التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 4, 2024

صفقة سلاح: ترامب يجني ثمار تصعيده مع إيران سعوديّاً 

حصل ما كان متوقّعاً، فقد أصدر وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، تعليمات إلى وزارة الخارجية للموافقة على صفقات بيع أسلحة بقيمة 8.1 مليارات دولار إلى الأردن والسعودية والإمارات لمواجهة إيران.

ويأتي القرار الأمريكي الجديد بعد أن نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الخميس أنباء عن إمكانية استغلال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لثغرة في القانون لتمرير صفقة أسلحة للسعودية والإمارات عبر تجاوز الكونغرس، وذلك بعد رفض عدد كبير من النواب الديمقراطيين بيع أسلحة جديدة للسعودية حتى لا تستخدمها في قصف المدنيين في عدوانها على اليمن.

وقد أوضحت الصحيفة الأمريكية أن وزير الخارجية مايك بومبيو ومسؤولين كبار آخرين يدفعون الإدارة الأمريكية للجوء إلى بند يتعلق بحالات الطوارئ في قانون الأسلحة يتيح لترامب منع الكونغرس من تجميد هذه المبيعات المعلقة حالياً.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين ونواب أمريكيين حاليين وسابقين أن هذا الإجراء قد يتخذ في الأيام المقبلة.

بدا لافتاً بيان الخارجية الأمريكية الذي حاول إظهار المنطقة في الشرق الأوسط على أنها قبل ساعات من الحرب، ولكن ليس مع أمريكا، بل بين ايران وجيرانها في السعوديّة والإمارات، فقد زعم بومبيو أن “تلك المبيعات ستدعم حلفاءنا وتعزز الاستقرار بالشرق الأوسط وتساعد هذه الدول في ردع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدفاع عن نفسها في مواجهتها”، مؤكداً أن قرار تجاوز الكونغرس هو إجراء “لمرة واحدة” فقط.

كذلك، برر الرئيس الأمريكي هذه الخطوة التي جاءت بمعزل عن الغرفة التشريعية بأن حالة الطوارئ التي تعيشها بلاده في ظل تصاعد التوتر مع إيران تستدعي القيام بهذا الفعل في أسرع وقت، مستغلاً في ذلك بعض الثغرات في القانون الفيدرالي لتمرير هذه الصفقات بحجة الأمن القومي والزود عن أي تهديدات خارجية.

أسئلة عدّة تطرح نفسها، بدءاً من الظروف المحيطة مروراً بالسيناريو المُفترض، وليس انتهاءً ببيان وزارة الخارجيّة.

تأتي هذه الصفقة بعد إبلاغ الرئيس الأمريكي ترامب للكونغرس اعتزامه إرسال 1500 جندي أمريكي إلى الشرق الأوسط، وكذلك بعد اتهام مدير الأركان المشتركة مايكل جيلداي، الحرس الثوري الإيراني، بالمسؤولية المباشرة عن الهجمات الأخيرة في بحر عُمان قبالة الفجيرة الإماراتية ضدّ السفن التجارية وناقلات النفط، وفي المقابل هناك العديد من الدول الإقليمية تسعى للوساطة بين كل من إيران وأمريكا، كما أنها تأتي بعد كشف المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عن زيارات سرية وغير سرية إلى طهران لمفوضين من أمريكا، لكن طهران قد أبلغت جميع الوفود برسالة واضحة وهي لا مفاوضات في ظل الضغوط والتهديد.

لا تنفصل الصفقة الأمريكية الجديدة عن سيناريو ترامب وتأتي في إطار حَلبِ الدول الخليجية عبر لعبة “التصعيد مع إيران”، بل إن واشنطن تعمد للاستفادة من أي تصعيد إقليمي بغية إبرام المزيد من الصفقات العسكرية، وهنا نذكر التالي:

أوّلاً: لا شكّ أن الإدارة الأمريكية هي أحد أبرز المسؤولين عن كل المجازر التي ارتكبتها السعوديّة في اليمن، وهذا السبب وراء إطلاق اليمنيين عبارة “العدوان السعودي-الأمريكي” على المحاولات السعودية لاحتلال اليمن.

اليوم، ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية هو استكمال المسار الذي بدأ في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وارتفع منسوبه مع وصول ترامب.

في الحقيقة، بدأت الصفقات الأمريكية للسلاح في عهد اوباما، ولعله في بعض الأحيان عمد إلى عرقلة مؤقتة وشكلية لبعض الصفقات كونه كان في أيامه الأخيرة ويطمح بأن يُظهر نفسه راعياً للسلام، في المقابل، كان ترامب أكثر صراحة من سلفه أوباما، فقد استخدم تعبير حَلبِ الدول الخليجية في حملته الانتخابية، وبدأ بتنفيذها مع وصوله إلى البيت الأبيض.

ثانياً: مع كل أزمة إقليمية تعمد واشنطن إلى حلب الرياض، زيارة ترامب إلى السعودية كانت مدفوعة مسبقاً، بل إن إدارة ترامب عمدت إلى تحييد صفقات السلاح عن أي مطالبات بمعاقبة السعودية بعد مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي. السعودية حينها، وللحدّ من الضغط الدولي الذي تتعرّض له عمدت إلى إبرام المزيد من صفقات السلاح مع ترامب للحصول على دعمه السياسي، وبالفعل سارعت إدارة ترامب للتعاطي مع مسألة معاقبة السعودية بعيداً عن ملف خاشقجي.

ثالثاً: تبدو واضحةً سياسة النفاق المتّبعة من قبل واشنطن في التعاطي مع أزمات العالم بشكل عام، والشرق الأوسط على وجه الخصوص.

إن حديث الكونغرس عن الوقوف في وجه هذه الصفقة هو استعراض إعلامي لا أكثر، فلو أراد أن يفعل ذلك لفعل منذ زمن، ولكن لماذا رفع هذا الصوت؟ تسعى الأفلام الأمريكية الهوليودية لتقديم واشنطن على أنها منقذة العالم، وراعية السلام، وهذا ما تريد واشنطن إظهاره من خلال هذه التجاذبات، فلماذا لم يوقف الكونغرس الصفقات السابقة بعد المجازر في اليمن؟ ماذا عن قضية خاشقجي؟

رابعاً: اليوم يتكرّر المشهد حيث تسعى واشنطن للسيطرة على المزيد من الأموال النفطية السعودية من خلال لعبة التصعيد مع إيران.

الحرب بين إيران وأمريكا هي أبعد ما يكون اليوم، لكن إدارة ترامب وبصرف النظر عن الأسباب المرتبطة بشق المفاوضات مع إيران من خلال هذا التصعيد، تستخدمها ذريعةً لإبرام المزيد من الصفقات مع السعودية، منذ اليوم الأول للتصعيد، كتبنا على هذه الزاوية أن المستهدف الأبرز هو السعودية وأموالها قبل أي طرف آخر.

في الختام، إن ما تمارسه واشنطن في السياسة وعلى طاولة المفاوضات من خداع نفاق، تكرّر اليوم تحت عناوين مشابهة، ولكن هذه المرّة في صفقات السلاح، ولسان حال ترامب مع إيران “إياكِ أعني فاسمعي يا سعوديّة”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق