التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

الجامعة العربية والجيش العربي الموحد .. الأضحوكة المبكية 

في ظل الفوضى الظلامية التي يمر بها الشرق الاوسط، واقع لا تجد فيه لأغلب الأسئلة المطروحة التي تتعلق بالمصير والمستقبل أجوبة واضحة. فقد دخل الشرق الاوسط في مراحل جديدة مع ربيع الارهاب، المشروع الجديد الذي يتولى مهمة تقسيم المنطقة الى دويلات متناحرة قوميا ومذهبيا وبالتالي ادخالها في نفق مظلم حول مستقبلها الى حد يهدد امنها واستقرارها بالصميم.

 

مشروع الشرق الاوسط الجديد بحلته الدموية التي تمكنت وتسترت بلباس الشعارات الملونة المسمومة التي تقمصت بها السياسة الامريكية في المنطقة عبر تبني مشروع نشر الحريات والدیمقراطية المزعوم الذي سوق له على أمة سيواجه الانظمة الدكتاتورية البالية.

ولأن الكذب إن تكرر ولبس ثوبا براقا يدغدغ معاناة الناس ويزغزغ أبصار الجهال ويتلطى خلف شعارات جميلة المظهر وطيبة الصدى، يصبح عندها حقيقة واهمة يستشهد من أجلها وتقدم التضحيات.

 فالأنظمة البالية الدكتاتورية على شاكلة طالبان وبن لادن وحسني مبارك والقذافي وصدام حسين وبن علي، كانت ترتبط بامريكا ومن يقف في خندقها علاقة العبد بسيده، وما كانت تلك الانظمة والجماعات الارهابية التي رعتها وربتها الا مشروعا امريكيا بعشرات الادلة.

فحين انتهت ورقة الجوكر الحاكم الذي داس على كرامة شعبه وسبب له الجوع والفقر لجعله يركض سنين وراء لقمة العيش والهرب من قضبان سجون اجهزة المخابرات التي تحرص على أمن كرسي الرئيس، سنين كانت كفيلة بإلهاء الشعوب عن فلسطين ومشروع الكيان الإسرائيلي في المنطقة وجهزت كل مستلزمات التطبيع وأصبحت حاضرة.

مراحل قد تمت وبات معها في مقاييس المصلحة اقتلاع الانظمة بثورات مصطنعة أكثر نتاجا من بقائها وأقل كلفة وحرجا، وحين نضج المشروع التكفيري بكل أدواته الاعلامية والفكرية المشوهة ومنظومته الفتاكة الاجرامية وبلغت درجة غليان الشعوب المظلومة مستوى متوقعا، بدأت ثورات الديمقراطية العربية تنسل من كل حدب وصوب وتحققت فتوحات الارهاب في قلب العالم وحملات نشر الاسلام الرحمة الدموية الجديد بسكين جهال الامة العربية ونفايات البشر حول العالم لتشرق بهذا شمس الحرية والديمقراطية مجازر وحملات ابادة وتجهير واقتلاع لحضارات وأصالة اديان وفتك ودمار يقضي على كل علم وبشر وحجر.

وسط هذا الواقع الجديد، الجامعة العربية، الأضحوكة التي تستحضر الدمع والبسمة، بسمة لسخرية الاسم ودمعة لواقع مرير جعل الجامعة العربية سوقا لبيع الخطابات واستدانة الحقوق والمراهنات الواهنة الواهية التي قتلت دولة مهد الأديان فما بقي من تلك الخيانة شيء.  

في مواقفها الاخيرة، تدرس الجامعة العربية امكانية الاجتماع لبحث هجوم داعش في سيناء، في سخرية أخرى ليست أقل من مهزلة الجامعة العربية نفسها.

فقديم اجتماعات الجامعة على وقع مجازر الكيان الإسرائيلي في غزة وفلسطين ولبنان، ومواقف مشرفة تدين اهل الارض المقاومين وتفتح الملعب طوعا لهذا الكيان ليعاقب كل من ينطق باسم فلسطين وينزل قصاصه بكل من يقف في وجه مشروع التطبيع الأسود. 

الحدث المؤلم الذي يعكس حجم التشقق والتفتت وهزلية الاهداف التي تتولاها ما تسمى بالجامعة العربية اليوم، التي وصل بها الحال لتجتمع من اجل الاعتداء على ارض مصرية دون ان تملك اصلا اي قدرة على الفعل ولا حتى تبلغ قيمة الاجماع كلفة الضيافة التي تنفق على المجتمعين، فما يسمى جامعة عربية ليست الا عبارة عن عنوان براق تجميلي لواقع عربي سيء جدا يحمل في ايامه القادمة مصيرا اسود لكبار الدول العربية التي تنتمي الى الجامعة نفسها.

فمن يجتمع من اجل سيناء، اهمل في الماضي الاجتماع من اجل فلسطين بل اجتمع على فلسطين وكان من ينشد قضيتها، واهمل لبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا، فها هو يضطر ليجتمع من اجل مصر التي تعد من اعمدة مشروع الجامعة المزيف.

انه الواقع الذي يعبر عن حاله، لعبة الارهاب التي يتبناها اعضاء الجامعة انفسهم من قطر والسعودية والدول الخليجية، هي اليوم سبب الدعوة الى الاجتماع. انها كذبة اهل الجامعة العربية على انفسهم، أم صرخة الضعيف المتألم تحت أقدام اخوته المفترضين، أم ضياع اهل الجامعة من شدة التفرق؟!

الارهاب الذي يهدد بلسان ابي بكر البغدادي السعودية للمرة الثانية ويحرض اتباع داعش على الثورة لاحتلال عاصمة الخلافة الاسلامية مكة المكرمة ويوجه تعليماته لاستهداف بني سليل وتحرير مدينة المسلمين والرسول من المشركين، هو نفسه الذي يضرب مصر و يهدد غزة وليبيا وفرنسا واوروبا واستراليا ولبنان وسوريا والعراق واليمن وغدا الاردن والكويت أكثر فأكثر ولن يسلم منه الا امريكا والكيان الإسرائيلي!!

لعبة الموت الامريكية الإسرائيلية المسمومة التي تشارك بها السعودية وقطر وتركيا، بدأت تنقلب تماما كسيناريو الانقلاب الطالباني على مؤسسه الامريكي، وهو المشروع الامريكي بأيدي العرب يراهن برقاب العرب!!

الواقع الحاصل هو نتاج منطقي لسياسات ارهاب الدول العربية نفسها التي تدعي الاجتماع من أجل معالجة مسألة الارهاب في سيناء، فمن اشعل نار الفتنة وحرض عليها على مدى سنين طويلة وضخ سمومه المذهبية ونشر الوهابية للتفرقة والشرذمة هو اليوم وغدا ضحية ما جنته يداه.

فالدول العربية والاوروبية حتى ليست الا فريسة قد وضعت نفسها بنفسها في فك ارهاب المشروع الاسراامريكي المعد لمنطقة الشرق الأوسط.

فليت العرب اجتمعوا لبحث الاعتداء الاسرائيلي على غزة والدولة العربية السورية، ويا ليتهم حموا حماس وشعبها المظلوم وأحسنوا الدعم للمقاومة الفلسطينية السنية كما يحسنون خدمة الارهاب المتغلغل في بلادهم والمعتاش على موائدهم والمصنع بدسائس وسموم مصانع أفكارهم وثقافاتهم المطيعة لهوليوود الجديدة التي نشاهدها حية في مسرح الشرق الاوسط واحداثه.

من لم يجتمع لأجل القدس وشعب القدس المظلوم، وباعها مقابل موائد الطعام الشهية وكرسيه المتدلي وعرشه العاجي، لن يبقى بمنأى عن لعنة مظلومية الشعوب التي تسفك دماؤها في العالم العربي بسيف التكفير الارهابي ويد اسراامريكية، ومن لم يهب لنصرة اهله وشعبه لن ينجو من اولاده العاقين الوهابيين الذين تربوا على تكفير البشر والحجر والشجر!!

هي الجامعة العربية التي باعت القضية الاساس وساهمت بوفاء العمالة الكاذبة الحقيرة باستقرار كيان اسرائيلي جلب الويل الى الشرق الاوسط، تذوق وبال ما كسبت وبعض منه وما أكثره وأخطره من آت.

طعم مر وارهاب يسهب هبة واحدة ليحرق ارض النفط بمن فيها من امراء وحشم وخدم وزخارف وقصور وموائد، وليتذوق الارهاب طعم لحمه الذي يفرى منه، ويتجهز الملوك الحاقدون ليجربوا بعضا مما كادوه لاخوانهم واهل ملتهم.

فيا ليت العرب اجتمعوا ليحرروا ارضهم التي باعوها، بدل أن يصلوا الى مرحلة خطيرة يجتمعون من أجل البحث في قضايا الارهاب التي حاكوا بدايتها ولكنهم لا يعرفون نهايتها على اراضيهم.  

لا أسف على حال الجامعة العربية التي توحدت ضد بلاد عربية سورية ويمنية وعراقية وفشلت ان تتوحد بل تخاذلت في وجه الارهاب الاول والاخير الكيان الاسرائيلي، ومن فشل في السياسة سنين يضحك موقفه بتشكيل جيش عربي موحد يقاتل من يدعمه ملوك دوله، فلا جيش عربي موحد الا على الشعب العربي الضحية، ولا جامعة عربية قادرة على ايقاف حمام الدم الآتي راكضا نحو دول الارهاب الاصيلة العميلة للمشروع الاسراامريكي ولا قيامة لجامعة قامت بلسان الباطل لتدحض الحق. فبئس الدول وجامعتها المتفرقة وبئس الجيش العربي الموحد الذي يقبل بسوريا الجريحة ويقتطع لحم شعبها ويقصف اليمن بشعبه الأبي الذي يقاتل اوجه الارهاب العربية على اراضيه، ويجتمع بالإسرائيليين على موائد تحاك عليها المؤامرات ضد شعوب كانت تتهم بالارهاب لتصبح اليوم رأس حربة مشروع مقاومة الارهاب.. إنه الزمن رغم قساوته وصعوبته ينصف المظلوم ويخرج الارهاب من لباس العباءة والسبحة والشال العربي وينطق بأن اعراب الزمان هم اسرائيليون أكثر من اسرائيل نفسها !!

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق