التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

توني بلير من داعية للحرب إلى داعية للسلم وجهين لعملة واحدة 

شهد أواخر الشهر الماضي خبر استقالة توني بلير من منصبه كممثل للجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، وذلك بعد نحو ثمانية أعوام من تواجده في هذا المنصب، في ظل الحديث عن شعور بالإحباط لديه بحسب ما تنقل مصادر مقربة لديه. وكان استلام توني بلير لهذا المنصب قد جاء عام ٢٠٠٧ بمثابة تعويض أمريكي له عن خسارته منصبه كرئيس للوزراء في بريطانيا بعد أن أجبره حزب العمال على تقديم استقالته، وترشيح خصمه السياسي غوردن براون لخوض الإنتخابات كخليفة له، لكنه تعرض وعلى مدى الأعوام الثمانية للإنتقاد الشديد من كون سجله السياسي والدموي حافل بالمجازر بحق الشعب الفلسطيني والعراقي والأفغاني وغيرهم. ولذلك جاء خبر استقالة توني بلير من منصبه مفاجأة سارة للفلسطينين، كما أتهمه البعض بأنه يستخدم منصبه للتغطية على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، على هامش دوره الحقيقي كرجل أعمال، إذن ما الذي حققه بلير على مدى الأعوام الثمانية الماضية؟ وماهي المشاريع التي أنجزها؟

 

سياسة بلير خلال الأعوام الثمانية الماضية في منصبه

 

لقد أرتكزت مهمة بلير خلال الأعوام الثمانية الماضية وتحت غطاء السلام على مجموعة مرتكزات يمكن تفصيلها كالتالي:

 

-١ تأكيد على سياسة الإدارة الأميريكة والدفاع عنها وعن وليدتها الكيان الاسرائيلي، وتغطية للسياسة التوسعية والاستيطانية والعدوانية للكيان، حيث شهدت الأعوام الثمانية الماضية توسعا استيطاني ملحوظ لم يشهد له مثيل وتهجير المذيد من الفلسطينين.

 

-٢ عند استلام توني بلير لهذا المنصب وقطاع غزة يعاني الحصار المتواصل، بالإضافة إلى ثلاث اعتداءات اسرائيلية على القطاع، والتي كان بلير فيها المدافع عن العدوان على القطاع، حيث لجأ إلى تبرير الإعتداءات بأنها دفاع عن النفس.

 

-٣ التسويق للسياسة الإقتصادية التي تعمل على ربط إقتصاد الشعب الفلسطيني باقتصاد الكيان الاسرائيلي ومصالحه، وبالتالي تفريغ القضية الفلسطينية من مفهومها ومظلومية الشعب الفلسطيني، وعليه أعطى التبرير للكيان الاسرائيلي بالتمدد والتوسع في الاستيطان.

 

-٤ حض الحكومة البريطانية المحافظة برئاسة ديفيد كاميرون الأقرب إلى الكيان الإسرائيل، على عدم تأييد المسعى الفلسطيني وربط الدبلوماسية البريطانية تأييد المسعى الفلسطيني بتعهدات وضمانات دولية وفلسطينية لإسرائيل لا يمكن الموافقة عليها، لأنها تفرض التزامات قاسية طويلة الأمد، تحد من الحقوق الفلسطينية، وخصوصا حق العودة والتعويض والاستقلال الفلسطيني الحقيقي.

 

-٥ دعا خلال فترة الأعوام الثمانية إلى اتباع سياسة غربية ضد ما صار يعرف بالربيع العربي، بهدف التدخل ورسم حدودها من جديد على غرار ما حدث في سايكس بيكو.

 

-٦ تحفيز السياسة الاستعمارية وهذا ما ترجم عمليا في دولنا وما تشهده من دمار سواء في العراق أو سوريا، مرورا بليبيا ومصر واليمن وغيرها.

 

-٧ إستغلال واضح لمهمته في تحقيق مكاسب خاصة والعمل لحسابه الشخصي بعقد صفقات تجارية وإقامة المشاريع، وبالتالي حقق بذلك فوائد ماديه عادت عليه بالنفع المادي  بتوقيع عقود لصالح شركته لتقديم استشارات مقابل ملايين الدولارات، فقد تمكن من مضاعفة ثروته عشرات المرات خلال السنوات الأخيرة بفضل تعزيز علاقاته مع بعض الدول الخليجية.

 

-٨ تكاليف باهظة والتي تقدر بملايين الدولارات لإقامة الإجتماعات وقد حجزت خمسة عشر غرفه في فندق امريكان كولوني لمدة اربع سنوات ودفعت تكاليف حراسه من الامن البريطاني وتمت اكثر من مائة زياره للمنطقه وعين عشرات الخبراء والمستشارين على نفقة الامم المتحده، اما النتيجة بعد ما يقارب ثماني سنوات فكانت كارثيه على الشعب الفلسطيني ولم يتحقق من الوعود سوى ارشيف من الكلام والتصريحات.

 

إذن لن يفتقد بلير سوى الكيان الاسرائيلي وتعينه ما كان إلا إهانة للعرب وللبريطانيين أنفسهم، الذين ماتوا في الحرب المخزية التي أعلنها في العراق، إلى جانب الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، فهو أتقن جيدا كيف يكون مجرم حرب في المقام الأول. وبعد إستقالة توني بلير، يبقى السؤال الأهم من سيكون خليفته القادمة؟ هل سيخلف بلير شخص ذو إمتيازات أكبر في الإتقان بقتل الشعوب ونشر الفكر الإجرامي في العالم؟ وهل ستكرر الرباعية الدولية الحماقة ذاتها وتعيين وجه أخر بنفس عقلية بلير ونظرته للسلام؟

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق