التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

سلسلة “اللوبيات الصهيونية”: ما لا تعرفه عن رابطة مكافحة التشهير ADL 

يُعّرف والتر جون ريموند “اللوبي اليهودي” في قاموس السياسية بأنه مجموع ما يقارب 34 منظمة يهودية سياسية في أمريكا تقوم بجهود منفردة ومشتركة من أجل مصالحها ومصالح الكيان الإسرائيلي.

ورغم الدعم الأمريكي شبه المطلق للكيان الإسرائيلي، إلا أن تجربة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حيث اختلفت مصالح البلدين حينها وأبدى الرئيس الأمريكي حينها دوايت آيزنهاور رفضه للهجوم البريطاني الفرنسي الإسرائيلي المشترك، دفعت بالكيان الإسرائيلي لإيجاد كتل ضغط داخلية تؤمن للكيان الإسرائيلي مصالحه حتى في حال تعارضها مع المصالح الأمريكية.

كتل الضغط هذه التي تعرف باللوبي وهو مصطلح يستخدم لوصف النفوذ اليهودي المنظم، غالباً من قبل اليهود الأشكناز الذين يعيشون في الشتات، نجحت من خلال هيمنتها على المال والاقتصاد الأميركي، ومن خلال فرض النفوذ السياسي ان تقلب معادلة واشنطن في اللحظة الحرجة الى حالة دائمة يخضع فيها الحاكم الأميركي الحالم بالبيت الأبيض لشروط اللعبة اليهودية، ليس بعدم التعرض لسياسة اسرائيل وحسب، وانما بدعمها سياسياً وعسكرياً واعلامياً، وذلك لأسباب عدّة تبدأ بالحصول على الأصوات اليهودية، ولا تنتهي بالدعم المالي في حملته الرئاسيّة.

لا يقتصر نفوذ اللوبي على البيت الأبيض، بل عمد الصهانية الدخول إلى السلطة التشريعية في الكونغرس (النواب والشيوخ) بغية حماية المصالح الإسرائيلية في المهد، فضلاً عن الأوساط الاقتصادية والثقافية والاعلامية والتربوية في الجامعات والكليات والصحف وشبكات التلفزيون ومراكز البحوث وذلك بغية ضمان الرئيس والكونغرس في الأوقات الحرجة. ولكن، لكي لا تظل قنوات التأثير معتمدة على مزاج وحساسية العلاقات الفردية المتقنة بين رؤساء البيت الأبيض وأصدقائهم من يهود الصهيونية، كان لا بد من تكوين مؤسسات علنية ابرزها اللجنة اليهودية الأمريكية للشؤون العامة (ايباك) و (رابطة مكافحة التشهير) التي اتخذت من العنوان التقليدي المثير للجدل “معاداة الساميّة”( أي معاداة الصهيونية وليس اليهودية) شعاراً لها في وجه كل من يعارضها، الأمر الذي دفع بالكاتب الأميركي اليهودي المعروف “ريتشارد كوهين” للقول: “لو لم أكن يهودياً فربما أتهم بمعاداة السامية اذ انني وجهت من وقت لآخر انتقادات الى اسرائيل وانحزت مرات اخرى للموقف الفلسطيني”.

رابطة مكافحة التشهير ADL

تعتبر رابطة مكافحة التشهير (Anti-Defamation League) منظّمة يهودية غير حكومية تعنى بالدفاع عن الحقوق المدنية في الشكل العام، إلا أنّها في الواقع تسعى لتأمين مصالح الكيان الإسرائيلي رافعة شعار معاداة الساميّة.

وقد تأسست رابطة مكافحة التشهير عام 1913 “بهدف حماية يهود العالم من القمع والتشهير” ولها فروع بأكثر من دولة، إذ توصف بأنها صاحبة تأثير على دوائر صناعة القرار السياسي ببعض الدول. كما تمنح جائزة سنوية باسم “جائزة رجال الدولة الموقرين” حصلت عليها شخصيات بارزة بالسياسة الدولية مثل ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي، ورئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون.

التجسّس

ورغم أن المنطّمة تقدم نفسها باعتبارها منظمة حقوق مدنية تكافح معاداة السامية، لكن الواقع يقول إنها تدعم المصالح الإسرائيلية وتهاجم كل منتقدي الاحتلال باعتباره “معاد للسامية”، وقد تورطت الرابطة في التجسس على مواطنين أمريكيين معارضين لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وللانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما ظهر في وثائق اكتُشفت عام 1993، كما تمّ استدعاء المنظّمة إلى مكتب التحقيقات الفيديرالية بتهمّة التجسّس في العام 2013.

وترصد الرابطة ما تنشره وسائل الإعلام عامة عن اليهود والصهاينة، وخاصة وسائل الإعلام في الدول العربية والإسلاميّة. وتصدر نشرات دورية بهذا الخصوص ترفعها إلى الساسة الأمريكيين ونواب الكونغرس الأمريكي.

شعار المنظّمة هو مكافحة التشهير بالشعب اليهودي وتأمين العدالة للجميع، والرئيس الحالي للمنظمة هو جوناثان جرينبلات الناشط في مجال العدالة الاجتماعية وكان يعمل مستشارا خاصا للرئيس باراك أوباما.

حرب ناعمة متقنة

رغم ولاء المنظّمة التام للكيان الإسرائيلي، إلا أنها أتقنت فنون الحرب الناعمة في تقديم نفسها كمؤسسة مستقلة، لا تدافع عن حقوق اليهودي والصهاينة فحسب، بل حتى المسلمين والأقليات الدينية في أمريكا الأمر الذي زاد من رصيدها في دوائر صنع القرار الأمريكية.

من الخطوات الرئيسية التي رفعت من رصيد هذه المنظّمة في الداخل الأمريكي هو تضامنها مع الجالية المسلمة في نيويورك، فضلاً عن معارضتها العلنية لمكافحة حركة BDS، رغم ان هذا الأمر يعد معارضاً للأهداف الصهيونيّة، الأمر الذي أثار دهشة المنظمات الصهيونية الأميركية التي انتهى الأمر لصالحها حيث أقيم الأسبوع الفائت في أمريكا مؤتمر فريد من نوعه لدعم الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، ومحاربة حركة المقاطعة التي تنشط في أمريكا دون ان تبدي “مكافحة التشهير” أي ردّة فعل.

واستعرض المؤتمر النشاطات القانونية التي يقوم بها أعضاء الكونغرس عن الحزب الجمهوري في مواجهة حركة المقاطعة، ومنها سن قوانين ضد نشاط الحركة. وجاء أن 13 ولاية أمريكية، أبرزها: نيويورك، ونيوجيرزي، وفلوريدا، قد قامت بسن قوانين تحظر نشاط الحركة، وأخرى فرضت قيودا على التعاون معها.

المنظّمة كذلك، وجّهت خطابًا إلى رئيس الوزراء التركي “رجب طيب أردوغان” تحذّره فيه من وخامة عاقبة التصريحات التي أدلى بها بخصوص تورّط “إسرائيل” في الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر مطلع الشهر المنصرم.

كذلك، فاجأت المنظّمة الري العام العالمي والسويسري بإعلانات في كبريات الصحف الدولية بما فيها صحيفتا نويه تسورخر تسايتونغ ولوتون السويسريتان، تصف البلاد بأنها تساهم في تمويل الإرهاب من خلال توقيع اتفاقية شراء غاز طبيعي من إيران.

الخلاصة

رغم أن منظمة الأيباك (AIPAC)، لجنة الشؤون العامة الأمريكية “الإسرائيلية”، تعد أبرز مجموعات الضغط “اللوبيات”، إلا أنها في الواقع تعد الوجه الظاهر أو العلني للوبي الصهيوني هناك. في المقابل، تعد رابطة مكافحة التشهير الوجه الخفي أو السرّي للوبي الصهيوني في أمريكا ويتم استخدامها في اللحظات الحرجة لذلك تعمد إلى إظهار نفسها كمؤسسة حيادية، بخلاف منظمة الأيباك.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق