التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

الكيان الإسرائيلي والجماعات التكفيرية.. أوجه الشبه والإختلاف 

حتى سنوات خلت، كانت الجبهة الجنوبية مصدر التهديد الوحيد للشعب اللبناني، إلا أن التطورات التي عصفت بالمنطقة منذ بدء ما يمسى بـ”الربيع العربي” وظهور الجماعات التكفيرية، قلبت الطاولة اللبنانية رأساً على عقب حيث باتت مختلف المناطق عُرضةً لضربات الجماعات التكفيرية، وبات اللبنانيون بين مطرقة الكيان الإسرائيلي جنوباً وسندان الجماعات التكفيرية شرقاً.

 

لم يقف الجيش اللبناني وحزب الله مكتوفي الأيدي إزاء هذه التطورات، بل إنتقلت تعزيزات الجيش اللبناني إلى منطقة البقاع إلا أنها وصلت متأخرةً بسبب بعض العراقيل التي وضعتها أحزاب سياسية لبنانية، إلا أن حزب الله لم يعر أي إهتمام للدعوات التي وجهت للجيش اللبناني والحزب في آن واحد، بل توجّه إلى الجبهة الشرقية لمواجهة “الخطر الوجودي” الذي تشكله الجماعات التكفيرية دون أن يغفل عن الجبهة الجنوبية كما أكد أمينه العام السيد حسن نصر الله.

رغم أن الجماعات التكفيرية ترفع شعار الإسلام إلا انها لا توجّه بندقيتها إلى الكيان الإسرائيلي الذي يحتل قبلة المسلمين الأولى، في المقابل لم تشكّل هذه الجماعات المسلحة مصدر تهديد للكيان الإسرائيلي رغم عدائه ومحاربته لكافة الجماعات الإسلامية التي ترفع شعارات القدس وتحرير الأرض سواء كانت مسلحة أم لم تكن كذلك. بل ما شاهدناه بأم العين هو تنسيق ودعم متبادل في منطقة القنيطرة السورية ومختلف أماكن التواجد المشترك، فضلاً عن إعلانهم العداء المشترك لحزب الله والقيام بإستهدافه سواءً على الأراضي اللبنانية أو داخل الأراضي السورية.

ورغم الخلاف الإيديولوجي بين الطرفين، إلا أن هناك العديد من أوجه الشبه، ما يدفعنا لطرح السؤال التالي: ما هي أوجه الشبه والإختلافات بين الكيان الإسرائيلي والجماعات التكفيرية؟

أوجه الشبه

هناك العديد من أوجه الشبه بين الكيان الإسرائيلي والجماعات التكفيرية أبرزها التالي:

أولاً في حين يحتل الكيان الإسرائيلي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية، تحتل الجماعات التكفيرية جروداً لبنانية في البقاع أبرزها جرود عرسال.

ثانياً يعتبر كلا الجانبين تهديداً وجودياً للدولة والشعب اللبناني، حيث يسعى الجانبان لإحتلال المزيد من الأراضي اللبنانية. الكيان الإسرائيلي لطالما سعى(ويسعى عند أول فرصة) لإحتلال الجنوب اللبناني تحت شعار حفظ أمن المنطقة الشمالية، أما الجماعات التكفيرية فهي لا تعير للحدود أي إهتمام لأن إيديولوجيتها لا تعترف بذلك، ومشروعها الحالي هو التوسع تحت شعار “الدولة الإسلامية”.

ثالثاً تعتبر الدموية التي لا تفرق بين كبير وصغير طفل وإمرأة من أبرز السّمات المشتركة بين الجانبين. فالكيان الإسرائيلي لطالما عمل في حروبه السابقة سواءً في لبنان أو فلسطين المحتلة على إستهداف المدنيين، وكذلك الجماعات التكفيرية سواءً في سوريا أو العراق أو حتى لبنان.

رابعاً يحاول الجانبان إضفاء الصفة الدينية على حركتهم، اليهودية في الكيان الإسرائيلي، والإسلامية لدى الجماعات التكفيرية، إلا أنهما يخالفان صريح ديانتهم. حيث يخالف الكيان الإسرائيلي الديانة اليهودية القائمة على تقديس الشتات الذي هو المطهر الضروري قبل مجيء “الماشيح”؛ فحسب اعتقاداتهم أنه في الشتات اكتشف النبي إبراهيم الله، وفي الشتات أنجب يعقوب الأسباط، وتحول الأسباط إلى شعب، وفي الشتات أيضاً نزلت التوراة على موسى. كذلك تخالف الجماعات التكفيرية دين الرحمة الإسلام عبر جرائم وأفعال لا تمت إلى نبي الرحمة (ص) بصلة.

خامساً في حين يسعى الكيان الإسرائيلي لدعم مشروعه عبر جمع الشتات من أوروبا الشرقية ومختلف دول العالم تحت شعار “الدولة اليهودية”، تقوم الجماعات التكفيرية بدعم مشروعها أيضاً عبر دعوة المسلمين للعيش في ظل الخلافة الإسلامية.

سادساً تعتبر الطبيعة العدوانية وإلغاء الآخر من الصفات المشتركة بين الجانبين حيث أنه وكما قام الكيان الإسرائيلي بتهجير الملايين من الفلسطينيين منذ منتصف القرن الماضي، تقوم حالياً هذه الجماعات بتهجير الملايين سواءً في سوريا أو العراق.

سابعاً تقف مؤامرة غربية ( أمريكية-بريطانية) وراء ظهور الجانبين. فالكيان الإسرائيلي ظهر إثر وعد بلفور المشؤوم، أما التنظيمات التكفيرية بدءاً بالقاعدة وإنتهاءً بتنظيم داعش الإرهابي فهي “إنجاز” مخابراتي أمريكي. وما يؤكد هذه الدعوی هو ما أعلنه رئيس وكالة المخابرات الأمريكية  CIAالسابق “جيمس وولسي” في الـ ٢٠٠٦ ان وكالته ستصنع للأمة الإسلامية ما يناسبها ثــم نجعلهــم يقومــون بالثــورات، ثــم يتــم انقسامهــم علــى بعـض لنعرات تعصبيـة، “ومــن بعدهـا قادمــون للزحـف وسوف ننتصـر”.

الإختلافات

رغم وجود العديد من أوجه الشبه إلا أن هناك أيضاً بعض الإختلافات الملفتة بين الجانبين أبرزها:

أولاً من أهم الفروقات بين الطرفين أن الكيان الإسرائيلي مشروع إستراتيجي للقوى الغربية في المنطقة، في حين يعتبر مشروع التنظيمات التكفيرية مشروع تكتيكي يخدم إستراتيجية هذه الدول. القوى الغربية ستقضي على هذه التنظيمات في حال نجحت في بسط سيطرتها على المنطقة، كما أن سيطرة التنظيمات التكفيرية على الأنظمة الإقليمية المقاومة سيدفع بالغرب لقطع الدعم عن هذه الجماعات وضربها، ولا نستغرب أن تُدخل أمريكا الكيان الإسرائيلي إلى جانب “محور الإعتدال” في محاربة هذه الجماعات، حينها سيغدو الكيان الإسرائيلي حليفاً قوياً لهذه القوى، وربّما يصبح عضواً في “جامعة دول الشرق الأوسط”.

ثانياً لا تسمح القوى الغربية بتسليم الجماعات التكفيرية أسلحة كاسرة للتوازن، إلى أنها تدعم الكيان الإسرائيلي بأحدث أنواع الأسلحة.

يبدو واضحاً أن الجانبين الإسرائيلي والتكفيري عبارة عن فصل من فصول المؤامرة الغربية تجاه المنطقة وشعوبها، ولأن المقاومة قيّمة بل هي من القيم المؤسسة للقيم، يتوجب على كافة اللبنانيين بل كافة أبناء المنطقة دعم هذا المشروع الذي وضع نصب عينيه القضاء على الكيانين الإسرائيلي والتكفيري.

المصدر /  الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق