التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مايو 3, 2024

هدم تلو الآخر وصمود أسطوري..ماذا يريد الاحتلال من هذه قرية العراقيب 

هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلية، صباح الإثنين، مساكن وخيام أهالي قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب، جنوبي فلسطين، للمرة الـ 208 على التوالي.

وهذه المرة الـ12 التي تهدم فيها سلطات الاحتلال مساكن اهالي العراقيب، منذ مطلع العام 2022، بعد أن هدمتها 14 مرة في العام الماضي 2021.

وتعود اول مرة هدمت فيها قوات الاحتلال قرية العراقيب الى يوم 27 تموز/ يوليو 2010، ومنذ ذلك الوقت درجت قوات الاحتلال على هدم القرية في مسعى منها لطرد اهالي النقب من ارضهم.

ويؤكد أهالي العراقيب على إصرارهم بالبقاء والثبات على أرض الآباء والأجداد، ويرفضون كل مخططات الاقتلاع والتهجير على الرغم من ممارسات واعتداءات الاحتلال وجرائم هدم مساكنهم المتواضعة بشكل لا يتوقف منذ نحو 12 عاما.

ووفق منظمة “ذاكرات” التي تضم ناشطين إسرائيليين (يهودا وعربا) وتؤرخ للنكبة الفلسطينية عام 1948، فإن العراقيب أقيمت للمرة الأولى في فترة الحكم العثماني على أراضٍ اشتراها السكان.

وتقع قرية العراقيب في شمال مدينة بئر السبع، في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة، حيث تبلغ مساحتها أكثر من 200 ألف متر مربع، وتعد العراقيب واحدة من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف إسرائيل بها وترى وجودها “غير شرعي”، وهي ممنوعة من المياه والكهرباء والمواصلات، وغيرها من الخدمات.

ويعيش في القرية البدوية 22 عائلة، نحو 800 شخص، وتشكل الأغنام والمواشي مصدر رزقهم الوحيد، نتيجة لطبيعة الأرض الصحراوية التي تفتقر إلى جميع الخدمات المختلفة، كما يعيش المواطنون في بيوت من الصفيح والأخشاب والبلاستيك، حيث يقول أهالي القرية إنه لا توجد إمكانية لإقامة منازل من الطوب كما كان في السابق، لأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل هدم القرية بشكل مستمر.

بدأت قصة قرية العراقيب والقرى المحيطة بها منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي، فبعد أن احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية عام 1948، حاولت سلطاتها بشكل حثيث إخلاء أراضي النقب بالقوة من سكانها البدو، حسب سجلات تاريخية إسرائيلية مكتشفة حديثاً.

وتعرضت أراضي الفلسطينيين في العراقيب للاستيلاء بموجب “قانون حيازة الأراضي” لعام 1953، مثل العديد من القرى الأخرى. فيما قالت إسرائيل إنَّ الأراضي في النقب، التي كان يعيش فيها أصحابها الفلسطينيون بين 15 مايو/أيار 1948 و1 أبريل/نيسان 1952، مملوكة للحكومة الإسرائيلية التي صادرت 247 كيلومتراً مربعاً في تلك المنطقة.

وحسب “هآرتس”، فإن السجلات التاريخية الجديدة كشفت أنَّ الفلسطينيين في تلك الفترة تعرضوا للترحيل القسري على يد القوات الإسرائيلية التي نشرت التهديدات والعنف والرشوة والاحتيال.

وكُشفت هذه السجلات ، ضمن قضية قانونية على ملكية الأراضي التي رفعها فلسطينيو الداخل في العراقيب، وتقول “هآرتس” إن الحكومة الإسرائيلية تدرس القضية باعتبارها ذات أهمية “استراتيجية وطنية” لوضع حد للدعاوى القضائية الأخرى التي رفعها فلسطينيو الداخل للطعن في مصادرة أراضيهم.

ففي صباح يوم الثلاثاء 27 تموز/يوليو 2010، استفاق سكان قرية العراقيب على صوت الجرافات الإسرائيلية التي بدأت بهدم نحو 40 منزلاً وأخلت نحو ثلاثمئة من سكانها، بحجة “البناء دون ترخيص”. فعاود سكان القرية بناءها من جديد، ليتم هدمها مرة بعد أخرى، حتى وصل عدد المرات التي تعرضت فيها القرية للهدم 208 مرات، كان آخرها في 24 اكتوبر 2022.

ويصر أهالي القرية البدوية على التمسك بأرضهم بشكل يوصف بالأسطوري، رغم هجمات سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين، قائلين إن الاحتلال ينوي بناء مشاريع خاصة به على أنقاض القرية، وهو ما سيمحو ثقافة البدو وتراثهم، وهو ما يعني إلغاء هويتهم.

وعلى الرغم من المواجهات القانونية مع سلطات الاحتلال، يقول سكان قرية العراقيب والقرى الأخرى المحيطة بها إن القانون الإسرائيلي ببساطة لا يعترف بمطالبات البدو بالأرض أو السكن، ويقول أحد السكان إن “هذا ليس سلوك دولة، بل سلوك إجرامي”، مشيراً إلى أن “سكان القرية يفضلون إنشاء خيام وكرفانات مؤقتة والعيش بها على أي حلول إسرائيلية تخرجهم من أرضهم التاريخية”.

في السنوات الأخيرة، نقل الجيش الإسرائيلي قواعده إلى النقب في محاولة لتوسيع الوجود العسكري والصناعي هناك، وكوسيلة لزيادة عدد السكان اليهود على حساب السكان العرب الذين لا يزالون متشبثين بأرضهم رغم المحاولات اليومية للتضييق عليهم.

وحسب وسائل إعلام عبرية، استثمرت الحكومة الإسرائيلية موارد ضخمة في مدينة بئر السبع، أكبر مدن الجنوب، لتحويلها إلى مركز للتكنولوجيا وريادة الأعمال والصناعات المتقدمة.

وأصبحت النقب المحتلة موطناً لمجموعة واسعة من المشاريع الإسرائيلية، بما في ذلك مزارع الطاقة الشمسية ومحطات الطاقة والصوبات الزراعية والصناعات الأخرى. وأعربت حكومة الاحتلال عن اهتمامها بدعم زراعة محاصيل الماريغوانا الطبية والتصنيع والدفاع الإلكتروني في المنطقة.

وأحد اللاعبين الرئيسيين في عملية “إعادة بناء النقب”، هو الصندوق القومي اليهودي (JNF)، وهي منظمة مقرها الولايات المتحدة والقدس المحتلة، تمنح سلطات حكومية خاصة من قِبَل الحكومة الإسرائيلية لشراء الأراضي وتطويرها للاستيطان اليهودي.

يشرف هذا الصندوق على العديد من المشاريع في أنحاء المنطقة، وغالباً ما يزيل مساحات شاسعة من الأراضي لبناء الغابات. وتوجد بعض التجمعات البدوية غير المعترف بها في مناطق محددة للإخلاء بسبب مشاريع. وبحسب الموقع الإلكتروني للصندوق القومي اليهودي الذي يقدم مخطط النقب، فإن الصندوق لديه خطة لتوطين 500.000 شخص يهودي في المنطقة.

ويقول الصندوق: “تمثل صحراء النقب 60% من مساحة إسرائيل، لكنها موطن لـ8% فقط من سكان البلاد، وفي هذه الأرقام غير المتوازنة، نرى فرصة غير مسبوقة لإنماء المنطقة”.

تقدم خطة الصندوق القومي اليهودي “مخطط النقب” لدعم المجتمعات البدوية في المنطقة، لكنها تسرد فقط الشراكات مع البلدات البدوية المعترف بها، وليس تلك الممنوعة عنها الخدمات الأساسية؛ لأنها ترفض الانصياع لبطش الاحتلال والخروج من أرضها.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق