التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, مايو 7, 2024

السعودية.. معتقل غوانتانامو بشكل اخر 

تعاني السعودية من سمعة سيئة في العالم من جهة تعاملها مع حقوق الانسان بحيث يتم ذمها باستمرار في كل التقارير الدولية الصادرة عن المنظمات ذات العلاقة بالمسألة إلا أن النظام السعودي غالبا ما يتجاهل كل هذه التقارير المرعبة ويحاول التعتيم عليها وأحيانا انتقادها بشكل لاذع دون أن يترك للمنظمات العالمية حرية الدخول الى المملكة للإطلاع عن كثب على ما يجري من تعذيب وخرق فاضح لحقوق الانسان.

ووفقا لإحصائيات منظمة هيومان رايتس ووتش يبلغ حجم الاعتقالات السياسية اكثر من 30 ضعف ما يحدث في الدول المجاورة وتشمل الاعتقالات ناشطين حقوقيين وسياسيين ومثقفين و علماء دين من مختلف الاعمار لكن النظام غالبا ما يصر على عدم وجود هؤلاء السجناء وفي أقصى الحالات يعتبرهم سجناء أمن قومي بتهم عديدة لعل أبرزها الدعاية لصالح نظام أجنبى هو ايران على وجه التحديد والعمل على نشر ما يسمى “بالتمدد الشيعي” داخل المملكة، في هذا المجال تؤكد المنظمة الدولية المذكورة أن هؤلاء الناشطين يحاكمون تحت مظلة قوانين الامن القومي الغامضة والتي أنشأت خصيصا لمثل هذه المعارضة.

لا شك في أن كل المحاكمات التي يخضع اليها هؤلاء الناشطون هي محاكمات رأي وحق تعبير تكفله كل المبادئ الانسانية العالمية التي لا يعترف بها النظام الفاسد في المملكة، في حقيقة الامر تتم هذه الاعتقالات لأسباب وغايات سياسية ومن باب ضرب كل معارضة سلمية للنظام من باب الترويع والتخويف بحيث تحولت المملكة مع مرور الوقت الى معتقل كبير لا يختلف في عناوينه الكبرى عن اكبر المعتقلات في العالم ومن بينها معتقل غوانتنامو الشهير، وإذا كانت الولايات المتحدة الاميركية قد فتحت هذا المعتقل خارج التراب الاميركي في محاولة قاصرة للتعتيم على وجوده فان النظام السعودي قد جعل من المملكة معتقلا كبيرا بحيث يشعر المواطن السعودي العادي أنه محكوم بنظام مستبد ومطالب بالصمت المتواصل على انتهاك حقوقه الاساسية في حين يشعر المحكوم عليه داخل سجون المملكة بان هذا النظام يريد من الجميع نسيان ما يحدث داخل هذه السجون.

أيضا يمكن الحديث على أن التعذيب الذى يمارسه النظام داخل السجون والمحتشدات والذي أودى بحياة كثير من السجناء على اختلاف توجهاتهم وتهمهم هو شكل من أشكال العنف المادي المقصود للمس من قدرة المعارض السعودي على الاستمرار في تلك المعارضة والمطالبة وكسرا لكل ارادة تروم مواصلة المقاومة وهنا يتحدث الجميع عن أساليب تعذيب وحشية تفوق الخيال داخل هذه السجون.

يوجد في السعودية منذ عقود أحد أكثر الانظمة وحشية وبربرية في العالم، ومقارنة بالسعودية تبدو بقية سجون العالم نزلا ترفيهية وتوضح بعض التقارير والصور المسربة من داخل هذه المحتشدات المرعبة تكديس السجناء بأعداد كثيرة داخل عنابر صغيرة لا تكفي حتى للوقوف ما يضطرهم الى النوم بالتناوب أو النوم في دورات المياه في مظهر قبيح لا يليق حتى بالوحوش، هذه التقارير تؤكد ان النظام يتعمد في نطاق سياسته الاجرامية في حق الشعب السعودى انتزاع كرامة المواطن السعودي ببطء شديد ومقصود حتى يفقد قوة المقاومة وتنعدم لديه كل وسائل الممانعة ليخرج من تلك السجون كسيحا عقليا لا يقدر على مواصلة النضال السلمي ضد هذه السلطة الدموية الجائرة، فتكديس 500 سجين في غرفة لا تسع إلا 100 سجين هو محاولة لإشعار السجين بكونه لا يمثل حالة انسانية بل مجرد معارض يجب القضاء عليه معنويا بكل الاشكال والطرق لذلك يعانى الكثيرون بعد خروجهم من تلك السجون المرعبة من حالات من الصدمة والذهول الدائم وفقدان الرغبة في مواصلة العيش داخل المملكة.

لعل أكبر تشجيع للنظام على كل هذه الانتهاكات الوحشية يأتي من الدول الغربية وعلى رأسها أميركا وبريطانيا وفرنسا بحيث وصلت الوقاحة بأن ينقل الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية البريطانية أن اوضاع السجون في السعودية تعتبر جيدة، لكن هذا الامر ولئن يثير لدى البعض شيئا من التعجب فهو ليس مستغربا من انظمة مارست وتمارس التعذيب تحت مسميات مختلفة من بينها التعذيب داخل الطائرات المتنقلة ونقل المعتقلين السياسيين لتعذيبهم في بلدان عربية مثل مصر والاردن لكن من الواضح أن صمت هذه الدول الذي تبرره بحماية مصالحها الاقتصادية في الخليج الفارسي قد شجع النظام السعودي على التمادى في سياسة التعذيب وخرق حقوق الانسان بحيث يزيد عدد السجناء السياسيين اليوم عن اربعين الف معتقل سياسي رغم ادعاء النظام بعدم صحة هذه الارقام التي تداولتها مواقع وصحف عالمية معروفة بجديتها في هذا المجال لكن من المؤكد أنه يستحيل ويصعب تقدير الاعداد لان كل السجون السعودية سرية وتديرها المخابرات التى تقدم تقاريرها المرعبة بشكل دورى للقيادة السعودية وعلى رأسها بالطبع الملك سلمان.

لعل ما يثير الانتباه في المحاكمات أن الاحكام التي تواجه المتهمين هي أحكام قاسية جدا تثير كثيرا من علامات الاستفهام حول استقلالية القضاء السعودي ومدى سلطة المؤسسة الدينية السعودية التي تتدخل في أحكام القضاء بشكل مفضوح، أيضا يمكن القول أن النظام قد قضى على كل أصوات المجتمع المدني التي بإمكانها معارضة مثل هذه الاحكام الجائرة يضاف اليه طبعا صمت وسائل الاعلام السعودية بكل ألوانها التي تعلم علم اليقين ان كثيرا من هذه المحاكمات هى محاكمات جائرة وغير مبررة وأن التهم الموجهة للمحكوم عليهم على غرار المس من حرمة الملك والاضرار بالنظام العام والتحريض على الفتنة والاساءة لسمعة المملكة هي تهم ملفقة ومردودة، المثير للاهتمام أنه مع بداية الحرب السعودية القذرة في اليمن فقد ضاعف النظام اعتقالاته وسجن وتعذيبه للناشطين لان هناك أصواتا كثيرة تعارض مثل هذه الحرب الصهيونية وهناك معارضة شديدة للحرب الارهابية التي تشنها المملكة لإسقاط الرئيس السوري بشار الاسد مما يدفع المراقبين للقول أن الملك سلمان قد فقد الصواب تماما وأن ما يعانيه النظام من فشل سياسى وعسكرى وأخلاقي على كل الاصعدة يدفعه الى خطوات متسرعة نحو الهاوية المنتظرة وسيزيد الفشل من عزلته داخليا وخارجيا خاصة في ظل تهديدات الادارة الاميركية الجديدة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق