التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

خسارة السعودية بين توقف الحرب واستمرارها 

 انقلب السحر على الساحر، لربما تكون هذه العبارة هي العبارة الأفضل التي تصف حال السعودية في اليمن اليوم، فالسعودية التي كانت تطمح من خلال عدوانها على الشعب اليمني للقضاء على إرادة هذا الشعب ودفعه للخضوع والإستسلام خلال أسبوعين كحد أكثر، ها هي اليوم عالقة في وحل المستنقع اليمني لا تدري ما تصنع، وهي ترى الحرب قد انتقلت إلى أراضيها وعناصر جيشها يفرون من مقراتهم تاركين عتادهم خلف ظهورهم.

 

تعيش السعودية اليوم مأزقاً حقيقياً لا تحسد عليه، فالسياسيون السعوديون يرون أنفسهم أمام احتمالين اثنين أحلاهما مر فما هذان الاحتمالان؟ وماذا ينبغي على الحكومة السعودية أن تصنع لتخرج نفسها من هذا المأزق؟ وما الذي ذهب بمخططات السعودية أدراج الرياح؟

خياران لا ثالث لهما:

السياسي السعودي عالقٌ اليوم بين خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما أن يستمر في حربه التي بدأها منذ أكثر من شهرين ولم تفلح في تحقيق هدف واحد من أهدافها، بل على العكس انتقلت المعارك إلى الأراضي السعودية، وبات السعودي مجبراً على القتال ضمن أرضه وصد هجمات قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية التي تستهدف مقرات جيشه. لم تعد الحرب محصورة في الأراضي اليمنية ولن يبقى الشعب اليمني يدفع ضريبة هذه الحرب وحيداً، بدأ السعودي يستشعر حجم المأزق الذي صنعه لنفسه عندما بدأت الصواريخ والقذائف اليمنية تتساقط على مقراته العسكرية، وعندما شاهد العالم أجمع فرار قوات جيشه أما ضربات اليمنيين تاركين خلفهم عتادهم وآلياتهم العسكرية، وعندما فشلت مئات الغارات التي شنتها طائراته في كسر مقاومة الشعب اليمني ودفعه للرضوخ للشروط والإملاءات السعودية.

أما الخيار الثاني الذي ينتظر السعودية فهو قبولها بوقف إطلاقٍ للنار وإعلانها انتهاء العمليات العسكرية في اليمن، وهذا الخيار هو الآخر يحمل في طياته خسارة مفجعة للسعودية والدول التي تشاركها عدوانها، فعندما تنهي السعودية حربها على اليمن من دون تحقيق أي هدف من الأهداف التي كانت أعلنتها عند بدء الحرب، فالرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي لم يعد لسدة الحكم، وحركة أنصار الله الإسلامية لم تستسلم ولم تلق أسلحتها، والمفاوضات لم تجر في الرياض كما كانت تمني السعودية نفسها بذلك، السعودية إذا فعلت ذلك فإنها تقر بفشل خيار الحرب وتقر بخسارة آلات الحرب الخليجية أمام إرادة الشعب اليمني، وبذلك لن يعود للسعودية موطئ قدم في اليمن وستفقد السعودية وجودها وتأثيرها على الساحة اليمنية مما يعني خسارة متعددة الأوجه لا تطيق السعودية احتمالها.

ما هو الحل؟

ليس أمام السعودي اليوم وقد عجز جيشه وآلات حربه عن القيام بشيء يذكر – سوى تدمير البنى التحتية اليمنية، وتشريد مئات آلاف اليمنيين، وقتل مئات الأطفال والمدنيين الأبرياء تحت أنقاض منازلهم، وبعد فشل قوات التحالف السعودي في دفع اليمنيين إلى الاستسلام للإرادة السعودية-  ليس أمام السعودي سوى إعلانه إيقاف الحرب والخضوع لإرادة الشعب اليمني، وتحمل آثار هذه الخسارة التي سببها لنفسه، لأنه إذا ما قرر العناد والاستمرار في هذه الحرب فإنه بهذا العمل يكون قد بدأ في صنع نهاية لوجوده، خصوصاً مع الاضطرابات التي تشهدها الساحة الداخلية السعودية، وهجمات تنظيم داعش الإرهابي داخل الأراضي السعودية، والخلافات السياسية الحادة التي يعاني منها البيت السعودي الحاكم، ودعوات قبائل نجران وجيزان للانفصال عن السعودية، وهو الأمر الذي يهدد وجود النظام السعودي بأسره.

إذا قرر السياسي السعودي انتهاج طريق العقل والحكمة فإنه سيعمل على الحفاظ على نظامه وحكمه، وهذا يعني التسليم بفشل سياسته في اليمن وتحمل آثار الخسارة هناك سعياً منه للخروج من المستنقع اليمني والالتفات للوضع الداخلي السعودي.

كيف فشلت المخططات السعودية؟

إن إرادة الشعب اليمني هي كلمة السر التي تسببت في فشل المشروع السعودي في اليمن، فالشعب اليمني شعبٌ معروفٌ بعزته وإرادته الصلبة النابعة من تاريخ هذا البلد العريق، هذا الشعب لم ولن يقبل الرضوخ للإرادة السعودية، وسيبقى متمسكاً بحريته واستقلال بلده، فالعزم والإرادة اليمنية كانت أقوى من جميع الأسلحة والصواريخ التي جربتها قوات التحالف السعودي على الشعب اليمني، هذه الإرادة استطاعت أن تدفع بالسعودية وشركائها إلى حافة الجنون وتخلق لهم مأزقاً حقيقياً وتخلّد في التاريخ درساً في المقاومة والصمود والتحدي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق