مَن نتصالح وعلى ماذا ؟

ونحن في العراق حدث لدينا تغيير كبير جدا بعد عام 2003 عبر تغيير نظام الحكم والتحول نحو الديمقراطية كخيار لتداول السلطة بعد أن ظل البلد يُدار بعقلية شمولية لم تبني بلداً أو تؤسس لدولة بقدر ما إنها مكنت فئة قليلة من الاستحواذ على مقدرات البلد.

وهنالك جملة من الأخطاء التي رافقت عملية التغيير هذه وواحدة من هذه الأخطاء التي لازالت موجودة حتى يومنا هذا إن مكون من الشعب العراقي ونقولها بصراحة(العرب السنة) أعتبروا عملية تغيير النظام البعثي الشوفيني موجهة ضدهم بالدرجة الأولى وكأنهم يقولون بأن حزب البعث هو حزب سني،وهذا هو الخطأ الفكري والثقافي الكبير الذي حمل دلالات كثيرة في المراحل اللاحقة .

حزب البعث لم يكن حزباً إسلامياً بقدر ما كان حزب سلطة قمعي لا يفرق بين السنة والشيعة،والعرب والأكراد في بطشه ولنا في ما حصل في كردستان من عمليات إبادة،تقابلها إبادة في جنوب العراق للانتفاضة عام 991،ونجد أيضاً عمليات تهميش واسعة مارسها البعث المقبور ضد أبناء الأنبار بعد محاولة الانقلاب التي قادها أحد أبناء المدينة ضد الطاغية.

وأيضاً لم يكن حزباً قومياً حقيقياً كما يتصور البعض لأنه ضرب القومية عرض الحائط  في الثاني من آب عام 1990 بغزوه الكويت،ماحياً بهذا الغزو كل الشعارات التي رفعها عبر عقود طويلة .

هذه الرؤية التي تولدت لدى البعض من إن حزب البعث سني،كانت حجر عثرة في مسارات البناء الديمقراطي للدولة العراقية،ولعلها اليوم ايضا حجر عثرة في طريق انجاز المصالحة الوطنية خاصة وإن مبدأ الشراكة بين مكونات الشعب العراقي في إدارة الدولة كانت تصطدم دائماً بعقبة ربما لا يعترف بها البعض ولا يريد إعلانها وتتمثل إن البعض من هؤلاء(بقايا البعث) لا يستسيغ مبدأ الشراكةلكونه في فترة ما من تاريخ العراق كان هو الحاكم وبالتالي أصبحت الشراكة بحد ذاتها ليست هدفاًلهم ولا نمطاً مقبولاً يرتضون به .

لهذا يمكننا القول  إن المصالحة الوطنية يجب أن تأخذ مسارات بعيدة جدا عن (بقايا البعث) لأن إبقاء هؤلاء في دائرة الحوار يعني فيما يعنيه تعطيل المصالحة لأن سقف مطالبهم أعلى مما يتصوره البعض خاصة وإنهم لم يعترفوا بالنظام السياسي القائم في العراق ولم يعترفوا بالدستور العراقي وبالتالي إن الحوار معهم في العواصم العربية سواء في عمان أو دبي أو غيرها لن يكون مجديا لأن هؤلاء لا زالوا يعيشون ما قبل التاسع من نيسان 2003 وعليهم أن يدركوا هذا ويتجاوزوه بغية أن تتوفر لهم الجاهزية الفكرية لاستيعاب ما حصل في العراق .

حسين علي المحمداني

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق