التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أبريل 28, 2024

فلسطين وتمادي الإحتلال: مساعٍ لضم الضفة في ظل صمتٍ دولي وتخاذلٍ عربي 

تعيش القضية الفلسطينية تهديداً يتجاوز خطر الوجود، ليمتد الى خطر التغيير الجذري للجغرافيا السياسية للداخل الفلسطيني. فالتوجه الجديد والذي تسعى له تل أبيب، بضم الضفة الغربية الى الكيان الإسرائيلي، يعني مزيداً من استباحة السيادة الفلسطينية، وخطراً على الأمن القومي العربي والإسلامي. ولعل المشكلة تكمن اليوم، في حجم التخاذل العربي لا سيما السعودي، في الإرتماء في الأحضان الإسرائيلية. وهو الأمر الذي يجعل الواقع سهلاً أمام تعديات الكيان الإسرائيلي، في ظل عالمٍ متخاذلٍ يرتهن للسياسة الأمريكية. فماذا في التوجه الإسرائيلي الجديد؟ وكيف يمكن مواجهته؟

التوجه الإسرائيلي الجديد

تستمر الحكومة الإسرائيلية، في خطواتها المتطرفة، الرامية للقضاء على ما يُسمى خيار حل الدولتين، وضم مستوطنات الضفة الغربية إلى الكيان الإسرائيلي، واستباحة السيادة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بشكل يضرب بعرض الحائط كافة القوانين والإعترافات الدولية بحق الشعب الفلسطيني الطبيعي بهذه الأراضي. وتسعى الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو جاهدةً، إلى فرض المزيد من القوانين العنصرية الظالمة، والتي تسلب الحق من أيدي الفلسطينيين، أمام مرأى ومسمع عالم متخاذل ومنحاز تماماً للسياسة الأمريكية، الحاضنة للمشروع الصهيوني. لكن ما هو جديد اليوم، يتعلق بأن الكيان الإسرائيلي سيتجه لإقرار قانون جديد، من خلال تمريره على “الكنيست”، ويهدف لضم مدن الضفة الغربية المحتلة إلى مدن الكيان، مما يساهم في إمكانية تطبيق القانون الإسرائيلي على مستوطنيها الذين يعيشون على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تحليلٌ ودلالات

عدة أمور يمكن الوقوف عندها، نتيجة السياسة الإسرائيلية الجائرة بحق الشعب الفلسطيني، نسردها كما يلي:

إن محاولة ضم الضفة الغربية إلى القانون الإسرائيلي، وإنفاذ هذا القانون على مستوطنات الضفة، يُعد تجاوزاً لكافة الأعراف الدولية، وتمادياً في الإعتداء على السيادة الفلسطينية على الضفة، ومحاولةً لفرض واقعٍ جديد يُعزِّز التواجد الإستيطاني، بضم المستوطنات إلى الكيان الإسرائيلي. وبالتالي فإن هذا المشروع، يمثل استكمالاً لمخططات الدولة العبرية التي تقوم أساساً على الإستيطان، والذي بدونه تختفي هذه الدولة، مستفيداً من الوضع الدولي المتواطئ والعربي المتخاذل.
لذلك يمكن اعتبار تطبيق القانون الإسرائيلي على مستوطنات الضفة الغربية، نهايةً لما يُسمى مشروع حل الدولتين، كما أنه يؤكد على حقيقة النوايا الإسرائيلية أمام العالم أجمع، وهدف حكومة الكيان الإسرائيلي الإعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني، عبر قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح توسيع المستوطنات وتمددها، وهذا جميعه يضع الوجود الفلسطيني في خطر حقيقي.
من جهةٍ أخرى، فإن المزاعم الإسرائيلية الرامية لإقناع العالم بأن حكومة الكيان تسعى لشراكةٍ مع الحكومة الفلسطينية من أجل الوصول الى تسوية، هي مزاعم واهية، وغير صادقة، وهو الأمر الذي يجب أن يراه العالم والمجتمع الدولي. حيث أن الطرف الإسرائيلي، وفي ظل وجود ضغوطاتٍ غربية عليه، يحاول دائماً الظهور بمظهر الساعي للسلام. فيما تُبرز قراراته الجديدة، حقيقة مساعيه التي تنتهك القانون الدولي.
كما يجب الإلتفات الى أن قرار الضم هذا، من شأنه أن يمنح الكيان الإسرائيلي حريةً أكبر في الإعتداء على الحقوق الفلسطينية، الأمر الذي يجعل الكيان قادراً على فرض اجراءاتٍ تعسفية بحق الفلسطينيين، واعتبارهم دخلاء في أرضهم. الأمر الذي يعرضهم لرفع سياسة الإبتزاز بحقهم، أمام عالمٍ لا ينادي بحقوقهم، ودولٍ عربية متخاذلة.
أما فيما يخص الناحية القانونية، فلا يحق للكيان الإسرائيلي اتخاذ هكذا قرار، لأن قرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة، ونصوص اتفاقية جنيف الرابعة، تعتبر أن جميع القوانين والقرارات التي تصدر من الكيان الإسرائيلي على الأراضي المحتلة عام 67 والخاصةً بالقدس باطلة بقوة القانون.
المواقف المطلوبة

يُمثِّل التوجه الإسرائيلي خطراً، يجب الحذر من تداعياته خصوصاً لما يعنيه على المستوى العملي. وهنا نشير للتالي:

إن السلوك الإسرائيلي يعكس حجم التراخي والتخاذل العربي والدولي تجاه القضية الفلسطينية. فلولا وجود هذا التخاذل، لما تجرأ الكيان الإسرائيلي على القيام بمخططه. وهو ما يعتبر نتيجة التنسيق العالي بين هذا الكيان وأنظمة عربية، لا سيما السعودية، والتي باتت تسعى لتسوية علاقتها بتل أبيب. مما يُهدِّد مستقبل الفلسطينيين، وهو ما تعتبر عملية ضم مدن الضفة الغربية، أولى تبعاته.
ولأن الموقف العربي المتخاذل، ليس في موقع الرهان، يجب على الشعوب العربية والإسلامية، أخذ المبادرة، تماشياً مع القرارات التي نتجت عن مؤتمر دعم الأقصى الأخير، والذي دعا لجعل القضية الفلسطينية همَّ الشعوب المسلمة، خصوصاً لأن ذلك، يساهم في تعزيز الوحدة الإسلامية، وترسيخ العداء المشترك للكيان الإسرائيلي. وهو ما تسعى بعض الدول العربية وتحديداً الخليجية، منعه، لتشتيت المسلمين.
إن مسألة الرضوخ والتهاون فيما يخص حقوق الشعب الفلسطيني، يمثل تهديداً للأمن القومي العربي والإسلامي. وهو ما يعني ضرورة الوقوف بوجه هذه التحديات، بطريقة تخرج عن التقليد المتعارف، والذي يقتصر على بيان إدانة. بل يجب المضي قدماً في مشروع دعم الفلسطينيين بالسلاح، لا سيما فلسطينيي الضفة.
إن ردود الفعل الفلسطينية الرسمية، يجب أن تتجاوز بيان استياء من تصرفات الكيان الإسرائيلي، ويُنهي حالة التواطؤ الحاصلة تجاه القضية الفلسطينية. حيث يجب قطع ما يُسمى مفاوضات السلام، والرهان على المقاومة كخيارٍ وحيد للشعب الفلسطيني. وهو ما أثبتته التجربة التاريخية، والأحداث الجارية حالياً.
إذن، لا خيار سوى المقاومة. فالتوجه للحلول السلمية كما يسعى البعض، لن ينفع. كما أن السعي للتناغم والتنسيق مع الكيان الإسرائيلي من قبل الدول الخليجية ومصر، سيجعل الأمن القومي العربي والإسلامي مهدداً بشكل كبير. فهناك علاقةٌ بين توجيه البوصلة نحو القدس، والوحدة العربية والإسلامية. فيما يجب المسارعة للعمل على منع أي إجراءٍ يضر بالجغرافيا السياسية لفلسطين. لكن يبقى التخاذل العربي والصمت الدولي، اسبابٌ تساهم في تمادي الإحتلال.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق