التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أبريل 27, 2024

اغتيال “خان” وحوادث القتل المتكرر لللمسؤولين الباكستانيين 

اشتعلت الأجواء السياسية في باكستان بشدة في الأشهر الأخيرة، وأصبح التوتر بين السلطات الحالية وعمران خان على السلطة يأخذ أبعادًا جديدة يومًا بعد يوم. رئيس وزراء باكستان السابق، الذي ظل في دائرة الضوء لبعض الوقت بسبب رفع علم القتال ضد الحكومة، احتل عناوين الصحف مرة أخرى في وسائل الإعلام العالمية بإلاعلان عن اغتياله الفاشل. حيث تمت عملية اغتيال لـ”عمران خان”، الخميس، 12 نوفمبر / تشرين الثاني، أثناء مرافقته للقافلة التي كان مسافرا بها إلى الشرق من إقليم البنجاب. وقال قيادي بارز بحزب تحريك إنصاف الباكستاني والشرطة الباكستانية، إن مسلحاً أطلق النار على السيارة التي تقل عمران خان وأصابه وبعض من أنصاره. وبحسب تقارير إعلامية، أصيب خان في ساقه لكنه لم يصب بجروح خطيرة. ويقال إن رجلاً أطلق عليه النار من سلاح آلي، ووصف معجبو خان ​​الحادث بأنه محاولة اغتيال. ووقع الهجوم في منطقة وزير أباد شرقي إقليم البنجاب. وكان خان يسافر في قافلة كبيرة من الشاحنات والسيارات متوجهة إلى العاصمة إسلام أباد لإجبار الحكومة على إجراء انتخابات مبكرة.

شريف والجيش المتهمون البارزون

وعلى الرغم من عدم إعلان أي جماعة مسؤوليتها عن هذا الاغتيال الفاشل حتى الآن، أعلن عمران خان نفسه أن سلطات إسلام أباد مسؤولة عن هذه العملية في بيان نشره حزبه. وقال عمران خان في بيانه: “أنا متأكد من أن رئيس الوزراء شهباز شريف وفيرنا صنع الله ووزير الداخلية والجنرال فيصل وراء هذا الاغتيال”. وأكد خان “تلقيت بالفعل معلومات تفيد بحدوث هذا، ويجب إبعاد هؤلاء الأشخاص من مناصبهم، وإذا لم يتم عزلهم، فستكون هناك احتجاجات”. وأكد فؤاد شودري، وزير الإعلام السابق لحزب تحريك الإنصاف، احتمال تورط شهباز شريف في محاولة الاغتيال هذه وقال إنهم كانوا يهددون خان بشكل واضح.

هذا بينما نفى شهباز شريف أي تورط له في عملية الاغتيال هذه، بل وأدانها. وأصدرت الشرطة مقطع فيديو لاعتراف رجل لتبرئة اتهاماته وادعت أنه أراد قتل عمران خان لأنه يدعي أنه نبي من خلال مقارنة نفسه بالأنبياء. لكن لا خان ولا أنصاره يتفقون على أن المسلح كان وحده من نفذ عملية الاغتيال. ورداً على هذا الاغتيال، نزل الآلاف من أنصار حركة الإنصاف إلى الشوارع في عدة مدن واتهموا الحكومة بمحاولة اغتيال عمران خان.

إن محاولة اغتيال عمران خان وكونه هو نفسه يعتبر مسئولين حكوميين مسؤولين عنها، فيما اشتدت التوترات بينه وبين رجال الدولة الباكستانيين في الأشهر الأخيرة بعد التنحي عن السلطة في مارس من هذا العام، شكك عمران خان مرارًا في شرعية الحكومة الحالية في إسلام أباد وأعلن أنها حكومة فرضتها الولايات المتحدة، والتي تمكنت من الوصول إلى السلطة بمساعدة الجيش.

وفي الأشهر الماضية، نظم عمران خان، بمساعدة أنصاره، عشرات المسيرات الاحتجاجية ضد الحكومة ودعا إلى انتخابات مبكرة. ولم تكن خطابات عمران خان النارية ضد حكام باكستان الحاليين على ما يرام ولهذا يبدوا أن حكومة شهباز شريف، قد صمموا سيناريوهات جديدة لإزالة هذه العقبة الكبيرة من طريقهم. واتهمت المحكمة والشرطة الباكستانية مؤخرًا عمران خان بانتهاك قوانين مكافحة الإرهاب وتهديد المسؤولين الحكوميين، وحاولوا إقالته من السلطة بهذه التهم لكنهم لم ينجحوا. وفي الشهر الماضي، أصدرت المحكمة أمرًا باعتقاله، حتى يتمكنوا بهذه الطريقة ربما من التخلص من هذا الإزعاج السياسي، وربما، كما ادعى خان، كانت خطة الاغتيال أيضًا خطة منظمة من قبل سلطات إسلام أباد.

ولا يزال خان يعتبر نفسه رئيس الوزراء الشرعي للبلاد ويعتقد أن الإطاحة به تمت على أساس مؤامرة نظمتها الولايات المتحدة والجيش الباكستاني. ومنذ إقالته من السلطة، دعا عمران خان إلى انتخابات مبكرة ووعد بإسقاط حكومة شهباز شريف من خلال الضغط الشعبي. وعلى الرغم من عزل خان من السلطة على أساس اقتراع بحجب الثقة، إلا أنه لا يزال يعول على دعم العديد من الناخبين الباكستانيين للعودة إلى السلطة، ولهذا السبب، طلب من الحكومة إجراء انتخابات مبكرة، لكن شهاز شريف الذي يعتبر فوز عمران خان في الانتخابات المقبلة مرجحًا، لم يوافق بعد على هذا الطلب ويعتبر هذا الإجراء تهديدًا لرئاسته المهتزة للوزراء.

تاريخ اغتيال المسؤولين في باكستان

الاغتيال الفاشل لعمران خان يكشف حقيقة أن باكستان ليست غريبة عن العنف السياسي وقد حدثت اغتيالات لمسؤولين سياسيين في هذا البلد من قبل. حيث اغتيل لياقت علي خان، أول رئيس وزراء لباكستان في أكتوبر 1951 في تجمع حاشد في مدينة روالبندي وقتل قاتله أيضًا بالرصاص للقضاء على جميع القرائن حول الجناة الرئيسيين لهذا الاغتيال. وعلى الرغم من أن الحكومة الباكستانية، بعد عدة عقود، حددت أمريكا باعتبارها السبب الرئيسي لهذا الاغتيال، إلا أن هذا الإجراء لم يكن لينجح بدون العملاء داخل باكستان.

واغتيلت السيدة بينظير بوتو، رئيسة وزراء باكستان السابقة وزعيمة حزب الشعب الباكستاني المعارض، في هجوم انتحاري في 27 ديسمبر 2007، في مدينة روالبندي. وأطلقت الحكومة الباكستانية على طالبان والقاعدة المسؤولية عن هذه العملية، لكن هذه الجماعات نفت أي تورط في اغتيال بوتو، وبالتالي تم توجيه أصابع الاتهام نحو برويز مشرف، رئيس هذا البلد آنذاك، ولقد اصدرت محكمة الإرهاب في باكستان في أغسطس 2013، حكما رسميًا لبرويز مشرف واتهمته بقتل بينظير بوتو. وعلى الرغم من أن مشرف نفى أي تورط له في هذا الاغتيال من خلال مثوله أمام المحكمة، إلا أنه لا يزال يُعترف به كواحد من مرتكبي هذا الاغتيال الرئيسيين. وأثناء إقامتها في باكستان، انتقدت بوتو سياسات إسلام أباد وخاصة مشرف، حتى أنها مكثت في دول أخرى لعدة سنوات خوفًا من اعتقالها من قبل حكومة مشرف بتهمة غسل الأموال، وبعد عودتها إلى البلاد، شاركت في مسيرات بحضور أنصارها، ونظمت عدة أعمال إرهابية في هذه التجمعات، لكنها لم يصب بأذى، ولكن في النهاية اغتيلت على يد انتحاري.

ومن ناحية أخرى، اغتيل برويز مشرف، الذي كان أحد المشتبه بهم في قضية اغتيال بينظير بوتو، بعد استقالته من السلطة وفي 15 أبريل 2013، نجا برفيز مشرف من تفجير إرهابي خلال عوده إلى منزله من مركز طب القلب والأوعية الدموية التابع للجيش الباكستاني. وبحسب الشرطة الباكستانية، انفجرت قنبلة تحتوي على 4 كيلوغرامات من المتفجرات، كانت موضوعة في أنبوب تحت جسر، قبل 20 دقيقة من عبور سيارة مشرف لتلك النقطة. وكان مشرف ينتقل إلى مزرعته الخاصة في تشاك شاهزاد في روالبندي عندما وقع الانفجار. وحدث ذلك الانفجار قبل أيام قليلة، عندما نظرت المحكمة الخاصة في اتهامات مشرف، واتهمته رسميًا بالخيانة ضد البلاد بسبب إعلان حالة الطوارئ في عام 2007. ولكن برفيز مشرف نفى أمام ثلاثة قضاة بهذه المحكمة كل الاتهامات الموجهة إليه. وتدل تجربة الاغتيالات الفاشلة والناجحة ضد مسؤولين باكستانيين سابقين على أن هؤلاء الأشخاص كانوا معارضين لإسلام آباد وحتى للجيش وقت هذه العمليات، ولهذا السبب فإن رجال الدولة في هذا البلد موضع شك أكثر من غيرهم.

عادة في باكستان، تتم جميع التطورات السياسية والعسكرية بأوامر من قادة الجيش وجهاز المخابرات “ISI”، ومنذ قيام هذا البلد نفذ الجيش عدة انقلابات. لذلك، يُلام الجيش دائمًا على المحن السياسية، ولم يكن اغتيال عمران خان استثناءً لهذه القاعدة، وربما، كما قال خان نفسه، ربما يمكن رؤية آثار أقدام الجيش في الاغتيال الأخير. حتى اليوم، اعتبر خان بشكل سلمي منصب رئيس الوزراء حقه، والذي سلب منه بالقوة، ولكن بالنظر إلى محاولة الاغتيال الأخيرة، فمن المحتمل أن يكثف مواقفه في الأيام المقبلة لإجبار مسؤولي الحكومة والجيش على الانصياع لها والاستسلام لمطالب “تحريك الانصاف” وداعميه وإجراء انتخابات مبكرة. لقد حولت التوترات السياسية في باكستان في الأشهر الماضية البلاد إلى برميل بارود، وإذا لم يحل القادة السياسيون خلافاتهم، يمكن أن ينفجر برميل البارود هذا وستكون بداية جولة جديدة من أعمال الشغب في الشوارع الباكستانية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق