التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 4, 2024

هل ستكسب اوروبا صبغة المانية بعد خروج بريطانيا؟ 

الاستفتاء البريطاني للخروج من الاتحاد الاوروبي المسماة “بركسيت” والذي ادى لخروج لندن من الاتحاد كانت له ابعاد سياسية واقتصادية ينبغي التأمل فيها.

ان للبركسيت أهمية وتأثير على باقي الانتخابات والاستفتاءات في الدول الاوروبية وامريكا فإذا عاشت بريطانيا ظروفا افضل بعد الخروج من الاتحاد الاوروبي فذلك سيؤدي الى تحسين مكانة وقدرات الاحزاب اليمينية المتطرفة في الانتخابات القادمة في المناطق المختلفة.

المعطيات المتوفرة حول هذا الحدث المهم (بركسيت) تفيد ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وجه ضربة قوية الى الاقتصاد البريطاني كما تسبب بانهيار الهيكلية السياسية في هذا البلد فبعد ان كانت بريطانيا قد رسمت لنفسها صورة مستقبلية اقتصادية وسياسية باتت تواجه افقا مظلما وغامضا.

ورغم ان التخمينات تقول بأن عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ستستغرق حوالي 7 سنوات لكن عدم تحديد تاريخ معلوم لعملية الانفصال هذه ادخل الكثير من العلاقات السياسية والاقتصادية لبريطانيا في الغيبوبة والمجهول.

لقد هبطت قيمة الجنية الاسترليني الى ادنى مستوى لها ولم تفلح وعود ضخ الجنيه الاسترليني الى الاسواق في احياء الآمال.

وكانت المانيا وفرنسا وبريطانيا تعتبر انفسها الدول الثلاث الكبرى في اوروبا وبمثابة محرّك للقارة الخضراء لكن الان فإن تنحي واحدة من هذه الدول ستكون له اضرار.

بعد انفصال بريطانيا عن اوروبا تقع الثقل على المانيا وفرنسا ويعتقد الخبراء ان العبء الاكبر يقع على كاهل المانيا وبعبارة اخرى ستكسب القارة الاوروبية صبغة المانية ما يرفع من قدرات المانيا الاقتصادية والسياسية في اوروبا.

حينما اصبح الاستفتاء البريطاني امرا جديا كتبت مجلة شبيغل الالمانية الشهرية في احدى افتتاحياتها كلاما موجها الى البريطانيين وقالت “نرجوكم لا تنفصلوا”، وكانت هذه الجملة رد فعل من قبل الالمان على الاستفتاء البريطاني لأن المانيا كانت تعتبر بركسيت كارثة كبيرة على بريطانيا واوروبا.

ورغم هذا فإن الانزعاج الالماني من خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي هو محل تساؤل، ففي الوقت الذي تعاني فيه اوروبا من ازمة اقتصادية فإن خروج دولة لا تتبع العملة الاوروبية الموحدة لايمكن ان يثير القلق.

لقد فقد الالمان شريكا تجاريا مؤيدا للسوق الحرة في الاتحاد الاوروبي وفي غياب بريطانيا ستتولى ادارة اوروبا دول تؤمن بقوة الحكومات واعادة توزيع الثروات وليس السوق الحرة، وفي الوقت نفسه يمكن القول ان المانيا هي البلد الاوروبي الوحيد الذي يفضل رؤية اتحاد اوروبي ضعيف على رؤية اتحاد اوروبي قوي.

ويقول الخبراء ان عملة اليورو كانت ستنهار لولا وجود المانيا في الاتحاد الاوروبي، ان هذه العملة تسمح لهذا البلد ان تكون له صادرات رخيصة جدا قياسا مع الفترة التي كانت عملته المارك الالماني، ان المانيا تواصل نموها الاقتصادي في تعاملاتها مع شركائها مثل امريكا وان نسبة نموها افضل بكثير من باقي الدول الاوروبية وتحديدا فرنسا وايطاليا اللتين تريدان العودة الى عملتي الفرنك والليرة.

ويعتقد الخبراء ان هيمنة المانيا على الاتحاد الاوروبي تعني ان برلين استطاعت فتح اوروبا من دون شن حرب، وبعبارة اخرى ان الانضمام الى اوروبا يعني الانضمام الى الامبراطورية الالمانية.

اذا كان الالمان حقا غير راضين عن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي واذا كانوا لايرغبون بخروج دولة اخرى من دائرة اليورو فعليهم ان يجروا بعض التعديلات في سياساتهم لكن الآن يقوم المسؤولون السياسيون والاقتصاديون الالمان بتوجيه الانتقادات للآخرين بدلا من تحمل مسؤولياتهم.

ان الالمان يعارضون صرف اموال اكبر على الاتحاد الاوروبي ويعارضون ايضا السياسة المالية للبنك المركزي الاوروبي لايجاد موارد مالية كما يقفون ضد خروج الدول من الاتحاد الاوروبي وهكذا يزيدون الضغط على النظام المالي الاوروبي في وقت تعاني اوروبا من ركود اقتصادي.

ومن جهة اخرى تفيد المعطيات ان 70 الف الماني سيفقدون وظائفهم بعد بركسيت فالاحصائيات تشير إلى ان بريطانيا كانت ثالث سوق للاقتصاد الالماني في العام الماضي، وفي الوقت الراهن تمتلك 2500 شركة المانية مكاتب في بريطانيا وتقدر قيمة اسهم هذه الشركات 130 مليار يورو كما يعمل 400 الف موظف في هذه الشركات.

وقد اعلنت البورصة الالمانية هبوطا حادا في قيمة اسهمها بعد ساعات من اعلان نتائج الاستفتاء البريطاني كما قال مسؤولو غرفة التجارة والصناعة الالمانية ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي اثرت سلبا على الشركات الالمانية وان السبب الاساسي لذلك هو تراجع قيمة الجنية الاستريني امام اليورو.

ومن نتائج بركسيت ايضا يمكن الاشارة الى ازدياد التضخم وارتفاع سعر السلع الالمانية في بريطانيا وهذا يزيد الضغط على المواطنين البريطانيين الذين يريدون سد حاجاتهم.

وتشير شركات الضمان في تقاريرها ان المصدرين الالمان سيمنون بخسائر قدرها 6 مليارات و800 مليون يورو حتى عام 2019 فقطاع تصدير السيارت الالمانية سيخسر ملياري يورو وقطاع المنتجات الكيمياوية سيخسر 1.1 مليار يورو وقطاع صناعة السيارات مليار يورو.

واخيرا يجب القول ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي قد اضعف كافة القوى والجهات التي كانت تعمل من اجل انسجام الاتحاد الاوروبي لكنه عزز قوة الالمان.

وقد كان رأي السياسية الفرنسية الشهيرة “مارين لوبن” صائبا جدا حينما قالت في ديسمبر الماضي “اذا صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي فأهمية هذا الامر هي مثل انهيار جدار برلين في عام 1989″، ان بركسيت هو حدث هام في تاريخ اوروبا وهناك من يسميه منذ الان “انهيارا” وليس دمجا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق