التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, مايو 2, 2024

نظرة على الإستفتاء البريطاني.. الخوف والأمل في المعادلة بين لندن وبروكسل 

يقرر البريطانيون اليوم عبر صناديق الإقتراع مصير واحد من أهم الأحداث السياسية والإجتماعية لبلادهم المتعلقة بخروجها أو بقائها في الإتحاد الأوروبي.

وهذا الإستفتاء التاريخي الذي يشهد منافسة شديدة والذي من شأنه أن يحسم مستقبل البلاد ومستقبل الإتحاد الأوروبي قد تسبب بمواجهات بين حزب المحافظين الحاكم في لندن والمسؤولين في بروكسل والتي وصل بعضها إلى حد التوتر والمشادات اللفظية بين الجانبين.

وتباينت مواقف البريطانيين بخصوص خروج بلادهم من الإتحاد الأوروبي، وشكّلت قضايا الهجرة والإقتصاد والسيادة أهم مظاهر هذا الخلاف، حيث يرى أنصار الخروج أن لندن ستقوّي سيادتها وتستعيد عافيتها الإقتصادية والسياسية، في حين ينفي رافضو الإبتعاد عن أوروبا ذلك، ويؤكدون أن مشاكل حقيقية تنتظر البلاد في حال كان الإستفتاء لصالح الإنفصال.

وبعد حملة قوية تمحورت حول الهجرة والإزدهار الإقتصادي، سجل عدد قياسي من السكان بلغ 46.5 ملايين شخصاً أسماءهم للمشاركة في الإستفتاء. ومن المقرر أن تعلن النتائج الأولية في ساعات الصباح الأولى من يوم غد الجمعة وفق التوقعات.

وأظهر إستطلاعان للرأي نشرا الأربعاء تقدماً طفيفاً لمعسكر مؤيدي خروج البلاد، إلاّ أن إستطلاعاً ثالثاً أشار إلى تقدم معسكر البقاء، مما يزيد من الغموض. بموازاة ذلك يتوقع الكثير من المراقبين بأن التصويت لصالح بقاء بريطانيا في الإتحاد الأوروبي هو الذي سيفوز في نهاية المطاف.

ورغم إعتقاد بعض المراقبين في السابق بأن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع لعدة أسباب لا مجال لذكرها هنا، إلاّ أن ما حصل من توتر مؤخراً بين رئيس الوزراء البريطاني “ديفيد كاميرون” وأعضاء في الإتحاد الأوروبي جعل هؤلاء المراقبين يعيدون النظر في هذا التقييم ويميلون رويداً رويداً إلى الإعتقاد بأن إنفصال بريطانيا عن الإتحاد الأوروبي بات أمراً ممكناً.

ومن البديهي القول بأن كاميرون يدرك جيداً حجم التحديات التي ستواجه المملكة المتحدة التي تضم (إنجلترا وأسكتلندا وويلز وإيرلندا)* في حال إنفصلت عن الإتحاد الأوروبي. ومن بين هذه التحديات محاولات كل من أسكتلندا وإيرلندا للإنفصال عن بريطانيا لوجود دوافع قومية وأيديولوجية تدعوهم للميل لإتخاذ مثل هذا القرار، ما يعني أن بريطانيا ستواجه خطر التقسيم في المستقبل في حال حصل هذا الأمر.

ويجب أن لا ننسى أن أسكتلندا المؤيدة للإتحاد الأوروبي أجرت العام الماضي إستفتاءً حول إنفصالها عن بريطانيا الأمر الذي أثار غضب ديفيد كاميرون وجعله يتهجم على المسؤولين الأسكتلنديين، ووصل به الحال إلى حد إطلاق الشتائم وتوجيه التهم والتهديدات إلى هؤلاء المسؤولين.

لهذا يمكن القول بأن الأرضية باتت مهيأة في أسكتلندا للإنفصال عن بريطانيا، وهذا الأمر يتعلق إلى حد بعيد بنتيجة إستفتاء اليوم بشأن إنفصال بريطانيا عن الإتحاد الأوروبي.

والتحدي الذي يواجه البريطانيين لا يستهان به، خصوصاً وإن جميع القادة الأوروبيين قد تدخلوا لدعوتهم إلى البقاء، لأن خروج بلادهم يمكن أن يؤدي إلى تفكك الإتحاد الأوروبي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن جميع المؤسسات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية كانت قد حذرت من أن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي سيؤدي إلى عواقب سلبية على المدى البعيد، علاوة على التبعات الإقتصادية الفورية على البلاد، ومن بينها التقلبات القوية في الأسواق وإحتمال إنهيار الجنيه الإسترليني. كما إن خروج البلاد من الإتحاد الأوروبي يمكن أن يؤدي إلى إضطرابات سياسية.

ويؤيد حزب العمال المعارض في بريطانيا والقوميون الأسكتلنديون البقاء في الاتحاد الأوروبي، وكذلك حي الأعمال “ذي سيتي” في لندن الذي يريد الإحتفاظ بمكانته كمدخل للشركات الأجنبية إلى الإتحاد الأوروبي.

في المعسكر المنافس يقود رئيس بلدية لندن السابق “بوريس جونسون” المحافظين المشككين بأوروبا، مبشراً البريطانيين بأيام أفضل بعد إستعادة “الإستقلال” والتحرر من توجيهات الإتحاد الأوروبي وبأنهم سيستعيدون السلطة على قوانينهم وقدراتهم المالية وحدودهم وبالتالي السيطرة على تداعيات الهجرة.

وكانت الحكومة البريطانية قد قدمت رسمياً في 27 مايو/أيار 2015 إلى البرلمان مشروع القانون الذي يفصل آليات الإستفتاء على بقاء البلاد عضواً في الإتحاد.

وبعد إقرار المشروع في البرلمان في العاشر من يونيو/حزيران 2015 بأغلبية ساحقة، تم تعيين يوم 23 يونيو/حزيران 2016 موعداً لتنظيمه. وهي المرة الأولى منذ 41 عاماً التي يتاح فيها للشعب البريطاني أن يقول كلمته في هذا الشأن، إذ نُظم الإستفتاء الأول على إنتماء بريطانيا إلى الكتلة الأوروبية عام 1975.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق