التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

جون كيري من السعودية: أمريكا أضعف من أن تفرض حلاً على الشعب اليمني! 

خرج وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، خاليَ الوِفاض من زيارته للرياض. لم يمتلك أي جديدٍ يمكن أن يُنهي الأزمة اليمنية. فيما كان جديده الوحيد، طروحات ليست في الحقيقة ذات جدوى، لأنها قديمة رفضها أطراف الأزمة سابقاً. في حين رأى العالم أمس، حجم النفاق الأمريكي في التغاضي عن جرائم السعودية، الى جانب الضعف في فرض أي حل. وهو ما كان مُتوقعاً، خصوصاً بعد أن بات المستنقع اليمني وخيارات الشعب اليمني، أقوى من أمريكا وحلفائها الخليجيين، في ظل مطالبةٍ يمنية داخلية، بإنهاء العدوان، وتأسيس مجالس وطنية محلية، وهو ما لن يقبله العقل الأمريكي السعودي الإستعماري، على بلدٍ سعت قوات التحالف العسكرية لإخضاعه منذ 17 شهراً فلم تستطع. فمن يمتلك العين الثاقبة، لا يمكنه فقط أن يصل الى نتيجة أن أمريكا لم تستطع إيجاد حلٍ تفرضه على السعودية فحسب، بل إن واشنطن وجدت نفسها أمام خياراتٍ لن تحفظ ماء وجهها، وبالتالي فإن فرضها يعني الخروج بهزيمة كُبرى في اليمن. وهو ما يجب أن نعترف فيه، بفضل الشعب اليمني الذي يُسفك دمه منذ سنة ونصف، والذي رفض أي حلولٍ خارجية تُعارض مصالحه الخاصة. فماذا في زيارة كيري وأثرها على الملف اليمني؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟

جون كيري: طروحات وتصريحات

إعتبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أن الحرب على اليمن يجب أن تنتهي بأسرع وقت، طارحاً خطةً تعتمد على مبدأ التوأمة بين الخيارين العسكري – الأمني والسياسي، عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية وتسليم كافة الأطراف للسلاح. وخلال تصريحه حذَّر إيران من سياستها تجاه الملف اليمني، معتبراً أنها تُشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي. وأشار كيري الى أن الموفد الأممي، سيقوم بإستكمال استشاراته للمعنيين، من أجل التوصل الى مقاربة عملية للطرح الأمريكي. مؤكداً على أن أي حلٍ يجب أن يحمي حقوق وسيادة السعودية! كما أعلن كيري عن مساعدة أمريكية لليمن بقيمة 189 مليون دولار.

الحل الأمريكي الهزيل: تحليل ودلالات

من خلال تصريحات جون كيري، يبدو واضحاً أن الطرف الأمريكي خرج خالي الوفاض. فيما يجب الوقوف عند التالي، فيما يخص الطرح الأمريكي بشكلٍ عام:

أولاً: إن الخطة التي طرحها كيري ليست جديدة، بل تقع ضمن مسار الحل القديم والقائل بتشكيل حكومة وحدة وطنية، مع تسليم الأطراف لأسلحتها في الوقت ذاته، على قاعدة التوأمة بين الحلَّين العسكري – الأمني والسياسي. وهو ما لا يمكن تطبيقه في ظل إنعدام الثقة بين الأطراف الداخلية، وبالنتيجة لا يصب في صالح الشعب اليمني.

ثانياً: بحسب التجربة اليمنية، يبدو الحل الأمريكي هزيلاً، وإعلامياً فقط، حيث أن المفاوضات الأخيرة والتي لم تصل الى أي نتيجة، كانت طرحت نفس الطرح الحالي، وهو ما رفضه ممثلوا أنصار الله واللجان الشعبية، عبر رفض مسألة تسليم السلاح قبل شهر ونصف من تشكيل الحكومة الوطنية.

ثالثاً: بدا واضحاً حجم الضعف الأمريكي في فرض أي حل. خصوصاً بعد أن أنهكت السعودية نفسها في عدوانٍ دعمته واشنطن، وأفرغت كافة أوراقها السياسية والعسكرية من دون جدوى. في حين بقيت مسألة جرائم الحرب السعودية، تلاحق أمريكا، والتي لم يتحدَّث موفدها عن هذا الموضوع، إلا بالإشارة الى ضرورة إنهاء الحرب.

قراءة بين السطور: ماذا حمل تصريح كيري؟

إن الوقوف على تصريحات الطرف الأمريكي، وتحليلها بعمق، تنقلنا الى نتائج عدة، وهي:

أولاً: كعادتها، تحاول واشنطن دوماً تصويب سهامها على من تعتبره ندَّها الأساسي في السياسة في المنطقة، وهو إيران. حيث خرج وزير الخارجية الأمريكي، ليُحذِّر إيران، من دعمها للشعب اليمني. الأمر الذي يعتبره المعنيون طبيعياً، خصوصاً لأن مفاعيل هذا الدعم، ساهمت في هزيمة المشروع الأمريكي الخليجي في اليمن. في حين إنتقد آخرون صمت واشنطن على جرائم السعودية، والتي لا يمكن إعتبار أمريكا بعيدة عنها، خصوصاً بعد أن نفَّذت قوات العدوان السعودي الأمريكي، مجزرة جديدة على سوق شمالي صعدة، تزامنت مع زيارة كيري. كلُّ ذلك يمكن إعتباره دليلاً إضافياً على حجم النفاق السياسي الأمريكي.

ثانياً: إن كيري ومن خلال توجيهه كلاماً الى إيران، وحديثه عن أن سياستها تجاه الشعب اليمني ومساعدتها له، ليست تهديداً للسعودية فحسب بل لأمريكا أيضاً، أثبت أن السعودية تعمل ضمن أجندة أمريكية واضحة. كما اعترف ضمناً بفشل الرياض في دورها الأساسي لإشغال إيران عن صراعها المركزي ضد قوى الإستكبار وفي مقدمهتم أمريكا. وهو ما يجب الإلتفات له.

ثالثاً: أثبت كيري أن سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هي التي تُشكِّل الخطر المركزي على مشاريع أمريكا. وهو ما يعني بالحقيقة، إعترافاً أمريكا بمضي إيران في نهجها المُعتاد، والقائم على إحترام حقوق الشعوب وخدمة قضايا الصراع ضد الإستكبار. فيما كان واضحاً حجم الإمتعاض الأمريكي، من تعاظم دور وأثر إيران على حساب أمريكا.

لا يبدو أن الطرف الأمريكي جديٌّ في حلوله، أو خياراته تجاه اليمن. خصوصاً بعد أن بات المشهد اليمني واضح المعالم وبعيداً عن المصلحة الأمريكية. في حين لم يعد بإمكان أمريكا أو أيٍ من حلفائها، فرض أي خيارٍ على الشعب اليمني، والذي بات الطرف الأساسي الذي يفرض الحلول لأزماته. ولو أن البعض ينظر بقلقٍ لمعاناة الشعب اليمني، فالحقيقة تُبرز بأن معاناة وتضحيات اليمنيين، أثمرت قدرة على فرض المصالح الخاصة، بعد أن كانت أمريكا والسعودية ودول أخرى، تسعى لجعله تابعاً لسياسة الأطراف. ليُثبت كيري مجدداً أن أمريكا أضعف من أن تفرض حلاً على الشعب اليمني.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق