التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مارس 29, 2024

قطار خواف-هرات يمرّ من إيران… تطور رئيسي في خطوط السكك الحديدية بين إيران وأفغانستان وآسيا الوسطى 

بينما يتم تنفيذ معظم التجارة العالمية عبر الطرق البحرية، تلعب طرق السكك الحديدية والطرق اليوم أيضًا دورًا مهمًا في التفاعلات التجارية بين البلدان.

إن الاهتمام بخطوط العبور هذه مهم جدًا للبلدان غير الساحلية، ولهذا السبب حاولت جمهوريات آسيا الوسطى وأفغانستان في السنوات الأخيرة تحرير نفسها من هذا الاختناق الجغرافي، من خلال تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية.

وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي لم يعترف سياسيًا بالحكومة المؤقتة لطالبان، تأمل كابول أن تكون قادرةً على توسيع تجارتها الخارجية من خلال لعب الدور في ممرات الاتصالات، وخاصةً السكك الحديدية، والتمتع بفوائد النقل الإقليمي للبضائع.

وبناءً على ذلك، أعلنت إدارة سكة حديد طالبان الانتهاء من المرحلة الثالثة من خط سكة حديد خواف-هرات خلال الأسبوعين المقبلين، وسيبدأ النقل من هذا الخط.

وقال المتحدث باسم إدارة السكك الحديدية الأفغانية عبد السميع دراني: “في الأيام المقبلة سيتم إرسال وفد من كابول إلى إيران، حيث ستتم مناقشة قضايا معينة من بينها التعاون في السكك الحديدية وبدء نقل البضائع”.

كما قالت غرفة الصناعات والمناجم الأفغانية، إن تشغيل خط سكة حديد خواف-هرات مهم في خفض تكلفة البضائع التجارية، وإلى جانب التكلفة المنخفضة، تصل البضائع التجارية إلى أفغانستان في وقت قصير.

تم اقتراح إنشاء خط سكة حديد خواف-هرات منذ عدة عقود لزيادة المبادلات التجارية وتسهيل نقل البضائع بين البلدين، لكن بعض المشكلات حالت دون إنشاء هذا الخط. لكن مع القرار الذي أصدرته الحكومة الإيرانية عام 2001 وفي ذروة الاحتلال الغربي لأفغانستان، بدأت المراحل الأولى لبناء هذا الطريق، ولكن بسبب المشاكل الفنية والمالية، لم يحرز خط السكة الحديد هذا تقدمًا کبيرًا لسنوات عديدة.

ومع ذلك، فمنذ ديسمبر 2019 تسارعت عملية تطوير خط السكة الحديدي هذا وتم الانتهاء من قسميه الأول والثاني، والآن سيتم افتتاح القسم الثالث قريبًا.

يبلغ طول خط السكة الحديد هذا 225 كيلومترًا وتم تصميمه في أربعة أقسام، يقع القسم الأول والثاني في إيران والجزء الثالث والرابع في أفغانستان. وحسب الاتفاقات، كان من المفترض أن تبني إيران الأجزاء الثلاثة الأولى على نفقتها الخاصة، وينجز الجانب الأفغاني الجزء الرابع.

كان ينبغي تنفيذ أعمال البناء لأجزائه الأربعة بشكل مشترك، ولكن بسبب المشاكل التي واجهتها أفغانستان في توفير رأس المال للجزء الرابع، لم يتم إحراز تقدم كبير في مرحلة البناء لهذا الجزء.

يقع حوالي 140 كم من خطوط السكك الحديدية هذه في إيران و 85 كم في أفغانستان، وتقدر تكلفة إنشاء ثلاثة أقسام، وهي مسؤولية إيران، بنحو 2000 مليار تومان. ويشمل خط السكة الحديد هذا 9 محطات، 5 منها داخل إيران و 4 منها في أفغانستان.

تأثير خط السكة الحديدي على التفاعلات الثنائية بين أفغانستان وإيران

يعدّ التطوير الشامل لخطوط السكك الحديدية على الحدود المشتركة مع الجيران إحدى أولويات الجمهورية الإسلامية لتنمية التجارة الخارجية، وتلعب طرق الترانزيت دورًا مهمًا في ذلك.

وفي هذا الوضع، فإن وصول المراحل النهائية لمشروع سكة ​​حديد خواف-هرات إلى مراحلها النهائية، تزامن مع اكتمال خط سكة حديد خاش-تشابهار بطول 154 كم، وهو ما يعني عملياً مسافة قصيرة لربط أفغانستان بالمحيط عبر إيران.

وفي هذا الإطار، افتتح الخميس الماضي النائب الأول للرئيس الإيراني والسلطات المحلية في مقاطعة سيستان بلوشستان الإيرانية، خط السكك الحديدية هذا المهم للغاية الذي يربط الميناء المحيطي الوحيد لإيران بشبكة السكك الحديدية بين الشمال والجنوب.

مع استكمال خط الاتصال هذا، ستنخفض تكلفة تصدير البضائع بين البلدين، وكذلك تصل البضائع التجارية من إيران إلى أفغانستان والعكس في وقت قصير. ومن المتوقع أن يتم نقل ثلاثة ملايين طن من البضائع و 200 ألف راكب على هذا الطريق كل عام باستخدام خطوط النقل هذه، وسيتم تقليل حجم حركة الشاحنات على حدود البلدين وتكاليف العبور.

حتى الآن، كانت عمليات التبادل البري بين إيران وأفغانستان تتم عن طريق البر، ولكن مع فتح خطوط السكك الحديدية هذه، سيتم كسر احتكار نقل البضائع بالطرق البرية، كما سيزداد أمن التبادل التجاري.

وفقًا للتقارير، يتم حاليًا 40٪ من حجم الواردات الأفغانية عبر محطة “دوغارون” الحدودية في مدينة “تايباد”. لذلك، فإن تشغيل خط سكة حديد خواف-هرات سيقلل من عدد 180 ألف شاحنة والتي تنقل البضائع بين إيران وأفغانستان سنويًا عبر دوغارون بنسبة 50٪، ولن يؤدي ذلك إلى خفض تكلفة نقل البضائع فحسب، ولكن من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في حجم التبادلات الاقتصادية بين البلدين.

يبلغ حجم التجارة السنوية بين إيران وأفغانستان أكثر من مليار دولار، ومع تجهيز أسطول السكك الحديدية هذا سيزداد حجم التبادل في المستقبل، وسيؤدي إلى ازدهار اقتصادي في المدن الواقعة على هذا الطريق.

وتعتقد السلطات الإيرانية أنه إذا تم استخدام خط السكك الحديدية هذا بشكل صحيح، وخاصةً في المستقبل غير البعيد عندما يتم توفير وصلات ربط أخرى بشبكة السكك الحديدية الدولية عبر إيران وأفغانستان، ستصبح المقاطعات الحدودية في الشرق مراكز اقتصادية نشطة، وتربط علاقات اقتصادية واجتماعية وثقافية جيدة مع أفغانستان.

لذلك، هناك حاجة لتطوير البنية التحتية للسكك الحديدية من أجل الاستفادة المثلى من هذه المساحة التي تم إنشاؤها لتعزيز العلاقات التجارية مع العالم الخارجي.

وفي الوقت الذي تخضع فيه إيران للعقوبات الغربية، فإن الوصول إلى طرق عبور آمنة لتصدير البضائع هو أولوية طهران، من أجل حل جزء من مشاكلها الاقتصادية عبر خطوط السكك الحديدية والطرق، وخواف-هرات في أفغانستان وخاش- تشابهار في إيران جزء من المشاريع.

وبما أن أفغانستان غير ساحلية جغرافيًا ولا يمكنها الوصول إلى المياه المفتوحة، لهذا السبب، سيتمكن خط سكة حديد خواف-هرات من الوصول إلى ميناء تشابهار والمحيط الهندي، من خلال الاتصال بممر “شمال- جنوب” الإيراني.

ووفقًا لبعض الخبراء، تعتبر أفغانستان بناء خط سكة حديد خواف-هرات، بمثابة خطة لتحقيق أحلامها في أن تصبح مرکز الترانزيت والتنمية المستدامة. إلى جانب ذلك، يمكن لإيران، بصفتها العامل الرئيسي في تحقيق حلم أفغانستان الطويل الأمد، تحويل شرق البلاد لربط السكك الحديدية بمناجمها ومواردها التصديرية.

من ناحية أخرى، تعدّ أفغانستان دولةً تستورد جميع ما تحتاجه، كما تحتاج إيران إلى دول الجوار لتصدير بضائعها، وخاصةً السلع الصناعية ومواد البناء. ولهذا السبب، يمكن أن يكون سكة حديد خواف-هرات مفيدةً في هذا المجال، وأفغانستان هي أقصر طريق لإيران لدخول سوق آسيا الوسطى، ودور ممرات السكك الحديدية هذه مهم جداً في هذه التفاعلات.

تعتبر إيران حاليًا واحدةً من أكبر الشركاء التجاريين لأفغانستان، وباستخدام خط السكك الحديدية هذا، سيزداد حجم التبادل الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي بين البلدين بشكل كبير في المستقبل.

المساعدة في زيادة التبادل التجاري بين دول المنطقة

إضافة إلى تطوير التبادل التجاري بين إيران وأفغانستان، فإن خط سكة حديد خواف-هرات يجلب أيضًا فوائد لدول المنطقة.

ذلك أن خط السكة الحديدي هذا هو جزء من مشروع ربط ممرات آسيا الوسطى والصين، وسيكون فعالاً في تطوير العلاقات التجارية بين دول المنطقة.

هذا الخط الحديدي هو استمرار لمسارات السكك الحديدية في آسيا الوسطى والصين، وبالنظر إلى أنه يقع في وسط هذا الممر المهم، فإنه يمكن أن يوفر تفاعلات تجارية بين البلدان في أقصر وقت ممكن.

ويمكن للتجارة بين هرات وخواف أن تحول هرات إلى مركز تجاري، وإذا تم استخدام مشروع ممر السكك الحديدية المكون من 5 دول، فستصبح هرات بوابة إيران إلى آسيا الوسطى أو بوابة آسيا الوسطى إلی إيران.

كانت دول آسيا الوسطى تبحث عن ممرات عبور على الطرق والسكك الحديدية لسنوات عديدة، فإضافة إلى نقل بضائعها إلى أجزاء أخرى من العالم، يمكنها أيضًا الوصول إلى المياه المفتوحة من خلال هذه الطرق.

كما أن ربط خط سكة حديد آسيا الوسطى بأفغانستان ثم بممر “شمال- جنوب”، إضافة إلى تقليص الفاصل الزمني لحركة البضائع بين دول المنطقة، له تأثير كبير في تقليل حجم التكاليف.

لقد ازداد دور وأهمية ممرات السكك الحديدية في المنطقة بعد حرب أوكرانيا، التي أدت إلى إغلاق الطرق الروسية المؤدية إلى بوابة أوروبا. وتركز دول أوراسيا والصين وإيران بشكل أكبر على خطوط السكك الحديدية والطرق، لتعزيز مستوى التعاون والتفاعلات التجارية مع بعضها البعض من خلال هذه الطرق.

ونظرًا لأن تكلفة نقل البضائع بالسكك الحديدية أقل من تكلفة الطرق الجوية والبحرية، فإن العديد من البلدان تحاول استخدام ممرات العبور قدر الإمكان لنقل البضائع.

لا يربط مشروع سكة ​​حديد خواف-هرات إيران وأفغانستان بالسكك الحديدية فحسب، بل يكمل أيضًا طريق 2000 كيلومتر في ممر السكك الحديدية بين الشرق والغرب من الصين وأوزبكستان وأفغانستان وإيران وتركيا وأوروبا، وإذا اكتملت هذه الحلقة المفقودة، فسوف تزدهر التفاعلات بين الشرق والغرب.

لذلك، فإن البلدان التي تقع على طول الممر الشرقي الغربي، المتمركز في خواف-هرات، إضافة إلى سهولة الوصول إلى البلدان الأخرى بالسكك الحديدية، تستفيد أيضًا من مزايا عبور البضائع. وهذه المسألة تسهل العلاقات الاقتصادية وتزيد التجارة بين الدول، وفي غضون ذلك، ستكون إيران جسراً من الصين إلى أوروبا، لكونها في المسار الجيوسياسي.

وعلى امتداد خط سكة حديد خواف-هرات، بدأت أوزبكستان وباكستان وأفغانستان أيضًا إجراءات عملية لبناء خط السكك الحديدية العابر لأفغانستان بهدف إنشاء خطوط سكك حديدية بين “ترمذ إلی بيشاور”. وسيوفر خط السكة الحديدي هذا الذي يزيد طوله على 600 كيلومتر، وصول دول آسيا الوسطى إلى الموانئ الرئيسية لباكستان، ما سيؤدي إلى تنمية التجارة والعلاقات الإقليمية.

يعدّ خط سكة حديد خواف-هرات أيضًا جزءًا من طريق الحرير الجديد في الصين، لأنه من المفترض أن يكون هذا الطريق مرتبطًا بخطوط السكك الحديدية في الصين. ومن وجهة النظر هذه، يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في نقل البضائع وحركة الركاب من الشرق إلى الغرب. لذلك، إذا تم تشغيله في المستقبل، فيمكنه أن يلعب دورًا مهمًا في زيادة حصة بلدان آسيا الوسطى من مشروع العبور العملاق هذا.

على الرغم من أن أفغانستان تواجه الحرب الأهلية منذ عدة عقود، إلا أنه من حيث امتلاكها موقعًا استراتيجيًا مهمًا، يمكنها أن تلعب دورًا مهمًا في تفاعلات العبور بين دول المنطقة.

كما يراهن الصينيون أيضًا على طرق العبور هذه بشکل خاص، ويعتبرونها جزءًا من مشروعهم الكبير “حزام واحد، طريق واحد”، ولذلك قاموا باستثمارات كبيرة في هذا المجال. وفي حال ضمان الاستقرار السياسي وإرساء الأمن في أفغانستان، يمكنهم تطوير طرق السكك الحديدية هذه في فترة زمنية قصيرة، حيث يمكن نقل البضائع بين دول المنطقة بسهولة أكبر.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق