التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

مشروع تشكيل إقليم سني في العراق ..العوائق والقيود 

لقد تم طرح مشروع تشكيل إقليم سني في المناطق التي يقطنها السنة في العراق خلال السنوات الماضية، وفي أحدث التحركات أصدرت كتلة “اتحاد القوى العراقية” وهي كتلة مؤلفة من تحالف الأطراف السنية في مجلس النواب العراقي، بيانا أعلنت فيه ان قادة هذا التحالف عقدا إجتماعا في منزل أسامة النجيفي (أحد قادة التحالف ورئيس ائتلاف متحدون) وقرروا تشكيل مجلس قيادي لـ 6 محافظات سنية وتنسيق المواقف بشأن إقليم سني.

ورغم ان مشروع الإقليم السني في العراق لديه مؤيدين في أوساط السنة العراقيين ويحظى بتأييد ودعم بعض الدول الإقليمية مثل السعودية لكن هناك عقبات كبيرة وعديدة لتحقيق هذا الهدف والأرضية ليست مهيأة لتنفيذ هذا المشروع وفي مجمل الأحوال لايمكن إعتبار هذا المشروع فكرة واقعية يمكن تطبيقها بل هو على الأرجح يندرج في إطار موقف سياسي لتهديد الحكومة العراقية وأخذ إمتيازات وإبتزاز بعض دول المنطقة.

العقبات التي تحول دون تشكيل إقليم سني

– عوائق إيديولوجية

ان القوى السنية السياسية الناشطة في العراق لديها إنتماءات فكرية مختلفة مثل الإسلاميين والقوميين والعلمانيين والبعثيين وان الخلافات العقائدية القوية تحول دون وحدة هؤلاء من أجل متابعة تحقيق أهدافهم السياسية، وفي داخل الإسلاميين ايضا هناك تيارات إخوانية وتكفيرية متعددة يقوم بعض منها حتى بتكفير التيارات السنية.

– الخلافات السياسية

لا توجد بين السنة العرب العراقيين مرجعية دينية ومركزية سياسية تستطيع قيادة معظم فئات هذا المجتمع السني فيما تعيش الأحزاب والشخصيات والأحلاف المتعددة تنافسا وخلافات بينهم.

ان النزاع الأخير بين الاحزاب السنية الرئيسية والذي تمثل في الصدام الحاصل بين وزير الدفاع العراقي ورئيس مجلس النواب وبعض نواب الاحزاب السنية كان في الحقيقة نزاعا سنيا سنيا، ففي هذا النزاع كان وزير الدفاع مدعوما من قبل ائتلاف متحدون برئاسة اسامة النجيفي فيما كان رئيس البرلمان سليم الجبوري مدعوما من الحزب الإسلامي العراقي ونواب آخرون يمثلون أطرافا سنية أخرى.

– الموقع الجغرافي

ان المناطق والمحافظات السنية أي نينوى والأنبار وصلاح الدين متصلة ببعضها البعض لكن مسافات شاسعة تفصل بين الاماكن المأهولة بالسكان فيها ولا تحظى أي منها بأفضلية جغرافية أو مركزية جغرافية قياسا مع الباقين ولايمكن انتخاب أي واحدة من هذه المناطق كعاصمة للإقليم الفيدرالي المزعوم كما تفصل محافظة ديالى مسافات بعيدة عن باقي المحافظات التي ذكرناها.

– الإختلافات التاريخية والثقافية والإجتماعية

هناك إختلافات تاريخية وثقافية وإجتماعية كبيرة بين المحافظات السنية، فالموصل تعتبر نفسها المدينة الثانية في البلاد و”رأس العراق” وتفاخر بتاريخها الطويل وثقافتها الخاصة بها، ان الموصل كانت في بعض الفترات عاصمة للسلالات الحاكمة لكن في المقابل هناك محافظة الأنبار التي تعتبر محافظة عشائرية يعيش فيها عشائر عربية قديمة ولايمكن انتخاب أي واحدة من هاتين المحافظتين كمركز للإقليم السني وتفضيلها على الأخرى.

– التداخل الجغرافي في المناطق السنية وغير السنية

هناك تداخل جغرافي كبير بين المناطق التي يسكنها السنة والشيعة والأكراد والتركمان ولايمكن رسم الحدود التي تفصل الإقليم السني عن باقي مناطق العراق من دون حدوث نزوح مليوني للسكان، فمدن تلعفر في محافظة نينوى وبلد والدجيل في محافظة صلاح الدين هي مدن شيعية كما يعيش عدد كبير من أهل السنة في محافظتي بغداد والبصرة.

– الخلاف حول محافظات بغداد وديالى وكركوك

يعتبر السنة ان 6 محافظات عراقية هي تابعة لهم لكن الواقع في محافظات بغداد وديالى وكركوك هو شيء آخر وان الشيعة والاكراد والتركمان يصرون ان قسما من هذه المحافظات تعود لهم وإذا أصر السنة على تشكيل إقليم سني فينبغي عليهم ان يكتفوا بمحافظة الانبار واجزاء من محافظتي صلاح الدين ونينوى.

– عدم وجود الإكتفاء الذاتي الإقتصادي

ان الموارد الإقتصادية الرئيسية للعراق (النفط والمنافذ البحرية والتجارة والزراعة) تقع في المناطق الشيعية وان الإقليم السني هو محتاج بشكل كبير الى ميزانية الحكومة المركزية لتأمين حاجات شعبه وإدارة شؤون الحكومة.

– الإحتياجات الأمنية

لاتوجد لدى السنة قوات مسلحة ومؤسسة عسكرية أو أمنية قوية لإدارة الشؤون الأمنية وان الحشد العشائري السني يعتبر قوة صغيرة ومحدودة الحجم.

– التجربة غير الناجحة للإقليم الكردي

بعد مضي عدة سنوات من عمر الإقليم الكردي تواجه هذه المنطقة الآن العديد من المشاكل والأزمات الداخلية السياسية والإقتصادية ولاتحظى بقبول في الخارج ولايمكن ان يشكل أنموذجا مناسبا لباقي المناطق.

دور تنظيم داعش الإرهابي

ان داعش الآن يذوق الهزيمة على يد الشيعة والحكومة العراقية وداعميها لكن إذا أصبحت المناطق السنية مفصولة فداعش سيطل برأسه من جديد في تلك المناطق.

وفي الخلاصة يمكن القول ان الأرضية غير متوفرة في العراق لتشكيل إقليم مناطقي وطائفي سني وان أية جهة داخلية أو خارجية تريد تطبيق هذا النموذج لاتعيش الواقعية، فسقف المطالب السنية في هذا المجال يمكن ان يكون منحهم صلاحيات على مستوى المحافظات في محافظتي الموصل والأنبار وذلك في إطار عراق موحد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق