التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مايو 17, 2024

الفلوجة ملتقى الوحدة الشيعية والسنيّة 

يعتقد المراقبون بأن إنجازاً آخر قد تحقق للعراقيين من خلال عمليات تحرير الفلوجة التي إنطلقت قبل نحو أسبوعين بأمر من رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة “حيدر العبادي”، وتمثل هذا الإنجاز بتحول هذه المدينة إلى ملتقى للتعبير عن وحدة كافة أطياف الشعب العراقي خصوصاً بين السنّة والشيعة.

وتحظى الفلوجة ذات الأغلبية السنيّة بأهمية خاصة لقربها من العاصمة العراقية، حيث لا تبعد عنها سوى 60 كلم تقريباً، وقد أحتلت من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي في شتاء عام 2014 وتحولت إلى قاعدة رئيسية للجماعات الإرهابية لتنفيذ هجمات دموية ضد الشعب العراقي ومؤسساته الحكومية والمدنية لاسيّما في بغداد.

ويمكن القول بأن عمليات تحرير الفلوجة من العناصر الإرهابية تحظى بأهمية إستثنائية لاتقل عن عمليات تحرير الموصل التي أحتلت هي الأخرى من قبل الجماعات الإرهابية في 10/6/2014 ولازالت تحت الإحتلال.

ومن الأمور الجديرة بالإهتمام في عمليات الفلوجة مشاركة أبناء العشائر السنيّة إلى جانب القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي. وهذا الأمر يمثل في الحقيقة إنجازاً مهماً وكبيراً لأنه يعبر في الواقع عن وحدة الشعب العراقي بكافة أطيافه رغم محاولات بعض الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية إلى بث الفرقة بين العراقيين والعزف على وتر الطائفية لتمزيق وحدة هذا الشعب.

وطبقاً لما أعلنته قيادة الحشد الشعبي وصل عدد المتطوعين من أهل السنّة للمشاركة في تحرير المناطق المحتلة من قبل “داعش” إلى أكثر من 20 ألف مقاتل بينهم حوالي 10 آلاف يشاركون الآن في عمليات تحرير الفلوحة.

وبعثت هذه العمليات البهجة والفرح في نفوس العراقيين بكل طوائفهم ومذاهبهم، لكنها أثارت في الوقت نفسه قلق الأطراف الداعمة للجماعات الإرهابية داخلياً وإقليمياً ودولياً وفي مقدمتهم قطر والسعودية. فقد عبّرت القيادات السعودية والقطرية ووسائل الإعلام المرتبطة بهم عن قلقهم ولمرّات عديدة إزاء عمليات تحرير الفلوجة منذ بداية إنطلاقها بسبب مشاركة الحشد الشعبي وعدد من المستشارين الإيرانيين في هذه العمليات، لأنهم يعتقدون بأن تحرير الفلوجة سيشكل هزيمة ساحقة ومرّة لهم وللإرهابيين على حد سواء.

وسعت الماكينة الإعلامية لهذه الأطراف كقناتي “العربية” و “الحدث” المدعومتين من قبل السعودية لتشويه الحقائق المرتبطة بعمليات الفلوجة في مسعى منها لتخفيف ثقل الهزيمة التي حلّت بالتنظيمات الإرهابية، وذلك من خلال إثارة النعرات الطائفية والتحريض ضد الحشد الشعبي وإتهامه بإتهامات باطلة.

وردّاً على ذلك ذهب قبل يومين وفد يمثل العشائر السنيّة من محافظة الأنبار إلى مقر قيادة العمليات المشتركة لتحرير الفلوجة للتأكيد على ضرورة مواصلة هذه العمليات حتى تحرير المدينة بالكامل من الجماعات الإرهابية، كما شددوا على أهمية مشاركة الحشد الشعبي في هذه العمليات.

وأكد أحد شيوخ عشائر الأنبار بأن الحشد الشعبي يمثل جميع العراقيين وتشارك فيه كافة مكونات الشعب العراقي من الشيعة والسنّة والمسيحيين ومن جميع القوميات العربية والكردية والتركمانية وسائر الأقليات الدينية والإجتماعية.

وأشار الشيخ “فیصل العسّاف” إلى أن الكثير من المقاتلين السنّة يشاركون ضمن تشكيلات الحشد الشعبي لتحرير مناطقهم من الجماعات الإرهابية، واصفاً التهم التي تُوجّه للحشد على أنه حشد طائفي بأنها بعيدة عن الواقع وتمثل أهانة لجميع أطياف الشعب العراقي.

في هذه الأثناء قدّم رئيس علماء المسلمين في العراق الشيخ “خالد الملا” الشكر والتقدير لقيادة الحشد الشعبي على تعاملهم الإنساني مع العوائل النازحة من الفلوجة، مشدداً على أن هذا التعامل قد عكس الصورة المشرقة لأبناء القوات الأمنية وقوات الحشد التي أرادت تشويهها بعض وسائل الإعلام المغرضة وغير الوطنية التي تمثل أجندات أجنبية.

وأظهرت الكثير من اللقطات التي بثتها العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية دخول حافلات محمّلة بالمساعدات الإنسانية والأغذية لأهالي المناطق المحيطة بالفلوجة فور تحريرها من قبل الحشد الشعبي وباقي القوات العراقية.

ويحظى الحشد الشعبي بتأييد سائر المكونات الإجتماعية العراقية وقياداتها الدينية والسياسية الوطنية التي تدرك جيداً أهمية الدور الذي يلعبه الحشد في التصدي للجماعات الإرهابية، وتدرك أيضاً حجم المؤامرة التي تسعى لإجهاض هذا الدور خدمةً للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة. وقد وصفت المرجعية الدينية في النجف الأشرف مقاتلي الحشد الشعبي بأنهم أحبتها، معبرة عن إعتزازها ومباهاتها بتضحياتهم ودمائهم في سبيل حفظ أمن الوطن ووحدة أراضيه.

وقد أثبتت التجارب الكثيرة والإنتصارات الكبيرة التي حققها الحشد بأنه يمثل صمام الأمان لحفظ أمن وإستقرار العراق إلى جانب القوات المسلحة العراقية وأبناء العشائر الغيارى الذين هبّوا للدفاع عن وطنهم تحت راية العراق.

وتجدر الإشارة إلى أن عمليات تحرير الفلوجة تحظى بأهمية إستراتيجية لأنها ستمهد الأرضية لتحرير مدن أخرى في مقدمتها الموصل شمال العاصمة بغداد. وتعد الموصل ثاني أكبر محافظة عراقية من حيث عدد السكان والنمو الإقتصادي.

وتكتسب الفلوجة أهمية أخرى كونها تقع على الطريق الرئيسي الواصل بين العراق والأردن. وهو طريق إستراتيجي ومهم من الناحيتين العسكرية والإقتصادية. كما تمثل الفلوجة نقطة إلتقاء بين بغداد ومدن عراقية كبيرة أخرى بينها الرمادي مركز محافظة الأنبار، وتتفرع منها أيضاً طرق مواصلات بإتجاه محافظات صلاح الدين والموصل شمالاً، ومحافظات الفرات الأوسط كبابل والنجف الأشرف وكربلاء المقدسة جنوباً. وبالتالي فإن تحرير الفلوجة سيحقّق الأمن لبغداد والمحافظات القريبة منها ويجعلها مستقرّة.

جدير بالذكر إن الفلوجة والموصل ومدن عراقية أخرى كانت قد أحتلت من قبل العناصر الإرهابية بسبب خيانة فلول حزب البعث المنحل والعناصر الفاسدة في بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق