التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 11, 2024

حلب : الهدنة سقطت … فتى تبدأ مرحلة التحرير 

الصورة تتحدث عن نفسها، أُنظروا إلى مدى قساوتها، إنّها لسكان مدينة حلب السورية، أطفال أبرياء نساء ثكالا و عجّز يبكون. هي مجزرة بكل معنى الكلمة، مجزرة تذكر السوريين بهجوم المغول و التتار في مثل هذه الأيام على المدينة منكلين و مجزرين بأهلها. يوم الثالث والعشرون من نيسان/ أبريل كان البداية، حيث عبرت آلاف قذائف الموت المتساقطة على أحياء حلب السكنية، ظن الجميع أنه سيناريو قذائف الهاون المعتاد، خرق بسيط لهدنة وقف إطلاق النار المترنحة أصلاً لكن التصور كان خاطئاً. الخرق البسيط دخل أسبوعه الثاني على التولي حيث تشير أخر الاحصائيات عن استشهاد أكثر من مئة شهيد و أكثر من 600 جريح حتى ساعة كتابة هذا المقال. و لعل السؤال الوحيد الذي يراود الجميع الأن و في هذه اللحظات لماذا حلب الآن و لماذا هذه الحملة الاعلامية على المدينة المنكوبة؟

حلب أو الشهباء، هي عاصمة الاقتصاد السوري و قلب صناعتها، منذ اندلاع الأزمة الى اليوم تقلبت الأحوال في حلب كثيراً، تمت السيطرة على كل ريفها و على أكثر من ثلثي الأحياء المدينة فيها. حوصرت ففتح الجيش و حلفائه طريقاً بديلاً، تعرضت للقصف فعزز الجيش السوري مواقعه مستهدقاً مواقع المسلحين حتى اكتمل العديد و العتاد ووضعت الخطط فانطلقت عملية استعادة حلب و أريافها. فتم دحر الارهابيين و محاصرتهم داخل أجزاء من مدينة حلب بعد أن استعاد الجيش السيطرة على أريافها. توقفت الأعمال العسكرية من الطرفين الى أن عادت صواريخ و قذائف الارهابيين الى استهداف المدنيين، و كما يقولون العين بالعين و البادي أظلم، فمتى تبدأ المعركة الحقيقية؟

ان قمنا برصد الاعلام الداعم للمجموعات المسلحة نرى أن حلب تسيطر عليه من بابه الى محرابه، حيث لا تكل هذه المحطات من التحدث عن مدينة حلب، هذا الصخب الاعلامى على المدينة المنكوبة يرى فيه البعض اعلان هزيمة قبل بدء المعركة، المعركة التي بدأت في تدمر و القريتين و التي حقق فيهم الجيش السوري هزيمة كبيرة للمسلحين. انتصار الجيش السوري في تدمر و في القريتين قلب الموازين على طاولة المفاوضات في جنيف مما دفع “المعارضة” (جيش الاسلام، أحرار الشام..) الى الانسحاب من المفاوضات و اعلان فتح جميع الجبهات في سوريا بوجه الجيش السوري المنتشي بانتصاراته الأخيرة.

و كما يقولون العين بالعين و السن بالسن و البادیء أظلم، و بما أن المسلحین قد أعلنوا فتح الجبهات بوجه الجيش السوري العربي، غصة وسائل الاعلام المقاوم عن الكمين المحكم الذي نفذته مجموعة من الجيش السوري و حلفائه حيث قتل ما بين 250 و 300 مسلح كانوا يحاولون التسلل الى حلب و فرض حصار عليها و تنفيذ الخطة الأمريكية-السعودية باحتلال حلب لتكون بمقابل تدمر في المفاوضات التالية. كان هذا المشهد بمثابة خنجر دق صدر الارهابيين و داعميهم، حيث أخذوا يطلقون قذائفهم و صواريخهم عشوائياً و يستهدفون الأطفال و النساء و العجز في حلب، الى أن بلغ عدد الصواريخ المطلقة منذ أكثر من 10 أيام ألفين صاروخ. يطلقون الصواريخ من هنا، و يطلقون كميراتهم الاعلامية من هناك واهمين أن الجيش السوري هو من يطلق القذائف و يقتل المدنيين و ذلك لايقاف الجيش السوري عن التحضير لمعركة حلب تحت عنوان الانسانية، و لكي تفرض أمريكا وقفاً للعمليات العسكرية في منطقة حلب حتى تحمي جبهة النصرة الغير المشمولة في وقف العمليات، و منع الجيش العربي السوري مستقبلا من متابعة معركته في حلب لتطهيرها.

وتعود أهمية حلب الاستراتجية و سعي المسلحين الى السيطرة عليها الى الأسباب التالية:

1- ما يجري في حلب غداً سيشكل مستقبل العالم، وسيرسم خطوط الحل السياسي في سوريا.

2- حلب هي رمز صمود الجيش السوري وتعد عاصمة الشمال الصناعية السورية، وسيكون لسقوطها أثر كبير على معنويات الجيش السوري وحلفائه.

3- الخشية من نجاح الجيش السوري وحلفائه في إطباق الطوق، وتحويل أحياء حلب الشرقيّة إلى مُعتقل كبير للجماعات الارهابية، على نحو مماثل لما حدث في حمص سابقاً.

4- إن البلدة تحمل أهمية رمزية كبيرة أيضا، فهي ثاني أكبر المدن السورية، وقد كانت أكبر المراكز الاقتصادية في البلاد قبل أن يتم تدميرها بفعل الحرب.

5- حلب هي أحد معقلين كبيرين للمعارضة على الحدود الشمالية مع تركيا، والمعقل الآخر هو إدلب، وتعتمد المعارضة في الشمال بشكل كبير على تأمين المساعدات والإمدادات عبر تركيا إلى حلب وإدلب من خلال معبري باب السلامة وباب الهوى. وفي حال تمكن الجيش السوري و حلفائه من السيطرة على حلب ، سيقطع بالتالي طريق الإمدادات في حلب فلا يبقى للمعارضة سوى طريق إدلب للحصول على الإمدادات.

6- يمثل سقوط حلب، إضافة إلى كونه نكسة استراتيجية للارهابيين، انتكاسة معنوية كبيرة خاصة بعد الخسائر المتتالية خلال الأسابيع الماضية في اللاذقية ودرعا وحمص وريفها لصالح قوات الجيش السوري.

ختاماً، يقول يوسف و هو تاجر حلبي، “يا أخي خلص خسرنا كلشي، بيوتنا تدمرت، مصانعنا سرقت، والموتة وحدة والرب واحد”. عبارة لعلها تختصر المشهد الحلبي بالكامل. اليوم، ينتظر الجميع ساعة الصفر لبدء معركة حلب، لذلك يدرك الجميع أهميتها وتاثيرها على المفاوضات، لا سيما وأنها ستفتح الطريق أمام التحرك لاحقا نحو دير الزور، وبين النفي والتأكيد، تدور في الأفق معركة حلب الاستراتيجية، وما الخطوات التي تُتخذ على أكثر من اتجاه، إلا تكتيكية في إطار معادلة “حلب .. بين الهدنة وساعة الصفر”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق