التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مايو 10, 2024

إيران في طريق التحول إلی بائع رئيسي للأسلحة العسكرية 

عقب نشر السلطات الأمريكية خبر عقود الأسلحة بين إيران وروسيا، انجذبت وسائل الإعلام في هذا البلد بشدة إلى هذا الموضوع، للتدقيق في قدرات إيران في المجال العسكري.

وفي هذا الصدد، كتبت مجلة “فوربس” الأمريكية في تقرير لها، الاثنين، أن بيع طائرات مسيرة إيرانية لروسيا يعدّ خطوةً كبيرةً لهذا البلد ليصبح مصدراً جاداً للأسلحة.

وفقًا للتقرير، مع اقتراب موعد انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر 2020، كانت هناك تكهنات كبيرة بأن طهران ستسعى إلى تحديث ترسانتها العسكرية القديمة، من خلال استيراد الأسلحة على نطاق واسع من روسيا.

وتكهن تقرير للبنتاغون صدر العام الماضي بشكل معقول، بأن إيران قد تكون بصدد شراء المقاتلات الروسية من طراز سوخوي 30، وأنظمة صواريخ دفاع جوي من طراز S-400، ودبابات T-90 الروسية.

هذا في حين أنه بعد رفع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، ليس فقط لم تشتر إيران المعدات العسكرية، بل على العكس، أبدت رغبتها في تصدير معداتها العسكرية إلى الدول الأخرى.

في أوائل آب/أغسطس 2019، نُشر تقرير في الصحافة الإيرانية يفيد بأن روسيا أبدت اهتمامًا بشراء طائرات إيرانية دون طيار. والآن، بعد ثلاث سنوات، يزعم البيت الأبيض أن روسيا مهتمة بشراء طائرات إيرانية دون طيار، وسافر المسؤولون الروس مؤخرًا إلى إيران لتفقد طرز مختلفة، بما في ذلك “شاهد 191″ و”شاهد 129”.

على الرغم من أن السلطات الإيرانية لم تؤكد بيع طائرات دون طيار لروسيا، ووصفت ذلك بأنه دعاية مغرضة من قبل سلطات واشنطن، إلا أن قدرات إيران في مجال الطائرات دون طيار تتزايد يومًا بعد يوم، وأظهرت فعاليتها في الممارسة العملية.

وفقًا لتقرير فوربس، يمكن لإيران أن تزود روسيا بعدد كبير من الطائرات المسلحة دون طيار بعد أن فقدت موسكو كميات كبيرة من ذخيرتها في حرب أوكرانيا، ويمكن أن تكون بعض هذه الطائرات انتحارية.

ونظرًا لعدم وجود أفق واضح لإنهاء الصراع في أوكرانيا، هناك احتمال أن تنوي روسيا شراء طائرات دون طيار من إيران لحفظ جزء من أسلحتها الصاروخية لاستخدامها في المستقبل، واستخدام طائرات بدون طيار إيرانية رخيصة بدلاً من ذلك.

لأن استخدام الصواريخ المضادة للسفن وأنظمة S-300 لاستهداف المعدات والمنشآت الأوكرانية يكلف الكثير، واستخدام الطائرات دون طيار، إضافة إلى قدرتها على تحقيق أهدافها، سيكون مفيدًا أيضًا في خفض التكاليف.

وبالنظر إلى أن إيران تواجه قيودًا في مجال الطيران وإنتاج المقاتلات المتقدمة، ولكن في العقد الماضي حاولت إزالة بعض قيودها في مجال الطيران، من خلال بناء طائرات دون طيار محلية متطورة، وحققت العديد من الإنجازات في هذا المجال. والآن قدرات إيران كبيرة، لدرجة أن حتى دولًا مثل روسيا مستعدة لشرائها.

والنقطة المميزة التي يمكن رؤيتها في الطائرات دون طيار الإيرانية و”فوربس” قد ذكرت ذلك أيضًا، السعر المنخفض نسبيًا للأسلحة الإيرانية، ما يجعلها خيارًا اقتصاديًا ومرغوبًا في جميع أنحاء العالم.

كما افتتحت إيران مصنعاً لتصنيع طائرة “أبابيل” بدون طيار في طاجيكستان قبل شهرين، خلال زيارة اللواء علي باقري رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة إلى طاجيكستان. وهذا يظهر أن دول المنطقة أدركت أيضًا قدرات إيران في هذا المجال العسكري، وتحاول تعويض جزء من نقصها بالتعاون مع طهران.

وفي نهاية تقريرها، قيمت فوربس بشكل إيجابي الاتفاقات العسكرية بين طهران وموسكو، وقد أقرت بأن الزمن سيخبرنا، أن صفقةً مهمةً لبيع طائرات إيرانية دون طيار لروسيا، إذا تم تحقيقها، يمكن أن تكون خطوةً أولى مهمةً في هدف إيران طويل الأجل المتمثل في أن تصبح مُصدرًا جادًا للأسلحة.

وعلى الرغم من أن الأمريكيين يدعون أن شراء روسيا للطائرات دون طيار الإيرانية يأتي بسبب الحرب في أوكرانيا، لكن خلافًا لمزاعم الأمريكيين، كان للدولتين تعاون عسكري مكثف في السنوات الماضية، ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلی شراء نظام الصواريخ الروسي S-300، والذي تم تسليمه لإيران قبل سنوات قليلة، رغم اعتراضات واشنطن.

لذلك، حتى لو تم تنفيذ عقود الأسلحة الجديدة عمليًا، فلا علاقة له بالتطورات في أوكرانيا، وهذه العلاقات الثنائية كانت موجودةً من قبل وستستمر في المستقبل، بسبب تعميق العلاقات بين البلدين.

أنواع الطائرات دون طيار الإيرانية

إيران، التي كان لديها عدد محدود من الطائرات دون طيار حتى قبل 10 سنوات، لديها الآن الآلاف من هذه الأسلحة في ترسانتها، بما في ذلك العديد من الأسلحة المحلية، لدرجة أنه تم بناء مدن صاروخية من أجل حفظها في أماكن آمنة.

تُستخدم الطائرات دون طيار في جميع دول العالم نظرًا لمزاياها العديدة مقارنةً بالطائرات الأخرى الكبيرة وذات الجسم العريض، وتعدّ إيران واحدةً من أكبر منتجي ومستخدمي جميع أنواع الطائرات دون طيار.

الطائرات دون طيار التي صممتها إيران متقدمة جدًا، لدرجة أنه بعد الكشف عنها وتقديمها، طلبت العديد من الدول شراءها. وتمتلك بعض الطائرات دون طيار الإيرانية قدرات جعلتها الآن على قائمة التصدير.

تعدّ طائرات “مهاجر” دون طيار المزودة بصواريخ موجهة بالليزر والقنابل الموجهة والسقوط الحر، واحدةً من الأنواع المتقدمة لهذه الطائرات دون طيار التي تجذب المشترين للغاية.

کما أن طائرة “شاهد 129” دون طيار، طائرة “صاعقة 191” دون طيار، و”شاهد 121″، و”أبابيل 3″، والتي تتميز بالتصوير بالفيديو ليلاً ونهارًا، هي أمثلة ممتازة على الطائرات دون طيار محلية الصنع التي يمكنها مراقبة الأهداف المعادية وتدميرها بدقة.

بالنظر إلی قدرات الطائرات الإيرانية دون طيار ، أدرك الروس أيضًا أنه يمكنهم تحقيق النجاح في الميدان باستخدام التقنيات الإيرانية. لذلك، فإن شراء روسيا للأسلحة من إيران هو نوع من التأكيد على جودة وقدرة الأسلحة الإيرانية، ويؤدي إلى تشجيع دول أخرى على شراء هذه الأسلحة من إيران، لأن روسيا نفسها تمتلك أكبر ترسانات أسلحة، وهي تسبق أمريكا في بعض مجالات الصواريخ والفضاء.

أنواع أنظمة الدفاع الصاروخي والسفن

إلى جانب الطائرات الإيرانية دون طيار، التي أصبحت هذه الأيام كابوسًا لأمريكا وأتباعها الإقليميين، تمتلك إيران أيضًا العديد من القدرات في مجال الصواريخ وأنظمة الدفاع التي يمكنها التعامل مع أي تهديد.

وفي هذا الصدد، فإن منظومة الدفاع الجوي “15 خرداد”، التي أنتجتها منظمة الصناعات الجوية التابعة لوزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة الإيرانية، لديها القدرة على الاشتباك الفعال مع أهداف جوية ذات قدرات هجومية عالية، مثل طائرات الاستطلاع والقاذفات والمقاتلات التكتيكية. ويتمتع هذا النظام أيضًا بالقدرة على اكتشاف صواريخ كروز والاشتباك معها.

والميزة المهمة الأخرى لهذا النظام هي الطبيعة التكتيكية والتنقل العالي، حيث يقوم بالكشف والاعتراض في الوقت نفسه باستخدام رادار واحد فقط، وهو نظام يحتوي على أقل عدد من المكونات.

في وصف إمكانيات هذا النوع من النظام، يمكن الإشارة إلى أنه بعد أيام قليلة من الكشف عنه، قام بعمل بطولي وأسقط طائرةً أمريكيةً دون طيار من طراز “غلوبال هوك” في المجال الجوي الإيراني، حتى لا يفكر أعداء إيران في انتهاك المجال الجوي الإيراني مرةً أخرى.

في مجال تصنيع الصواريخ أيضًا، لدى إيران الكثير لتقوله، والعديد من أنواع هذه الأسلحة أنتجها علماء ومهندسون إيرانيون بكميات كبيرة في السنوات الماضية.

ومن الأمثلة الممتازة للصواريخ الإيرانية، نذكر صاروخ “سجيل”، وهو أول صاروخ بعيد المدى يعمل بالوقود الصلب، ويعتبره بعض الخبراء أفضل صاروخ باليستي إيراني له نظام إطلاق متحرك، وقادر على حمل صاروخ جاهز للإطلاق.

“سجيل” هو أحد تلك الصواريخ الباليستية الإيرانية، الذي بعد خروجه من الغلاف الجوي والتحليق على هذا الارتفاع، يعود إلى الغلاف الجوي ويصل إلى الهدف بسرعة حوالي 10 إلى 12 ماخ(حوالي 3400 إلى 4080 مترًا في الثانية)، ما يجعل تدميره بواسطة أنظمة الدفاع الجوي الحالية مستحيلاً.

کما يمكن لصاروخ “الخليج الفارسي” البالستي الذكي، أن يضرب جميع أنواع السفن بسرعة تفوق سرعة الصوت.

کذلك، يجب اعتبار صواريخ “شهاب” من أشهر الصواريخ الإيرانية في العالم. يمكن لهذه الصواريخ، المصنوعة في أنواع متوسطة المدى وبعيدة المدى، استهداف الأراضي المحتلة بسهولة، وربما كانت هذه الميزة هي التي جعلت اسم “شهاب” يعني الموت بالنسبة للکيان الصهيوني في العالم.

أيضًا، صاروخ “قيام” مثال آخر على الإنجازات الإيرانية، حيث يمتلك القدرة على تجنب الرادار وعدم اعتراضه أكثر من صواريخ “شهاب”، لأنه على عكس الأنواع الأخرى من صواريخ شهاب، فإن هذا الصاروخ ليس له زعانف.

وكان “قيام” نفس الصواريخ التي استهدفت قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق رداً على اغتيال اللواء سليماني، والتي تسببت في دمار كبير في هذه القاعدة.

القدرات الإيرانية في بناء الغواصات

على الرغم من أن عدد الدول التي حققت تكنولوجيا بناء الغواصات في العالم قليل، إلا أن إيران تمكنت من تحقيق العديد من النجاحات في هذا المجال من خلال الاعتماد على القدرات المحلية. لذلك، فإن غواصة “بعثة” هي فئة من الغواصات التي تعمل في خدمة البحرية الإيرانية.

هذه الغواصة أثقل بنسبة 30٪ من فئة غواصة “كيلو” الروسية. وبسبب حمولتها وطبيعتها، وبالتالي أبعادها الأكبر، فإن غواصة “بعثة” لديها القدرة على حمل أسلحة أكثر وأكبر تنوعًا من النوع الروسي. ومن بين ميزات غواصة “بعثة”، استخدام محركات كهربائية دون الفرشاة الكربونية واستخدام قاذفات صواريخ عمودية في هذه الغواصة.

غواصة “فاتح” هي أيضاً من فئة 527 طناً من الغواصات شبه الثقيلة تحت السطح، وتبلغ حمولتها تحت السطحية 593 طناً. تمتلك هذه الغواصة القدرة على التحرك على عمق 200 متر بشكل طبيعي، وأقصى عمق يمكن الوصول إليه هو 250 مترا أيضاً. ويمكن أن تبحر “فاتح” لمدة 35 يومًا.

إضافة إلى قدرة إيران في بناء غواصات ثقيلة وشبه ثقيلة، فقد أظهرت أيضًا العديد من القدرات في بناء الفرقاطات. وفي هذا الصدد، تعتبر فرقاطة “جماران” النموذج الأول للسفن الحربية الإيرانية، والمجهزة بصواريخ مضادة للسفن وصواريخ أرض – جو وطوربيدات ومدافع مضادة للطائرات، وأدوات ملاحة إلكترونية حديثة ومنشآت الحرب الإلكترونية.

يبلغ طول هذه الفرقاطة 94 مترًا وبسعة 1420 طنًا وبسرعة 30 عقدة(56 كم/ساعة)، ولها القدرة على حمل 140 بحارًا وحمل المروحيات والتزود بالوقود. تم تصميم وبناء هذه السفينة في إيران باستخدام أجزاء محلية وأجنبية، وبتعاون 120 جامعة إيرانية.

من ناحية أخرى، من أكثر أنواع الأسلحة الموجهة جو-أرض استخدامًا، هي القنابل والصواريخ الموجهة بأشعة الليزر.

لقد تسارعت عملية تصميم وإنتاج الأسلحة الجوية، بما في ذلك الذخائر الموجهة، في إيران في السنوات الأخيرة، مع فهم الحاجة إلى مزيد من تطوير مثل هذه الأنظمة. ومع تركيز الأنشطة في وزارة الدفاع الإيرانية، إلى جانب مشاركة وحدات الاكتفاء الذاتي من القوات الجوية لجمهورية إيران الإسلامية والقوات الجوية التابعة للحرس الثوري، فإن هذه العملية ستشهد المزيد من التسارع في المستقبل.

بعد انتهاء الحرب المفروضة، طوَّر المختصون في سلاح الجو الإيراني عدة أجيال من الصواريخ الموجهة بالليزر، والتي كانت تسمى ستار 1 و 2 و 3، إلى جانب عينة من قنبلة الليزر ونظام الاستهداف المرتبط بها، ودخلت في الخدمة التشغيلية.

وفي عام 2013، بعد عدة سنوات من تصنيع هذه الأسلحة، تم الكشف عن آخر عينة من صواريخ التوجيه بالليزر جو-أرض المسماة “بينا”، والتي تم بناؤها من قبل وزارة الدفاع ودعم القوات المسلحة الإيرانية، باستخدام أحدث التقنيات الديناميكية الهوائية، والهيكل، والرؤوس الحربية، ودفع الوقود الصلب المتقدم وأنظمة التوجيه الحديثة.

صاروخ “بينا” هو صاروخ جو – أرض مصمم للأحوال الجوية السيئة، وفعال ضد الأهداف البعيدة والكبيرة نسبياً. هذا الصاروخ لديه القدرة على إطلاق جو-أرض وأرض-أرض.

وتشمل الأهداف الأخرى لهذا الصاروخ، أنظمة الدفاع الجوي والسفن وعربات النقل وخزانات الوقود. وعلى الرغم من أن صاروخ “بينا” قادر أيضًا على إطلاق النار من قاذفات أرضية، فإن مهمته الرئيسية هي جو-أرض وجو-سطح.

في الختام، يمكن القول إن المقاتلات والدبابات وناقلات الأفراد والمدمرات وأنظمة الدفاع وجميع أنواع الرادارات والطائرات دون طيار، ليست سوى جزء من قدرة إيران المحلية على تصنيع المعدات والأسلحة اللازمة، وتعدّ الطائرات دون طيار واحدةً من المنتجات الرئيسية في صناعة الدفاع الإيرانية، والتي أصبح من الممكن تصديرها إلى دول مختلفة مع رفع حظر الأسلحة عن إيران.

يعتبر بيع الأسلحة من أكثر الأسواق ازدهارًا في العالم، وتكسب أمريكا وروسيا ودول غربية أخرى مليارات الدولارات سنويًا في هذا المجال. وإذا تمكنت إيران من تعزيز موطئ قدمها في هذا السوق من خلال بيع الأسلحة المحلية، فيمكنها تعويض جزء من عجزها المالي بهذه الطريقة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق