التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, مارس 28, 2024

المغرب يشهد توترا غير مسبوق ..أصحاب العباءة البيضاء والسوداء في ساحة الاحتجاجات معاً 

انضم من جديد إلى الاحتجاجات في المغرب أصحاب العباءة البيضاء إلى أصحاب العباءة السوداء في قطاع المحاماة، والذين نفذوا وقفات احتجاجية وإضراباً عن العمل للسبب نفسه، وهي الإجراءات الضريبية الواردة في موازنة 2023، فضلاً عن رفض مسوّدة قدّمتها وزارة العدل بشأن تعديل قانون مهنة المحاماة وإقرار امتحان الأهلية لمزاولتها.

حيث التحق الصيادلة المغاربة بالمحامين في غضبهم من الإجراءات الضريبية التي وردت في مشروع موازنة 2023، والتي ارتفعت من 10 إلى 20 في المئة. لم يخرج الصيادلة إلى العلن للاحتجاج وحدهم، بل دعمتهم هيئات مهنية للأطباء، وتم تعميم بيان مشترك انتقد بشدة الإجراءات الحكومية التي تضمنها مشروع موازنة 2023.

وقررت كونفدرالية نقابات الصيادلة تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان، تعبيراً منها عن رفض هذه الإجراءات الضريبية، مؤكدة أن مهنة الصيدلة تعيش في السنوات الأخيرة على وقع «الإجراءات الحكومية المجحفة»، كما وصفها بيان الهيئة. بالنسبة لنقابات الصيادلة، فهذا الغضب كانت مناسبة لسرد واقع المهنة كما صوره البيان الجديد، بداية بوصف الإجراءات الحكومية في السنوات الأخيرة بـ «المجحفة» ووصولاً إلى اعتبار أن ذلك ساهم “في زعزعة استقرار مهنة الصيدلة”

ولم يفت الصيادلة الإشارة إلى «غلق كل قنوات الحوار واستبعاد أي مقاربة تشاركية مع القطاع، ما جعل العديد من الصيدليات تكابد أوضاعاً اقتصادية غير مسبوقة بسبب هذه السياسة التعسفية»، وفق تعبير البيان.

وفي حديثها عن أسباب نزول تلك الوقفة الاحتجاجية وهذا الغضب، أبرزت كونفدرالية نقابات الصيادلة أن مشروع موازنة 2023 عرف إجراءات ضريبية جديدة على المقاولات الصغيرة، والتي تدخل في حكمها المئات من الصيدليات، وذلك برفع ضريبة الشركات من نسبة 10 إلى 20%، في ظل الأوضاع الاقتصادية الهشة.

البيان أكد أن «التراجعات الجبائية من شأنها تهديد التوازنات الاقتصادية للمهن الصحية والصيدلانية، والتي تدخل في إطار المقاولات الصغيرة والصغيرة جداً، إلى جانب تأزيم المقاولات، منها المتصفة بالهشاشة الاقتصادية وإغلاق مرافقها الصحية والصيدلانية». وبما لا يدع مجالاً للتفاوض، جدد الصيادلة في بيانهم الحالي ما تضمنه البيان المشترك السابق مع هيئات الأطباء عن الرفض التام للمقتضيات القانونية المرتبطة بمشروع موازنة 2023، وخاصة الجانب المتعلق بفرض ضريبة الاقتطاع من المنبع، وهو ما وصفته مرة أخرى بـ “المجحف”.

ويوم الاثنين الماضي نفذ المحامون في المغرب احتجاجاتهم ضد بنود مشروع الموازنة العامة، بعد اعتصامهم بالمحاكم، بإعلان اضراب شامل عن أداء مهامهم التي توقفت حتى “إشعار آخر” وذلك رفضاً لقرار الحكومة فرض إجراءات ضريبية وردت في مشروع قانون الموازنة لعام 2023، ورفضاً لـ”الوضع المهني المتأزم، نتيجة حملة الاستهداف غير المسبوقة في تاريخ المهنة”.

ودعت جمعية هيئات المحامين بالمغرب، عقب اجتماعه أعضاء مجلسها الطارئ يوم الجمعة الماضي، جميع المحامين إلى فك الاعتصام بالمحاكم وإخلاء فضاءاتها خارج أوقات العمل.

ورغم اشادة الجمعية بموافقة الحكومة، الخميس الماضي، على تعديل تقدّمت به كتل الأغلبية في مجلس النواب يقضي بحذف المادة 20 من المادة 6 من المدوّنة العامة للضرائب التي تضمّنها مشروع قانون الموازنة لعام 2023، المحامين وهيئاتهم من تصعيد احتجاجاتهم.

وينصّ التعديل الذي وافقت عليه الحكومة على تخيير المحامين ما بين سداد مبلغ 300 درهم (نحو 28 دولاراً) بطريقة تلقائية مرّة واحدة عن كلّ قضية عند إيداع أو تسجيل مقال أو طلب أو طعن أو عند تسجيل نيابة أو مؤازرة أمام محاكم المغرب، وبين السداد تلقائياً لدى قابض إدارة الضرائب دفعتَين مقدّمتَين على الحساب بطريقة إلكترونية. كذلك تضمّن التعديل إعفاء المحامين الجدد من سداد الدفعات المقدّمة على الحساب طوال الأشهر الـ36 الأولى، ابتداءً من شهر الحصول على رقم التعريف الجبائي.

ويوضح الناشط الحقوقي والمحامي محمد الغلوسي أنّ الإضراب المفتوح عن العمل هو “رسالة رفض مطلق من المحامين للتدابير الضريبية التي جاءت بها الحكومة، نظراً إلى أنّها مخالفة للمدوّنة العامة للضرائب”، لافتاً إلى أنّ محاميي المغرب “يتشبّثون بكل الخطوات التصعيدية لدفع الحكومة إلى الاستجابة لمطالبهم، وإلى فتح حوار حقيقي ومسؤول حول مشكلات القطاع، وخصوصاً ما جاء في مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة ومشروع الموازنة الجديدة من تدابير ضريبية”.

ويشدّد الغلوسي على أنّ “المحاماة ليست تجارة، إنّما هي مهنة تؤدّي رسالة حقوقية كونية، ولا يمكن إخضاعها لمنطق التجارة”، مضيفاً إنّ “المحامين ليسوا ضدّ سداد الضرائب ولا يتهرّبون منها، وهم اليوم يسدّدونها، لكنّهم يطالبون بجعلها عادلة، ويحذّرون من تأثيرها على المتقاضين، ومن تقويض حقّ التقاضي، والحدّ من قدرة المواطنين، وخصوصاً من الطبقات الضعيفة والمتوسطة، على الولوج إلى العدالة، وما يشكّله ذلك من إهدار للحقوق”.

ويلفت الغلوسي إلى أنّ “التدابير الضريبية الجديدة تضرب في الصميم مبدأ مجانية القضاء، وسوف تزيد من تعقيد الوضع، وسوف تثقل كاهل المواطنين الذين يعانون من جرّاء الغلاء، لأنّهم هم الذين سوف يسدّدون تلك الضرائب في نهاية المطاف”.

ومن جانبه قال فوزي لقجع الوزيرالمنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، إن الحكومة قبلت حذف المادة 20 من مشروع قانون الموازنة المتعلقة بالإقرار المفروضة عليها الضريبة المدلى بها من طرف الشركات المهنية للمحاماة.

و أضاف لقجع، خلال رد الحكومة على تدخلات الكتل البرلمانية في الجلسة العمومية التي عقدت، الخميس الماضي، والتي خصصت لتقديم تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، والمناقشة العامة للجزء الأول من مشروع الموازنة المالية، أنه تم تعويضها بضريبة على الدخل تؤدى تلقائيا من طرف المحامين وتحدد قيمتها في 300 درهم كمبلغ موحد يؤدى عن جميع مراحل التقاضي.

كما أعلن لقجع عن إعفاء المحامين الجدد من أداء الدفعات المقدمة على الحساب طوال 36 شهرا الاولى ابتداء من شهر الحصول على رقم التعريف الجبائي.

من جهته، كشف مصدر من جمعية هيئات المحامين بالمغرب لموقع “هسبريس” أن الاجتماع الذي كان مرتقبا اليوم الاثنين بين عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، وبين مجلس إدارة الجمعية سالفة الذكر تم تأجيله إلى يوم غد الثلاثاء، حيث أرجع المصدر ذاته تأجيل الاجتماع إلى تزامنه مع التزامات طارئة لرئيس الحكومة.

وكانت مجلس هيئات المحامين بالمغرب قد أعلن تلقيه دعوة للحوار من طرف رئيس الحكومة اليوم الاثنين؛ وذلك في محاولة لإيجاد حل حول الإجراءات الضريبية الجديدة التي قررت الحكومة فرضها على المحامين.

وتشهد العلاقات ما بين الهيئات التي تمثّل المحامين في المغرب ووزير العدل توتّراً غير مسبوق، بعدما تصاعد الجدال حول مسوّدة مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة، وتوالت الانتقادات الموجّهة إلى بنودها وكيفية إعدادها، وما تضمنته من “تجاوزات خطرة وغير مسبوقة لمقاربة التشارك مع المؤسسات

والإطارات (الكوادر) المهنية”، في حين أنّها “وجّهت ضربات لتعهدات الوزارة سابقاً عدم طرح القانون إلا بعد إصدار القوانين الإجرائية (قانون المسطرة المدنية والجنائية)، تمهيداً لتعزيز استقلالية المهنة وحصانتها، وتوسيع مجالات عمل المحامين”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق