التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مارس 29, 2024

مفاوضات الغاز بين لبنان والکیان الصهيوني تمسكها يد يهودية…إلى أين سوف تصل 

في أعقاب التعدي الإسرائيلي الأخير على حقل غاز كاريش في البحر الأبيض المتوسط، وهو حقل مشترك مع لبنان، دعا مسؤولون لبنانيون المبعوث الأمريكي “عاموس هوكشتاين” للتوسط بين الجانبين. وفي هذا الصدد، جاء هوكشتاين إلى المنطقة قبل أسبوعين وتشاور مع قادة بيروت وتل أبيب، ومن المقرر أن يعلن نتائج تقاريره بعد تلخيص مطالب الطرفين. ولقد التقى هوكيشتيان لأول مرة بمسؤولين لبنانيين، بينهم الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، للوقوف على الموقف اللبناني الأخير من محادثات الغاز مع الصهاينة.

وتشير بعض التفاصيل التي نشرتها وسائل الإعلام خلال المحادثات إلى أن لبنان دعا إلى استئناف المحادثات غير المباشرة مع إسرائيل ووقف استخراج النفط والغاز من حقله حتى انتهاء المحادثات. وقال مسؤول لبناني عن محادثات بين هوكشتاين ومسؤولين لبنانيين “اقترحنا توسيع مستوى سطح البحر من 860 كيلومترا مربعا الى نحو 1200 كيلومتر مربع بما في ذلك حقل قانا للغاز.” وحسب المسؤول اللبناني، ستستأنف المفاوضات بين البلدين إذا قبلت إسرائيل العرض اللبناني الجديد. وبعد محادثات مع اللبنانيين، سافر هوكشتاين إلى الأراضي المحتلة وسلم رد لبنان على عرض إسرائيل بترسيم الحدود.

أمريكا تدعم مصالح الصهاينة

على الرغم من أن الدولة الوسيطة يجب أن تكون محايدة من حيث المبدأ من أجل حل الخلافات بين الأطراف المعنية، إلا أن الولايات المتحدة ، بسبب علاقتها الاستراتيجية مع إسرائيل، انحازت إلى الصهاينة في هذا النزاع الحدودي وتحاول الوصول إلى أي اتفاق مستقبلي لصالح تل أبيب. وفي غضون ذلك، كشفت بعض وسائل الإعلام عن وثيقة أمريكية سرية طلبت فيها من لبنان الاستيلاء على منطقة حدودية مهمة في ساحة كاريش. وحسب الوثيقة، فإن الولايات المتحدة تتمسك بموقف إسرائيل وتعتقد أن المنطقة البحرية المتنازع عليها في ساحة كاريش والخط الحدودي 29 تقع خارج مياه الأراضي اللبنانية، وتقترح تقسيم المنطقة إلى قسمين كحل مرض لكليهما.

ويشار إلى أن هوكشتاين هو وسيط يهودي ولد في الأراضي المحتلة خدم في الجيش الصهيوني لمدة ثلاث سنوات. لذلك، لا يمكن أن يكون وجود يهودي أمريكي في المفاوضات التي هي في قلب القضية الإسرائيلية موقفا محايدا، ونهاية الأمر واضح بالفعل. ويعتقد بعض المحللين أن هناك مخاوف من أن يلعب هوكشتاين دورًا غادرًا ويقدم التنازلات اللازمة لإسرائيل، ويحرم لبنان من الحد الأدنى من حقوقه في المياه والنفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط. ويعتقد العديد من المحللين أن الهدف الأساسي لواشنطن وتل أبيب من التفاوض على ترسيم الحدود اللبنانية المحتلة بعد سنوات قليلة هو إعادة لبنان إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

الموقف اللبناني

رغم أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يحاولان فعل كل شيء على حساب لبنان في نزاع الغاز، إلا أن اللبنانيين موجودون في مصر للتباحث حول حقوقهم وليسوا مستعدين للتراجع عن مطالبهم. ووصف مسؤولون لبنانيون تحرك النظام لاستخراج الموارد الطبيعية في المياه المتنازع عليها بأنه معادٍ وتهديد للأمن والسلم الدوليين ومعطل لعملية ترسيم الحدود. وشدد رئيس اللجنة الوطنية للتوفيق بين الحدود اللبنانية على أن لبنان يجب أن يتفاوض من موقع قوة ويثبت حق لبنان في استغلال موارده من الطاقة على الحدود المائية مع فلسطين المحتلة وفق الخط البحري 29.

ولقد أعد لبنان رداً مكتوباً لتقديمه لوفد الوساطة الأمريكية، أكد فيه أن لبنان لن ينسحب من متر مربع واحد من حقل قانا الغازي لصالح الكيان الصهيوني في مفاوضات الحدود. وموقف لبنان الموحد من ترسيم حدود البلاد، الذي تم إنشاؤه لأول مرة، هو بحد ذاته ثلاثة أرباع الانتصار، لأن اختلاف المواقف خطر على انتهاك الحقوق اللبنانية. وقال نجيب ميقاتي إن أي عملية تنقيب أو حفر أو استخراج إسرائيلية في المنطقة المتنازع عليها هي عمل عدواني، وسيتم إجراء اتصالات دبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لتوضيح موقف لبنان وإعادة تأكيد التزامه بحقوقه.

كما صرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ومسؤولون آخرون في الحركة بأن المقاومة مستعدة للرد بأي طريقة ممكنة لمنع هذا العمل غير القانوني للكيان الصهيوني. ودعا نائب الأمين العام لحزب الله الحكومة اللبنانية إلى إبداء مزيد من العزم وزيادة ضغطها، والإعلان صراحة عما إذا كانت المحادثات مستمرة أو أنها فشلت تماما. كما قال نصرالله إن موارد النفط والغاز حق للشعب اللبناني، وأن المقاومة لن تسمح باحتلال إسرائيل حتى تتحقق الحقوق الكاملة للبنانيين، وستأخذ حقها من الصهاينة بالقوة.

بعض المسؤولين اللبنانيين غير متفائلين بنتيجة محادثات الوساطة، بالنظر إلى السجل الأمريكي، ويؤكدون أن لبنان يجب أن يسلك طريقا واضحا للحصول على ثروته البحرية في أسرع وقت ممكن وألا ينتظر استئناف المحادثات غير المباشرة مع إسرائيل. لأنه، باستثناء المنطقة المتنازع عليها، هناك كتل أخرى تابعة للبنان نفسه، ويمكن لهذا البلد أن يحفر فيها ويستكشفها بشكل قانوني.

عقبات أمام المفاوضات

من المعوقات التي أعاقت عملية التفاوض بين لبنان وإسرائيل أن لبنان وقّع على قانون البحار، بينما لم يوقع الكيان الصهيوني على هذا القانون الدولي، وبالتالي يتجاهل أي قيود وقانون دولي، ويقيس الأشياء وفقًا لمعاييره وأبعاده. وطالما أن الصهاينة لا يلتزمون بقانون حقوق البحار، فإن الطريق إلى اتفاق سيكون صعبا.

ولهذا هناك خلافات جوهرية بين الطرفين، ويقول اللبنانيون إن قسمًا كبيرًا من حقله النفطي يقع داخل حدود هذا البلد، ومن ناحية أخرى تزعم إسرائيل أن المنطقة كلها تحت سيطرة هذا النظام. من جهة أخرى، وحسب ما أفاد به اللبنانيون، تشير المعلومات إلى أن الصهاينة يعتزمون الاستفادة من أزمة الطاقة والتحديات الاقتصادية في البلاد من أجل الحصول على تنازلات في حال استئناف المحادثات غير المباشرة مع لبنان. ويعتقد المسؤولون اللبنانيون أن البلاد لديها القدرة على استخراج الغاز والنفط، لكن الولايات المتحدة هي العامل الرئيسي الذي يمنع لبنان من استخراج موارده النفطية. لأنه بعد الأزمة الأوكرانية، احتاجت الولايات المتحدة والأوروبيون إلى النفط والغاز الإسرائيلي لتلبية احتياجاتهم من الطاقة، وتحاول الولايات المتحدة الوقوف إلى جانب الصهاينة في محادثات بيروت وتل أبيب وقد اعطوا معظم موارد الطاقة لإسرائيل من أجل التصدير إلى أوروبا.

لقد بدأت المحادثات غير المباشرة حول ترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية في تشرين الأول 2020، بعد ثلاث سنوات من المشاورات الدبلوماسية مع ضغوط أمريكية لحل الخلاف، لكن بسبب طمع الصهاينة، الذين اخذوا جميع المصادر الغازية لهم، لم تحصل لبنان على شيء. لكن لبنان اليوم ليس مشغولاً كما كان من قبل، وبفضل وجود حزب الله في ساحة الدفاع عن مصالحه، فهو الآن في وضع يسمح له بإخراج مطالب الشعب اللبناني من حلق المحتلين الصهاينة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق