التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 5, 2024

هكذا تعود السعودية لحجمها: ليس أكثر من طرفٍ تجاري 

تعيش الرياض حالةً من القلق الكبير، لا سيما على الصعيد الإقتصادي والمالي. فالحروب التي انهكتها وأدخلتها في حالة إستنزافٍ طويلة ليس فقط على الصعيد السياسي والعسكري بل المالي والإقتصادي، قد تكون سبباً في الشعور السعودي بالخطر. فيما يبدو أن المشاكل في علاقة الرياض بواشنطن، تنعكس في كافة المجالات، خسارةً للسعودية. وهي التي باتت تترقب قرار أمريكا تجاهها فيما يخص أحداث 11 أيلول. لا سيما بعد أن صوت الكونغرس على قرارٍ يدعم معاقبة الرياض كمتهمةٍ في الأحداث، ويُنتظر تصويت مجلس النواب. فيما ظهر الى العلن محاولاتٌ غربية الى جانب بعض الدول، لإستغلال الموقف، وجذب الأموال السعودية. فماذا في القلق السعودي؟ وما هي دلالات ذلك؟

تعمل السعودية لدراسة الإنعكاسات السلبية على استثماراتها في الخارج، في حال محاكمتها من قبل أمريکا، بتهمة دعم هجمات 11 أيلول والتي خلَّفت مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص. وهو الأمر الذي صوَّت عليه مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، حيث تم الوصول الى قرار يسمح بمحاكمة الرياض لدورها غير المحدد حتى الآن في هذه الإعتداءات الإرهابية. فيما يُنتظر تصويت مجلس النواب على القانون.

وهنا فإن الأمور تختلف بالنسبة للمسؤولين السعوديين، والذين يتخوفون من انعكاس ذلك على مستقبل السعودية، خصوصاً في ظل الأزمات المالية المتراكمة، وعدم القدرة على الخروج من الإعتماد على الإقتصاد النفطي، ولو حالياً. فيما تجد الرياض نفسها أمام مستقبلٍ ماليٍ غامض، حيث يتخوف المسؤولون السعوديون من المستقبل، لا سيما فيما يخص العلاقة بواشنطن وآثارها العالمية.

فمن جهة، لا يحمل المرشح الجمهوري دونالد ترامب الكثير من الود للرياض ويطالب دائماً بإعادة النظر في العلاقات معها. ومن جهة أخرى، يؤيد المرشحان الديمقراطيان بيرني ساندرز وهيلاري كلينتون كل قرار يهدف الى الكشف عن الحقيقة الكاملة لتفجيرات 11 أيلول، بما فيها رفع الحصانة عن دولة مثل السعودية. ولو أن البعض يضع هذه التصريحات أو المواقف في خانة الدعاية الإنتخابية، فإن التوجهات التنفيذية للسياسة الأمريكية، لا سيما فيما يخص الملفات الخارجية والعلاقة بالرياض، تدلُّ على وجود فتورٍ يميل الى جعل السعودية جزءاً من الضحية التي يمكن أن تقدمها واشنطن في السياسة العالمية. كما أن العمل على الترويج للرياض كمُتهمٍ أساسيٍ في أحداث 11 أيلول، سيكون بنتائجه مؤثراً على السوق المالية الإقليمية والعالمية للسعودية.

وأمام ارتفاع جدية الإجراءات الأمريكية التشريعية في مجلس الشيوخ والتقدم في التحقيق وانتظار الكشف عن الصفحات الـ 28 التي يُفترض أنها تورط الرياض بالدليل، تراجعت التهديدات السعودية بسحب أموالها من الأسواق الأمريكية. في المقابل بدأت دراسة جدية تتحدث عن الإنعكاسات السلبية على استثمارات السعودية في حال تعرضها للمحاكمة.

وهناك تقديرات أمريكية تتحدث عن تعويضاتٍ ستصل الى مئات الملايين من الدولارات في حالة حكم محكمة أمريكية بتورط السعودية. في حين سيتم استخلاص هذه التعويضات من الإستثمارات السعودية الموجودة في السوق الأمريكية مباشرة.

ويجري الحديث عن أنه لن يقتصر الخطر فقط على التعويضات لعائلات ضحايا الإعتداءات الإرهابية، بل قد يمتد أيضاً الى جميع المتضررين من سقوط برجي التجارة، الذين توقفت أعمالهم ومشاريعهم. وإذا قبل القضاء الأمريكي مطالب المتضررين، فإن السعودية ستكون وقتها أمام سيناريو مرعب، كما يقول مراقبون.

وهنا يستغل بعض المراقبين للحدث، بالتحديد أطرافٌ دولية، هذه الظروف في محاولةٍ للإستفادة من مأزق الرياض وجذب استثماراتها عبر اغرائها بأسواقٍ آمنة. ولعل ذلك ينطبق على ما تقوم به مكاتب استشارات دولية ومسؤولون سابقون، خصوصاً في فرنسا وبريطانيا، لمعرفة كيفية حماية الإستثمارات السعودية في الخارج من أي غرامة خيالية قد تصدر عن القضاء الأمريكي بسبب أحداث 11 أيلول. حيث يجري الحديث في صالونات باريس عن رغبة الرياض، نقل جزء من استثماراتها من السعودية الى دول غربية والشرق مثل فرنسا وألمانيا بل وحتى الصين والهند، وهي تعتبر من الأسواق القليلة في العالم، القادرة على استيعاب مبالغ مالية كبيرة، وذلك لتحميها من أي ملاحقة قضائية أمريكية. فيما تتميز الدول الأربع وخاصة الصين بحماية الإستثمارات الخارجية للدول.

إذن تعيش الرياض، كطرفٍ يُستغل على مرِّ التاريخ، بالطريقة التي تتناسب مع مصالح الدول. فأمريكا تسعى اليوم للترويج لأن السعودية متورطة، من أجل الإستفادة من ذلك على الصعيدين السياسي والإقتصادي. وهنا لسنا نقول إن الرياض بعيدة عن التورط في الإرهاب، لكن تساؤلاتٍ كبيرة تُطرح عن توقيت ذلك. فيما تتعاطى بعض الدول وتحديداً فرنسا وألمانيا، مع السعودية كطرفٍ تجاري لا أكثر، يمكن الإستفادة منه اقتصادياً.

لم تعد السعودية دولةً قادرةً على لعب دورٍ مركزي، بسبب إنعدام حيثيتها في عالم السياسة الخارجية اليوم. بل إن الخلافات بينها وبين أمريكا، الى جانب وضعها المتأزم مالياً، جعلها رهينة الأحداث الداخلية والخارجية. أحداثٌ ستُعيد لها حجمها الطبيعي الذي لا يتخطى كونها بلداً يطمع فيه الغرب لقدراته النفطية. أما اليوم، فعالم النفط أصبح في سقوطٍ تدريجي، وسيُقفل بعد مدة ملف النفط في العالم. وتصبح معه السعودية دولةً في خبر كان. فيما يحاول البعض اليوم، تقسيم أموال الرياض والإستفادة منها. لتعود السعودية لحجمها الطبيعي، ليس أكثر من طرفٍ تجاري.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق