التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, مايو 2, 2024

انفصال “فتح الشام” عن القاعدة .. حرب نفسية أم حقيقة؟ 

بعد ان ظهر المدعو ابو محمد الجولاني على الشاشات مؤخرا معلنا تغيير اسم جبهة النصرة الارهابية الى جبهة فتح الشام بادرت وسائل اعلام الجماعات الارهابية وكذلك الاعلام الامريكي والدولي الى القاء شبهة بأن جبهة النصرة انفصلت عن القاعدة لضمان عدم استهدافها في الغارات الروسية وغارات التحالف الامريكي، لكن الامعان في معاني بيان الانفصال ودلالاته وكذلك المجريات الميدانية على الارض السورية تظهر ان الحقيقة هي شيء آخر.

لقد تجاهلت وسائل الاعلام هذه، بيان احمد حسن ابي الخير (الممثل العام لأيمن الظواهري) والذي نشرته القسم الاعلامي للقاعدة قبل ظهور الجولاني على الشاشات، وقد قال ابي الخير انه نظرا للغارات الجوية التي كانت تستهدف اماكن الانتشار المشترك لجبهة النصرة والجيش الحر فإن كل الأدوات باتت مشروعة “للدفاع” وان ادارة المناطق التي تقع تحت سيطرة “المجاهدين” ستكون تحت اشراف “المحاكم والهيئات الشرعية”.

واضاف مساعد الظواهري ان المهام في الوقت الراهن هي تحويل “جهاد” النخب الى “جهاد الأمة” وهذا يتطلب تعبئة المنظمات والجماعات، ومن ثم بث مساعد الظواهري تسجيلا للظواهري نفسه يدعو فيه الجماعات المسلحة الى رص الصفوف امام الشيعة والايرانيين وروسيا والصين والصليبيين، حسب تعبيره.

الانتقال من نصرة اهل الشام الى فتح الشام

بعد بث رسالة ابي الخير بثت جبهة النصرة تسجيلا ظهر فيه الجولاني لأول مرة وقرأ بيانا جاء عطفا على رسالة ابي الخير وايمن الظواهري، وقال الجولاني في بيانه انه سيلتزم بتأكيدات الظواهري لحذف المسافات بين جبهة النصرة وباقي الجماعات المسلحة وتشكيل مجلس موحد للجماعات المسلحة وادعى انه سيسعى الى تخفيف معاناة اهل الشام الذين يتم قصفهم بذريعة وجود جبهة النصرة المنتمية لتنظيم القاعدة، وحينها اعلن الجولاني تشكيل جبهة جديدة باسم جبهة فتح الشام وقال انها لاترتبط بأية جهة خارجية.

رغم هذه الدعايات الاعلامية والتمويه في البيانات الصادرة عن القاعدة وجبهة النصرة يجب التأكيد ان ابي الخير والظواهري لم يذكرا شيئا عن انفصال النصرة من القاعدة، كما ان كلام الجولاني الغامض حول عدم ارتباط جبهة فتح الشام مع اي طرف خارجي لم يتطرق ابدا الى الخروج عن بيعة ايمن الظواهري في وقت يعتبر تحالف جيش الفتح الذي تقوده جبهة فتح الشام (ويضم ايضا الحركة الاسلامية في تركستان الشرقية وامارة القوقاز في الشام) تحالفا يدين بالولاء والبيعة للظواهري، كما يلعب الشيخ عبدالله المحسيني (ممثل تنظيم القاعدة السعودي في الشام) دورا اساسيا في جيش الفتح وهكذا يمكن القول بالفم الملآن انه رغم ذر الرماد في العيون فإن جيش فتح الشام لم يعلن انفصاله عن القاعدة لا في الكلام ولا في الميدان حيث لم يفصل بين مسلحيه السوريين وعناصره الاجانب.

ان لعبة الاعلانات والرسائل والفيديوهات التي قام بها هؤلاء تظهر بأنهم استشعروا خطرا قريبا يهددهم في الساحة السورية فظهور الجولاني كاشفا عن وجهه يثبت ان القاعدة نزلت بكامل قوتها الى المعركة السورية وان تغيير الاسم الى فتح الشام هو رسالة لرفع المعنويات من خلال القول انهم يريدون السيطرة على كل الاراضي السورية بعد ان كانوا يدّعون بأنهم يريدون مساعدة اهالي سوريا وقد رأينا كيف نزل هؤلاء الى معركة حلب التي سمّوها معركة لفك الحصار عن مدينة حلب.

الحقائق

في وقت يسعى فيه جيش الفتح الى الدخول الى مدينة حلب من جهة الجنوب فإن البيانات الصادرة عن الجماعات المسلحة تفيد ان “احرار الشام” هي الجماعة الوحيدة التي قالت أنها تصدّق انفصال فتح الشام عن القاعدة، واضافة الى ذلك تظهر بيانات الجماعات المسلحة انها تسعى فيما بينها لتشكيل دولة في المناطق التي تسيطر عليها في شمال غربي سوريا لكن تحقيق هذا الهدف مع وجود جماعة يندرج اسمها ضمن قائمة الجماعات الارهابية المرتبطة بالقاعدة يبدو صعبا امام اعين الاوساط الدولية.

ويبدو ان تصريحات جون كيري بعد لقائه الاخير مع سيرغي لافروف قبل 3 اسابيع من الان تشير الى ان تواجد القاعدة في اراضي شاسعة من محافظات شمال غرب سوريا لايمكن تفسيره، فكيري الذي اذعن بأن واشنطن تدعم الجماعات المسلحة في سوريا اعترف بأن ان هذه الجماعات تتعاون مع جبهة النصرة لأن النصرة تحارب نظام الأسد، وفي نفس الوقت لم يعتبر كيري قتال النصرة لنظام الاسد سببا للتغاضي عن ارهابية هذا التنظيم وقال يجب ايجاد حل لهذه القضية.

وحسب المعطيات المتوفرة الان فإن محور المقاومة يواجه قضيتين اساسيتين في جبهة شمال غرب سوريا، أولهما الجبهة الموحدة التي شكلتها الجماعات الارهابية الان بوضع خلافاتها الايديولوجية مع القاعدة جانبا والاستعداد لشن الهجوم، وثانيهما الخلافات التي يمكن ان تنشب بين الجماعات المسلحة نفسها حول فتح الشام وعلاقاتها مع القاعدة اذا استطاعت هذه الجماعة ان تسيطر على شمال غربي سوريا وخاصة حلب، فقسم من هذه الجماعات يريد تشكيل دولة سورية جديدة على هذه الاراضي وقسم آخر يريد تشكيل امارة اسلامية فيها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق